عجبًا لأمةٍ استنهضها أهل الحق لمعركة الجهاد المقدس والفتح الموعود، استجابةً لدعوة الله وانتصارًا للمستضعفين في غزة وفلسطين، وإيمانًا بوعود الله في آيات القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فقابلت دعوة الله ووعود الله بالإنكار والجحود! 

ثم ما لبثت تتربص بأولياء الله وأهل الحق المجاهدين في سبيل الله، وتكيد لهم كيدًا، وتتآمر عليهم ليلًا ونهارًا، وتستهدفهم بعملائها ومرتزقتها وجواسيسها، استجابةً للجبت والطاغوت وقطعان اليهود. 

ولولا فضل الله ورحمته وتأييده ومعونته لأوليائه وعباده الصالحين، لما كان ذلك الإسناد اللامحدود، ولتحول ذلك الصمود الأسطوري إلى جمود، وتلك الحشود المليونية الأسبوعية إلى خمود. 

فما بال أمة الملياري مسلم تستمع لتصريحات قادة الكيان الغاصب، وهم يعلنون صراحةً وأمام العالم بحلم "مملكة إسرائيل الكبرى"، وكأنهم كبني صهيون يجحدون بآيات الله في القرآن ويؤمنون بخرافات وخزعبلات التلمود؟   وليس ذلك وحسب، بل يرونهم بأم أعينهم يسعون بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق حلم "مملكة إسرائيل الكبرى"، فيقابلون تلك الغطرسة الصهيونية بالصمت والقعود؟ 

فالسيطرة الكاملة على الضفة "وعد إلهي" – كما يزعم أحفاد القردة والخنازير ناقضو المواثيق والعهود!  وما وهم مشروع (حل الدولتين) إلا خدعة مارسها العدو على المنبطحين له طمعًا في سلام زائف أوصل الواهمين إلى طريق مسدود. 

وكيف يكون ما يسعى إليه زعماء صهيون وعدًا إلهيًا وقد ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله؟! 

وبينما يحدث كل ذلك، فلا تزال أمة الإسلام شعوبًا وحكامًا وعلماء ومثقفين يدسون رؤوسهم في التراب، ويستغشون ثيابهم، ويجعلون أصابعهم في آذانهم، فلا يحركون ساكنًا اتجاه ما يحدث. فلا تسمع لهم إلا همسًا وإداناتٍ خجولة لا ترقى إلى مستوى الكارثة التي حلت بالأمة، ولا إلى مستوى ما ينبغي أن تكون عليه الردود. فأنى لهم نيل شرف المواجهة واتخاذ المواقف العظيمة المجلجلة المخرسة لكيان غاصب باغٍ حقود؟ 

ذلك بأنهم صمتوا على جرائم المحتل اللقيط اللعين في غزة والضفة، وعلى مدى عامين كاملين، وهم على ما يفعل عدو الله وعدوهم بالمؤمنين في غزة والضفة شهود!  فضلًا عن دعم وتمويل عدو الأمة من أموال نفط الأمة بالسلاح والعتاد الذي يقتل به أبناء الأمة في غزة وفلسطين وضفتها!  ناهيك عن تآمر بعض الحكام مع هذا الكيان اللقيط على تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى، منها جمهورية جنوب السودان! 

فيا أمة الخذلان والمذلة والهوان، إن لم تستفيقوا من غفلتكم، فإن هذا العدو اللعين لا يراكم إلا أعداءً، ويعتبركم في عقيدته التلمودية أحقر من الكلاب والخنازير! فاعتبروا يا أولي الألباب إن بقي لكم عقل به تتفكرون! 

إن إعلان هذا العدو الغاصب عن البدء بتنفيذ مخطط "مملكة إسرائيل الكبرى" يعد عدوانًا صارخًا وخطرًا وجوديًا يهدد كل دول وشعوب أمتنا العربية والإسلامية بلا استثناء.  والمؤكد أن ذلك المخطط لا يقف عند حدود، فمقدسات الأمة في مكة والمدينة تعد من أولوياته!  وإن من تخلى عن مقدسات الأمة في القدس والأقصى، حتمًا سيتخلى عن مقدسات الأمة في مكة والمدينة المنورة! . ومن تآمر مع العدو على التهجير، فسوف يأتي عليه الدور قريبًا، ولسوف يُهجَّرونهم رغمًا عن أنوفهم مكرهين!  ويومئذ لن ينفعهم تآمرهم وخيانتهم وخذلانهم لأمتهم، وسيئوبون بالخسران المبين. 

ولا شك أن العدو المجرم لم يعلن حلمه التلمودي في هذا الوقت تحديدًا إلا لأنه قد ضمن مساندتكم ودعمكم له في كل خطوة يخطوها لتحقيق حلمه المنشود! 

ولعل إصرار أوليائه من حكام الأمة ومن والاهم على القضاء على المقاومة ونزع سلاحها – الذي هو سلاح الأمة، وبه حافظ أولياء الله المقاومون على ما تبقى من شرف وكرامة وعزة للأمة كلها، وأوقف العدو الإسرائيلي عند حده فعجز عن تحقيق أحلامه وأطماعه – خير شاهد على ذلك. 

بيد أن كل المحاولات الرامية لنزع السلاح لا جدوى منها، وستبوء بالفشل. وسيظل السلاح مرفوعًا بأيدي المجاهدين الأبطال، وستظل اليد قابضة على الزناد حتى تحقيق النصر الموعود من الله سبحانه وتعالى. والعاقبة للمتقين، وبشر الصابرين.