سؤال كبير قد يتبادر إلى ذهن أي متابع: ما المشاريعُ الحقيقية لمرتزِقة العدوان السعوديّ الإماراتي في اليمن خلال العشر السنوات الماضية؟
وبتتبع بسيط، سنجد تناقضاتٍ ومتاهاتٍ كثيرةً، ومشاريعَ ضيّقة؛ ففي البداية كانوا كيانًا واحدًا في خدمة العدوان؛ مِن أجلِ تحقيق ما كانوا يطلقون عليه "إعادةَ الشرعية"، لكنهم سلكوا طريقًا وعرًا، وحماسهم الكبير للانقضاض على الأحرار في صنعاء كان يتبخر من يوم إلى آخر، حتى رأينا في نهاية المطاف "شرعيتَهم المزعومة" معتقلةً تحت الإقامة الجبرية في الرياض، وضاع "هادي" وشلَّته، وغابوا عن المشهد، وتم تنصيبُ "دنبوع" جديدٍ لهؤلاء المرتزِقة، سُمِّي ذات يوم في صنعاء بـ"صانع الإحداثيات"، والتنصيب هذا كان مخالفًا لكل الأُطُر القانونية والديمقراطية التي تتغنَّى بها الدول العظمى..
لا إشكالية؛ فالمشروع يصب في خدمتهم؛ فما حدث هو استبدال خائن بآخر، وهكذا هو الخزي والعار لكل عميل.
والواقع أن السعوديّ والإماراتي، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، لم يتركَا مناسبةً دون المساس بكرامة الخونة والمرتزِقة، وهؤلاء فتحوا لهما البلاد بطولها وعرضها، وصفّقوا للعدو وهو ينهب ثروات وخيرات البلاد،ويزجّ بالمواطنين الأبرياء في سجون سرية، ويقتلع أشجار دم الأخوين وينقلها إلى بلاده، وينهب الأحجار الكريمة، ويتحكم بطرق الملاحة البحرية، في ممارسات تشبه أي محتلّ على وجه الأرض، ومع ذلك ظل هؤلاء في إعلامِهم ومجالسهم واجتماعاتهم يتغنون بالمجرم ابن سلمان وابن زايد، ولا يرون لهم عدوًّا في الوجود سوى "الحوثي".
حتى في ذروة العدوان الصهيوني على قطاع غزة وارتكابه لأبشع جريمة إبادة، تبخَّرت مشاريعُ هؤلاء، وكأن السعوديّ ألقمهم حجارة؛ فلم يكن لهم موقف، ولا مساندة، ولا صوت، بعكس الأحرار في صنعاء "إخوان الصدق" الذين كانت مساندتهم لغزة فوق كُـلّ التوقعات.
والآن، تُضرَبُ الوَحدةُ في الصميم، وهي من أهم الثوابت الوطنية، ومع ذلك لا نجدُهم يتحمَّسون للدفاع عنها، بل يهربون من معسكراتهم كالفئران؛ فهم يتلقون الأوامر من الكفيل السعوديّ، ولا يستطيعون الخروج عن منهجه وفكره،فالمشاريع المخادعة لا تنتصر أبدًا، فأمَّا الزبد فيذهبُ جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، والآن لا تعويلَ في حماية الوحدة ومكتسباتها سوى على الأحرار في صنعاء.
نعود إلى مشروعهم الذي يتجدّد بين الفينة والأُخرى؛ فهؤلاء لا يتوقّفون عن الحديث والكشف عن أطماعهم في الوصول إلى صنعاء والسيطرة عليها، ويأملون أن تتحوَّلَ الخرافة إلى حقيقة، وهنا ننصحُ هؤلاء بالاستفادة من الأحداث الماضية؛ فصنعاء بعيدةٌ والرياض أقرب، وكل محاولة للأعداء لتكرار سيناريو الهجوم على صنعاء ستُقابَلُ بِـردٍّ ساحق؛ فالمشروع الوطني الوحدوي موجودٌ هنا في صنعاء، التي انتصرت لغزة وأذلّت الأمريكيين والصهاينة.
ولا يُلقِي الأحرار بالًا لهؤلاء، ومن لم يربِّه الزمنُ فصنعاء كفيلةٌ بتربيته.