ما المشترك بين التحرير الأول من العدو الإسرائيلي والتحرير الثاني من التكفيريين؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
ربما يكفي ما قدمه سماحة الأمين العام لحزب الله في خطابه بالأمس حول أوجه الشبه القوية بين التحرير من العدو الاسرائيلي والتحرير من العدو التكفيري، حيث دعا للتحضير للاحتفال بالتحرير الثاني كما احتفلنا دائما بالاول، ليعطي فكرة واضحة عن أهمية وقيمة ما حققه الجيش اللبناني ورجال المقاومة على طريق تحرير الأراضي اللبنانية من الجماعات التكفيرية، خاصة في ظل ما حظي ويحظى التحرير عام 2000 من رمزية في وجدان وفكر وتاريخ السيد حسن نصرالله واللبنانيين باغلبهم… (تقريبا).
من هنا، واستنادا لهذا التوصيف والتشبيه المثير للاهتمام ولهذه المقارنة الحساسة، يمكننا فهم الابعاد والاسباب والمرتكزات التي بنى عليها سيد المقاومة مقاربته هذه، على الشكل التالي:
في البعد السيادي
نتكلم من جهة عن تحرير أراضٍ لبنانية كانت محتلة من قبل عدو تكفيري في الجرود الشمالية الشرقية، ومن جهة أخرى نتكلم عن تحرير أراضٍ لبنانية كانت محتلة من قبل العدو الاسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي، وهذا التحرير يعتبر مشتركا وبامتياز على الصعيد الوطني وعلى صعيد استعادة لبنان (دولة وشعبا وجيشا ومقاومة) السيادة على كامل التراب اللبناني.
في البعد العسكري
صحيح ان جيش العدو الاسرائيلي يعتبر من الجيوش القوية اقليميا وحتى عالميا بامكانياته وبقدراته العسكرية المتطورة والفاعلة، حيث تميزت معارك التحرير بمواجهته بالصعوبة وبالشراسة وبالخطورة الحساسة، ولكن تبقى مواجهة الجماعات التكفيرية المتشددة من أخطر وأصعب المواجهات ايضا على الصعيد العسكري، وهي (هذه المجموعات) بالاضافة لكونها تملك امكانيات وقدرات مهمة في الاسلحة والتجهيزات العسكرية حصلت عليها من مصادر ليست بعيدة عن مصادر اسلحة العدو الاسرائيلي، اقله لناحية الاسلحة الفردية والمتوسطة، ولكنها ايضا تتميز بكونها تتفوق على عناصر جيش العدو الاسرائيلي بروحية القتال الفردي الشرسة، وايضا بالنزعة الانتحارية التي غالبا ما كانت نقطتها الرابحة في أغلب المواجهات التي ربحت بها.
في البعد الوطني الداخلي
لم يكن تداخل او تدخل المجموعات التكفيرية مع بعض الموتورين اللبنانيين وتقربهم منهم، لاسباب مادية او عقائدية او مذهبية رخيصة، اقل تأثيراً في المجتمع الداخلي اللبناني من تداخل العدو الاسرائيلي مع بعض العملاء سابقا في المناطق التي كان يحتلها قبل التحرير، وحيث يأتي تحرير المناطق اللبنانية من الجماعات التكفيرية اليوم ليقفل هذه البؤرة والثغرة الداخلية والتي غالبا ما كانت تشكل خطرا ليس ببسيطٍ على الوحدة والتماسك الداخليين، تماما كما قدم التحرير عام 2000 للداخل اللبناني من حصانة وطنية اقفلت جميع ابواب التشرذم والفتنة والتشكيك، وكما نحن اليوم نعيش رفعة وسمو وصدق الوحدة الوطنية على خلفية التحرير من العدو الاسرائيلي، نحن اليوم على الطريق لتقويتها وتحصينها وتمددها على خلفية التحرير من التكفيريين.
في البعد الاستراتيجي
تؤكد المعطيات والوقائع في الميدان وفي الاعلام وفي الديبلوماسية، ان معركة الارهابيين في المحيط وخاصة في سوريا ولبنان، ليست بعيدة عن معركة العدو الاسرائيلي في الاهداف وفي النظرة والتخطيط، وحيث كانت اهداف العدو الصهيوني قبل التحرير وخلاله وبعده، تصب دائما في اطار تثبيت الاحتلال وضرب السيادة واضعاف محور المقاومة وفك ترابطه الاستراتيجي فيما بين مكوناته كدول او كمجموعات وأحزاب، وشرذمة وتفتيت جميع من يقف بوجه مشاريعه للهيمنة والسيطرة وطمس وسلب الحقوق الاساسية في فلسطين وغيرها، فان اهداف الارهابيين (واهداف داعميهم من خلالهم) في كل من سوريا ولبنان وغيرها ايضا، ليست بعيدة عن تلك الاهداف الاسرائيلية، لا بل تتكامل معها في الضغط على الجيش اللبناني وعلى حزب الله ومواجهتهما لاضعافهما، وايضا في الضغط على الجيش العربي السوري ومحاولة اضعافه والنيل منه في سوريا بشكل عام وفي جنوبها على تخوم الجولان المحتل بشكل خاص.
طبعا انها معركة واحدة وبمواجهة عدو واحد، وحيث انتصرنا على العدو الاسرائيلي وحققنا التحرير عام 2000 من خلال معادلة ثلاثية تثبت قوتها وسحرها وقيمتها يوم بعد يوم، فاننا اليوم على ابواب الاحتفال بنصر آخر وبتحرير ثان من الجماعات الاتكفيرية الارهابية، وكما كان للوقفة الوطنية والقومية للدولة السورية دور مهم في رعاية وحماية مقومات التحرير عام 2000، فان هذه الوقفة اليوم للجيش العربي السوري في معركته ضد الارهاب الذي يمثل عدوا مشتركا نقاتله جميعا، ستكون حتما فاعلة ومنتجة واساسية في تثبيت وتحصين وحماية انتصارنا على العدو التكفيري في لبنان.