إضاءة على توجّه الاحتلال المشؤوم نحو أمريكا اللاتينية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
وضع نتنياهو أمريكا اللاتينية نصب عينيه في زيارة ستجعل من تمدد المشروع الصهيوني المشؤوم نحو منطقة غرب آسيا أقرب الى التحقق، ناهيك عن الهدف الرئيسي لهذه الزيارة المتمثل في تجنيد حلفاء لتل أبيب في المحافل الدولية.
تعمل اسرائيل على الدوام بهدف العثور على حلفاء مخلصين لها يؤيدون مساعيها في منظمة الأمم المتحدة. وكما نعلم أن تل أبيب باتت هدفا واضحا لقرارات المنظمة، لاسيما بسبب الإجراءات الجائرة التي ينتهجها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين على أراضيهم، وانتهاكه المتكرر لحقوق الانسان في الشرق الأوسط. وهذا هو في حقيقة الأمر القلق الذي يشغل بال الكيان، وهو ما دفعه للبحث عن موالين له يحصل على مباركتهم وتغطيتهم بين الأمم.
وكما ذكرنا آنفا يتجسّد الهدف الرئيسي لزيارة نتنياهو التي انطلقت يوم الاثنين الماضي الى دول أمريكا اللاتينية والتي تشمل كل من دولة “الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك وباراغواي”، بتنجيد حلفاء لبلاده استعدادا للمعارك الدبلوماسية في الأمم المتحدة، والبحث عن مشترين للأسلحة الصهيونية في السوق اللاتينية.
أضف الى ذلك أن حقيقة مايرمي إليه نتنياهو من هذه الجولة التي تعدّ الأولى لرئيس حكومة صهيوني منذ عشرات الأعوام يكمن في صرف الأنظار عن الفضائح وشبهات الفساد التي تلاحق أسرته، وما يؤكد صحّة ماقلناه هو خطاب نتنياهو الديماغوجي خلال جلسة الحكومة الأسبوعية للترويج إلى الجولة التي سيقوم بها إلى أمريكا اللاتينية، متذرعا بإحباط مشاريع ومؤامرات تحاك ضد بلاده في الخارج.
كما أن اتساع دائرة المتهمين بالفساد في صفقة الغواصات الألمانية التي من المقرر أن تشتريها اسرائيل والتحقيق مع شخصيات مقربة من الوزراء والحكومة، دفعت “ذو اليد القذرة” نتنياهو الى تسليط الضوء على مازعمه من وجود تهديدات أمنية داخلية وما وصفه بالإرهاب، وما تذرع به خلال جلسة الحكومة الأسبوعية بأن جهاز الأمن العام “الشاباك”، أحبط أكثر من 70 خلية إرهابية في الآونة الأخيرة.
إلا أن ما صرّح به رئيس الحكومة الاسرئيلي في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية لايمتّ بصلة بحقيقة زيارته المنكودة، حيث زعم قائلا أمام أعضاء مجلسه: سأزور الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك وسألتقي أيضا برئيس باراغواي، وستنضم إلي في الأرجنتين وفي المكسيك وفود أرسلتها شركات إسرائيلية بهدف تطوير العلاقات الاقتصادية بيننا وبين هاتين الدولتين، وأكمل تصريحه الضبابي قائلا: نقوم في أمريكا اللاتينية بما نقوم به في كل من آسيا وإفريقيا وأستراليا وأوروبا الشرقية وفي شرق البحر الأبيض المتوسط.
والمثير للسخرية مازعمه نتنياهو بشأن حقيقة زيارته بأنها ستعزز العلاقات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية بين أمريكا اللاتينية والكيان الاسرائيلي.
كما تذرّع رئيس الحكومة الصهيوني بأنه سيحضر في الأرجنتين مراسم إحياء ذكرى تفجير السفارة الإسرائيلية عام 1992 والمركز اليهودي هناك العام 1994، الأمر الذي كان واضحا كمراوغة من قبله للحصول على تأييد شعبي لزيارته في الداخل الاسرائيلي.
ولابد من الكشف عن أرقام مخزية تنتفع بها اسرائيل من دول أمريكا اللاتينية، حيث صدّرت تل أبيب أسلحة بقيمة بلغت 550 مليون دولار إلى أمريكا اللاتينية العام 2016، علاوة على أنها تبيع خبرتها في مجالات مثل التكنولوجيا المتطورة وتكنولوجيا المياه والزراعة لتلك الدول. وتوجد حوالي 150 شركة صهيونية تعمل في المكسيك، وأكثر من 100 شركة في كولومبيا، والعديد من الشركات في الارجنتين التي يضعها نتنياهو نصب عينيه خلال هذه الزيارة.
وينوي رئيس الحكومة الصهيوني أيضا أن يعرض على الرئيس المكسيكي مساعدات إسرائيلية في ترميم الأنقاض أو أي مساعدة أخرى جراء الزلزال الأخير الذي ضرب المكسيك، وذلك بهدف الحصول على أجندات تؤيد إجراءات الاحتلال في الأمم المتحدة.
وبعد زيارته للمكسيك سيتوجه “نتن ياهو” الى نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيجتمع بالرئيس المنفصم دونالد ترامب، كما ويدور الحديث عن إمكانية عقد قمة دولية بمبادرة ترامب يشارك بها نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك لبحث سبل التقدم بصفقة السلام الإقليمي التي يحركها البيت الأبيض، والتي ستمثل أفضل حل للكيان الاسرائيلي وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية على أراضيهم.
في نهاية المطاف لابد من التأكيد على أن ماتقوم به تل أبيب من حشد دولي لدعم انتهاكاتها داخل الأراضي الفلسطينية لاقى الفشل عدّة مرات، وستكون محاولات نتنياهو الراهنة “كسكب الماء في الغربال” لا أكثر، طالما كانت دول أمريكا اللاتينية تقف موقفا سلبيا من الكيان الصهيوني، ولا يزال ممثليها في الخارج يفصحون عن معارضتهم للاحتلال الاسرائيلي في فلسطين حتى الآن.