ماذا تحمل التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان؟

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||

شارل أبي نادر / العهد الاخباري

 

بالمبدأ، لا تخرج التهديدات الإسرائيلية الاخيرة للبنان ـ دولة وجيشاً ومقاومة ـ عن الحرب النفسية والضغوطات السياسية والديبلوماسية والاعلامية. وكانت لافتة تصريحات وزير الحرب الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان الأخيرة عن أن “الجيش اللبناني فقد استقلاليته وأصبح جزءا لا ينفصل عن تشكيل حزب الله”، ولكن لا شك أن هذه التصريحات تحمل ابعاداً ومعطيات مختلفة عن السابق، ما دفع مسؤولي العدو الى اطلاقها في هذه الفترة الحرجة إقليميّا ودوليا، والتي تمر بها المنطقة بشكل عام وسوريا ولبنان بشكل خاص.

 

بالأساس، لم يكن لبنان – الدولة والجيش – محيّدًا عن الاعتداءات الاسرائيلية السابقة، خاصة في اعتداء تموز/ يوليو الواسع عام 2006، فمعلومات وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان ضعيفة في هذا الاطار، اذ ان البنى التحتية اللبنانية قد استهدفت وبشكل واسع، والكثير من مراكز الجيش اللبناني قد تعرضت لاستهدافات مباشرة من القاذفات الجوية الاسرائيلية في تلك الحرب، وقد سقط للجيش اللبناني عدة شهداء من الضباط والافراد، كما أن أغلب مواقعه الحساسة وخاصة مواقع المراقبة البحرية على طول الساحل اللبناني قد تعرضت للاستهداف المباشر المتعمد حينها، خاصة بعد استهداف المقاومة للبارجة المعادية “ساعر” أمام شاطئ الاوزاعي.

طبعا، سبب هذه التصريحات والتهديدات العدوة ليس بعيدا عن نتيجة المعركة المفتوحة على الارهاب في المحيط وخاصة في سوريا ولبنان، والتي انتصر فيها الجيش اللبناني (في لبنان) ومحور المقاومة (في لبنان وسوريا) على الارهابيين وداعميهم، وذلك بشهادة الكثير من المراقبين والمسؤولين الدوليين والاقليميين ومنهم الاسرائيليون. فقد امتلك هذا المحور خلال هذه الحرب التي أوشكت على الانتهاء، بالاضافة الى الميدان والجغرافيا، النفوذ والخبرة والقدرة العسكرية والامنية، الامر الذي غيّر بالنسبة لـ”اسرائيل” مقومات المواجهة، وجعلها، وهي محقة طبعا، تعتبر ان عناصر هذه المواجهة قد تغيرت كثيرا عن السابق، وتستدعي تعديلا في المناورة وفي عناصر المواجهة، ويمكن تحديد هذه المتغيرات بما يلي:

 

ـ حاليا، يمكننا القول انه يوجد في لبنان غطاء سياسي رسمي صادق وثابت، يمثله رأس السلطة في الدولة، هو مقتنع ومؤيد وموجه لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، الامر الذي لم يكن موجودا في السابق وخاصة أثناء الانقسام السياسي أبان حرب تموز/ يوليو عام 2006 .

 

ـ اليوم هناك التزام من السلطة الرسمية بمتابعة دقيقة وصادقة لأي اعتداء اسرائيلي في المحافل الدولية حتى النهاية، وايضا الامر الذي لم يكن متوفرا سابقا لاسباب معروفة.

 

ـ الجيش اللبناني خلال حرب تموز 2006 لم يكن ينتشر على الحدود الجنوبية حيث حاولت “اسرائيل” تنفيذ اختراقاتها، بينما اليوم تنفذ وحداته انتشارا دفاعيا متماسكا، وهو قد اقام تحصينات ليست بسيطة وقادرة على تأمين الحد الادنى المطلوب من الحماية ومن القدرة على الدفاع، وطبعا تأخذ هذه التحصينات بعين الاعتبار التفوق الجوي لدى العدو.

 

ـ التنسيق اليوم بين الجيش والمقاومة أصبح أمتن وأوسع، والسبب أن هناك ميدان مدافعة مشتركا تقريبا، مع احترام كل طرف خصوصيات وطبيعة عمل وتواجد الطرف الاخر، كما ان المواجهة المشتركة للارهاب والتي كانت ناجحة بامتياز أمنيا وعسكريا، وخاصة في الجرود، ثبتت هذا التنسيق وأظهرت ضرورته لتأمين هامش واسع من الامن والامان للداخل اللبناني وعلى حدوده الشرقية من جهة والجنوبية بمواجهة العدو الاسرائيلي من جهة اخرى.

 

ـ خبرات حزب الله التي اكتسبها في معاركه الواسعة ضد الارهاب، والتي رفعت وبشكل لافت مستوى وحداته الخاصة ووحدات الاقتحام لديه، بالاضافة الى تمرسه وتجربته الحية في القتال بسلاح الهندسة وبالاسلحة الثقيلة كالدبابات والمدفعية والصواريخ، مضافة الى قدراته الغامضة بالنسبة لـ “اسرائيل” في الاسلحة الكاسرة للتوازن، جميع هذه القدرات التي اصبحت تميز قتال وحدات حزب الله جعلت من العدو يعتبر ان عناصر المواجهة قد تغيرت.

 

ـ سقوط القناع عن التواطؤ الواسع لـ”اسرائيل” في دعم الارهابيين الذين خسروا معركتهم بمواجهة محور المقاومة، الامر الذي يجعل من كل معركة او مواجهة ضد هؤلاء الارهابيين تدخل بطريقة مباشرة او غير مباشرة في خانة المواجهة ضد العدو الاسرائيلي.

 

لهذه الاسباب اعلاه، ولاسباب اخرى طبعا، تراها “اسرائيل” من منظارها الخاص والمتعلق بأمنها وبالصراع في الشرق، تدخل هذه التهديدات العدوة للبنان ولسوريا وللمقاومة، وحيث انها محقة في اعتبار انها بعد اليوم تواجه جبهة واحدة في شمال الاراضي المحتلة، اي بين جنوب لبنان وامتدادا الى الجنوب السوري وضمنا الجولان المحتل، فان هذه الجبهة الاخيرة مدعوة اليوم للتنسيق بشكل اوسع واعمق لتكوين كتلة متراصة، ميدانيا وامنيا وعسكريا وديبلوماسيا، لمواجهة التهديدات الجدية الاسرائيلية.

قد يعجبك ايضا