اعتقالات السعودية؛ مکافحة الفساد أم تهیؤ لنقل السلطة لبن سلمان
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت- في السعودية يوجد استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام، مستغلين نفوذهم في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه، هذه هي مبررات الملك سلمان بن عبد العزيز التي على إثرها أصدر أمرا ملكيا ليل البارحة أطاح بموجبه بكل من يمكن أن يقف في وجه وصول ابنه المدلل الأمير الشاب إلى سدة الحكم.
سلسلة الاعتقالات التي أصدرها الملك جاءت كالصاعقة محدثة زلزال داخل أسوار المملكة قاسمة الشارع بين مؤيد ومعارض، ومن يتمعن بأسماء الأمراء والوزراء الذين تم اعتقالهم يجد فيما لا يدعو للشك أن محمد بن سلمان يستخدم حربة الفساد لتصفية منافسيه والإطاحة بآخر ما تبقى من إرث الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز.
الاعتقالات التي صدرت بعد ساعات قليلة من إصدار أمر ملكي بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، شملت توقيف 18 أميرا “أعلن عن أسماء 11 منهم”، وأربعة وزراء حاليين، وعشرات من الوزراء والمسؤولين السابقين بتهم فساد، ومن بين أبرز الموقوفين، الأمير متعب بن عبدالله والذي يعد الحلقة الأقوى بعد محمد بن نايف بسبب رئاسته للحرس الوطني، وتم توجيه تهمة الفساد في صفقات السلاح له، وهذا أمر ضروري بالنسبة للأمير القادم إلى الكرسي الملكي لأنه يشكل حجرة عثرة أمام وصوله بسلام إلى سدة الحكم، ومن أبرز الأسماء الأخرى الموقوفة الأمير والملياردير المعروف الوليد بن طلال بن عبد العزيز، بتهمة غسيل الأموال، وكذلك رئيس مجموعة MBC التلفزيونية ورجل الأعمال البارز وليد الإبراهيم.
الأسباب
وهناك مجموعة من النقاط توضح أسباب الإعتقال واختيار هذه الأسماء بالتحديد:
أولاً: تعيين ولي العهد محمد بن سلمان رئيسا “للجنة العليا لمكافحة الفساد” من قبل والده، وكما يقول السعوديون بلهجتهم “ذا الحين اعرفنا السالفة”، هذا التعيين أتاح لـ “بن سلمان” أن يطيح بكل من يقف في وجه أحلامه وطموحاته أو ممكن أن يشكل له أي قلق قبل تنصيبه ملكا للسعودية، وبالتالي فإن هذه القرارات هي مقدمة طبيعية لوصوله إلى العرش بأسلس شكل ممكن.
ثانياً: الأسماء الثلاثة الموقوفة التي ذكرناها في الأعلى تعطي إشارات واضحة بأن بن سلمان يريد يحكم قبضته على أهم ثلاث مفاصل فاعلة ومؤثرة في المملكة” الإقتصاد، الجيش والإعلام”، وبحس مصدر مطلع فإن مجموعة الأمير محمد الإستثمارية تريد السيطرة على كل تفاصيل المشهد الإستثماري والإقتصادي عبر ملفات فساد يمكن ان تطارد كل المنافسين.
ثالثاً: هناك معلومات مؤكدة ومن مصدر موثوق تقول أن المعطيات التي ستحرك عمل اللجنة تمثل ملفات معلومات مفصلة حصل عليها جهاز أمني سري يعمل خلف الأضواء مع ولي العهد، وهو جهاز يتميز بالولاء للأمير الشاب ويجمع معلومات تخدم معركته، وبالتالي لن يدخر الأمير الشاب أي جهد في تصفية حسابات مع خصومه، خصوصا وأن بين الأسماء التي أحيلت رسميا للتحقيق في الوجبة الأولى بعض الشخصيات التي صنفت بأنها مستعصية أو في المعسكر المعادي لولي العهد الشاب.
النتائج
هذه الإجراءات السريعة والمفاجأة قد يتمخض عنها مجموعة من التداعيات ابتداءا من داخل المملكة وصولا إلى خارجها، لأن الأمير بن سلمان يعلب الآن مع الكبار وهذا الأمر قد يكلفه الكثير، وهذا الانقلاب الناعم الذي يمارسه قد ينعكس عليه بانقلاب خشن إذا بقي مستمرا في هذا النهج الإقصائي والتهميشي والعدواني في بعض الاحيان.
الضربة الأكبر التي قد يواجهها بن سلمان ستكون في الاقتصاد ومجال الاستثمار وما يفعله ولي العهد اليوم داخل مملكته سيبث الرعب في نفوس المستثمرين، كيف لا وقد تتطاول على أغنى رجال العالم الملياردير الشهير الوليد بن طلال والذي يملك استثمارات في أغلب دول العالم، وبالتالي فإن اعتقال الأمير بن طلال ورجال أعمال أخرون ستشكل ضربة قاضية لرؤية 2030 كونها ستجعل المستثمرين يترددون ألف وألف مرة قبل المغامرة في السوق السعوديّة، المهدّدة أساساً بسبب تهاوي أسعار النفط، وبهذا يكون بن سلمان بدء يجني على نفسه.
الاعتقالات الأخيرة فضلا عن الاعتقالات التي سبقتها بحق رجال دين ودعاة وإعلاميين، وسياسة بن سلما الخارجية وعدوانيته للعديد من الدول ستفتح عليه حربا لا يرغب بها لا بالداخل ولا بالخارج، وهو اليوم بحق في مواجهة داخلية مع أسلافه “فريق الملك عبدالله كالتويجري ومحمد بن نايف ومتعب” وحلفائه ” في اليمن تلك القوات التابعة للامارات وكذلك قطر التي كانت تعد حليف قوي للرياض قبل التهاوش على الصيدة السورية” وأعداءه في سوريا والعراق والبحرين وايران ولبنان.
في الختام؛ من الواضح أن بن سلمان يفصل المملكة السعودية على مقاس طموحاته، لكن هذه المقاسات قد تلبسه ثوباً أكبر من حجمه الطبيعي وتأخذه إلى مستنقع لايرغب بالوقوع فيه، وعندها لن يجد الوقت لطلب المساعدة من أحد، فالأعداء أصبحوا كثر في الداخل والخارج، وعلى مايبدو أن الداخل أصبح يغلي بما يضاهي الغليان الخارجي تجاه سياسة الأمير وأسلوبه بالتعاطي مع أبناء الشعب السعودي وأمراءه