هل تستجيب اسرائيل للسعودية في شن حرب على لبنان؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
شارل أبي نادر/ العهد الاخباري
من تابع مناورة المملكة العربية السعودية الاخيرة في موضوع احتجاز الرئيس سعد الحريري بعد استدعائه بطريقة الخداع، واجباره على تقديم استقالته مرفقة بهجوم لاذع على ايران وحزب الله، بشكل مخالف لكامل ادبياته السياسية، والتي طبعت فترة ادارته الاخيرة للعمل الحكومي بمشاركة حزب الله، يستطيع ان يعتبر ان المملكة المذكورة قد كسرت الجرة مع لبنان الرسمي، وان ازمة سياسية حادة نشأت بين البلدين.
كما ان من تابع مؤخرا التصريحات السعودية الرسمية، وتحليلات اعلامييها ومن يدور في فلكها، وتغريدات ناشطيها على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن له ان يستنتج ان حربها عليه واقعة لا محال، وان هذه الحرب لم يعد ينقصها الا انتشار الوحدات العسكرية، ووضع الصواريخ الباليستية السعودية بوضع الجهوزية العملانية، وتجهيز قاذفاتها المقاتلة في القواعد الجوية، في الاردن ربما او في قبرص، او ربما على بارجة اميركية في المتوسط بعد الاستعانة بها – لقاء بدل مادي طبعا -، وكل ذلك بانتظار الساعة صفر او ساعة انطلاق معركة تأديب لبنان وتحريره من حزب الله، واعادة الشقيق الاصغر”لبنان” الى فلك الاجماع العربي الخليجي “المتماسك بشكل منقطع النظير” …
لم يتأخر الوقت كثيرا ليظهر وبشكل واضح ان المملكة تتواصل مع اسرائيل بشكل جدي لكي تشن الاخيرة الحرب على لبنان، بحجة تدمير حزب الله وقدراته العسكرية، وما يؤكد ان هذه الاتصالات قد بلغت مرحلة متقدمة جدا، هو الاهتمام الاسرائيلي والغليان الواسع داخليا، من قبل رجال ووسائل الاعلام، وايضا من قبل سياسيين اسرائيليين ممن هم في السلطة، في ان هذه الحرب التي تطلبها المملكة العربية السعودية هي عمل قذر، وبان اسرائيل قد تجد نفسها في حرب ليست لها، وبان المملكة المذكورة تخطط لان تقاتل اسرائيل حزب الله في سوريا وفي لبنان حتى الجندي الاسرائيلي الاخير..
هذا في التمنيات السعودية التي لم يعد هناك اي شك بصحتها، ولكن هل تستجيب اسرائيل للحلم السعودي، مع انها في قرارة نفسها (اي اسرائيل)، ترغب بقوة في هذه الحرب وقد تكون من ضمن خياراتها الاستراتيجية الجدية حاليا؟ وما هي المعطيات الفعلية لحدوث هذه الحرب؟ وما يمكن ان تقدمه السعودية في هذه الحرب؟
ما يمكن ان تقدمه السعودية
لناحية تمويل هذه الحرب، فلا شك ان ذلك سيكون حتما على حساب المملكة، اذ انها بالمبدأ حربها التي ستكون بناء لطلبها وبهدف تحقيق اهدافها، واساسا تاريخ المملكة العربية السعودية ثابت في تمويل كافة حروب المنطقة، من الحرب بين العراق وايران سابقا ايام صدام حسين، الى الحروب على اليمن، الى الحرب على سوريا والعراق بواسطة داعش والقاعدة ومشتقاتها – على الاقل – وهي، وكأن اموالها، او الفائض من اموالها، بعد مصاريف امرائها وملوكها – خُلقت فقط لتمويل حروب دمار الدول العربية وقتل شعوبها.
لناحية التغطية الاعلامية والسياسية العربية والاقليمية والدولية، فالمملكة واجهزتها الاعلامية وابواقها المرتهنة جاهزة لتغطية هذه الحرب على خلفية “محاربة الارهاب المتمثل بحزب الله وبايران”، كما ان حضورها الديبلوماسي والرسمي جاهز لتوفير غطاء عربي وخليجي مؤمن حتما، عبر التهويل والتهديد والضغط المالي والاجتماعي على الرعايا العرب العاملين في المملكة، وعبر الضغط العائلي ربما – كما حدث مع الرئيس سعد الحريري من خلال احتجاز عائلته – وايضا تبقى ثغرة الاتفاق النووي مع ايران وتجاربها الصاروخية، كما يراها الرئيس الاميركي دونالد ترامب فقط، فرصة ناجحة وفعالة لتثبيت هذا الضغط الديبلوماسي، بعد ربطه بالصواريخ الايرانية في اليمن مع انصار الله وفي لبنان مع حزب الله – حسب الادعاءات السعودية والاسرائيلية طبعا.
لناحية المساهمة العسكرية من قبل المملكة العربية السعودية في هذه الحرب، فان هذا قد لا يكون مستحبا من قبل الاسرائيليين، والذين لن يسمحوا بادخال اي عامل عسكري غريب -وغير حائز على ثقتهم طبعا – في مناورتهم، والتي سوف تكون حتما مركزة وحساسة في مواجهة حزب الله، ولديهم اكثر من دليل على عدم الثقة هذه، على الاقل في الحرب التي تقودها المملكة على اليمن، والذين هم كاسرائيليين غير بعيدين عن قيادتها ومواكبتها، على الاقل ايضا، عبر معلومات الرصد الجوي وعبر بعض الطلعات الجوية الحساسة.
العناصر الفعلية لهذه الحرب
طبعا، من الممكن اعتبار ما ذكر اعلاه، حول ما تقدمه المملكة العربية السعودية في هذه الحرب المرتقبة، مهماً، ولكنه سوف يبقى بعيدا جدا عن المعطيات الحقيقية والفعلية التي تأخذها اسرائيل بعين الاعتبار عند صياغة قرار الحرب هذه، وهي سوف تذهب مباشرة لدراسة المعطيات العسكرية والاستراتيجية التي سوف تفرضها مناورتها، فيما لو اتخذت القرار بشن الحرب على لبنان وعلى حزب الله طبعا، وهذه المعطيات يمكن ان نلخصها بما يلي:
– المشكلة بالنسبة لاسرائيل ستكون بالغموض الذي يلف معلوماتها الاستعلامية عما يملك حزب الله من قدرات صاروخية بحرية، إذ قد يفاجئها بنوع متطور من صواريخ بر – بحر تقفل سواحلها بالكامل وتدمر قسما اساسيا من قدراتها البحرية العسكرية والاقتصادية.
– المشكلة ايضا بالنسبة لاسرائيل ستكون بالغموض في معطياتها الاستعلامية عن امكانية امتلاك حزب الله صواريخ ارض – جو فعالة متطورة، وايضا ربما يفاجئها بنوع متطور منها، يستهدف وبنجاح بنسبة ليست سهلة، عدداً من قاذفاتها الجوية، والتي تعول عليها دائما في اغلب معاركها المحدودة او حروبها الواسعة.
– المشكلة بالنسبة لاسرائيل ستكون ايضا في عدم ثقتها الكاملة بمنظومة القبة الحديدية، والتي سوف تعجز حتما عن فرض ستار كامل لصواريخ حزب الله، والتي، بالوصول الاكيد لنسبة ولو ضئيلة منها الى اهدافها الاستراتيجية، العسكرية والمدنية والاقتصادية والنووية، سيشكل ذلك كارثة كبيرة لن تستطيع اسرائيل تحملها او تجاوزها.
– المشكلة ايضا ستكون بما يتنتظر الجليل والمستوطنات الحدودية في فلسطين المحتلة من مفاجآت، في موضوع نجاح وحدات النخبة في حزب الله في اختراق تلك المواقع، وما يمكن ان يستتبع ذلك من أسر او من قتل عسكريين او مدنيين اسرائيليين، بالاضافة لضرب توازن الجبهة الداخلية اثناء المعركة بشكل خطر جدا.
هذه هي المعطيات الفعلية التي تأخذها اسرائيل بعين الاعتبار عند دراستها قرار الحرب على لبنان، وعلى حزب الله في سوريا وفي لبنان، وهي بالطبع لن تعير اي اهتمام لما تحلم به المملكة العربية السعودية، وقد تكون مقتنعة بعدم جدوى البحث في الطلب السعودي بتاتا ولكنها، ولاسباب خبيثة طبعا، تترك التكهنات في ذلك تأخذ مجراها، اولاً لِاغراق السعودية اكثر في مستنقع التشرذم العربي والاسلامي، وثانياً لِابقاء منسوب الضغط الديبلوماسي والسياسي بينها وبين لبنان وايران وحزب الله مرتفعا، وهي بالنهاية تخطط وتحضر لمعركتها كما تراها هي، وكما تفرضها المعطيات العسكرية والاستراتيجية التي تخلص اليها قياداتها واجهزتها الامنية والاستخباراتية والسياسية.