مراحل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد!
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالله سلام الحكيمي
لم يتوارَ مشروعُ الشرق الأوسط الجديد الذي رسمت معالمَه القوى الامبريالية الصهيونية العالمية، بل لا تزال مراحلُ تنفيذه تتوالى.
المرحلة الأولى بدأت عام ٢٠١١م وكان هدفُها خلخلةَ بُنيان الدولة الوطنية وتجريدها من سلاحها العسكري بتصفية الجيوش وأجهزة الأمن الوطنية وتفكيك وحدتها.
المرحلة الثانية إنشاء وتسليح وتدريب وتمويل مختلف الجماعات الإرهابية المتطرفة وجلب الإرهابيين من كُلّ أصقاع الأرض؛ لتدمير الدول العربية الرئيسية آلية العراق وسوريا وليبيا وأخيراً اليمن الذي كان نصيبُه عدواناً خارجياً مباشراً، وقد تولت دولة البترول في السعودية والخليج كاملَ أعباء ومتطلبات هذه المرحلة مالياً، بما في ذلك تمويل صفقات الأسلحة للإرهابيين في تلك البلدان المستهدَفة، وكان هدف القوى الامبريالية الصهيونية من هذه المرحلة تقسيمَ الدول العربية وإنهاء وجود الدولة الوطنية الواحدة، بخلق كيانات عِرْقية ومذهبية دينية فيها، وكان من أهداف هذه المرحلة أَيْضاً استنزافُ فوائض ثروات دول الخليج التي أوكل لها تمويل وتسليح متطلبات المرحلة لضعضعتها، تمهيداً لفكفكتها هي الأُخْـرَى لصالح المرحلة الثالثة القادمة وأثبتت كُلٌّ من السعودية والإمارات أنها تحظى بقدر لا بأس به من الغباء السياسي، فلم تدرك مغزى تعليق قوى الامبريالية الصهيونية لكليهما (شحمة اليمن) فظنوها وجبةً دسمةً سهلةَ الابتلاع، ولم يدركوا أن الهدف منها أن تكونَ خانقةً لهم حتى السقوط.
المرحلة الثالثة الدورُ التركي القادم حثيثاً ليكونَ بمثابة (المايسترو) الضابط والمنظم لإيقاعات إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط الجديد، بدأ التمهيد لهذه المرحلة بافتعال أَزْمَة غريبة من عدم بين قطر وأخواتها في مجلس التعاون الخليجي (السعودية- الإمارات- البحرين)، وهي أَزْمَة اختلقتها أمريكا اختلاقاً وضخّمتها ونفخت فيها نيراناً غيرَ محرقة؛ لتؤدي إلى استدعاء جيش تركي تموضع بقاعدة العديد، مستضافاً ممن سبقه بالتواجد هناك وهو حليفه الأمريكي!!، ثم ينطلق التوسع العسكري التركي سريعاً جِـدًّا لينشئ لجيشه قواعدَ عسكريةً في الصومال وجيبوتي وآخرها جزيرة ومدينة (سواكن) السودانية في منتصف الساحل الغربي للبحر الأحمر، والتي كانت قديماً مركَزَ قيادة للأسطول العثماني! وعلى مقربة من مكة والمدينة وغير بعيدة عن مصر يأتي هذا بعد رفع أمريكا للعقوبات على السودان! ومؤشرات تقاربه مع ايران وروسيا تماهياً مع النهج السياسي التركي وكمؤشر على تجاوُزِ لعبة الصراع السُّني الشيعي السخيف التي كانت من مهام المرحلة الثانية المشار إليها آنفاً والتي لم يتبقَّ على نهاية صلاحيتها سوى القليل لتدشِّنَ على أنقاضها الخربة مرحلة الدور التركي العضو المؤسس لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وصاحب العلاقات الجيدة مع الكيان الصهيوني والدولة التي تمزجُ في خليط بين العلمانية والإسلام يصادفُ لدى غرب العولمة الرأسمالية المتوحشة وغطائها اليمين الديني المسيحي المتطرف (المحافظين الجُدُد).
نقول هناك دورٌ تركي قادمٌ، ولا نقول بأن هناك محوراً تركياً قطرياً سودانياً، إضَافَةً إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين؛ لأن الدورَ المرسومَ هو لتركيا، بما تمثل.
أما الأطراف الأُخْـرَى الحالية أَوْ التي ستلحق، هي توابع أَوْ شوارد تسبحُ في مدارات حول المركز، والمفترَضُ أن تتخذَ هذه المرحلة معالمها وأهدافها المرسومة ببسط السيطرة الدينية على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، مع ما سيتم التوافقُ عليه لاحقاً حول القدس الشرقية، وكلا الأمرين ضروريان جِـدًّا لاكتساب مشروعية دينية للمرحلة الثالثة بقيادة تركيا الإسلامية السُّنية وليست الشيعية المجوسية الصفوية، كما كانت الشعارات المبتذلة للمرحلة الثانية المهيأة للرحيل والتواري!
والواقع أن هناك تفاصيلَ أُخْـرَى عديدةً، لكني لا أريدُ أن يُطيلَ الحديثَ أكثر مما قد طال فمعذرة.