التطبيع مع العدو ومحاولات خرق الساحات الوطنية..

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||  ذوالفقار ضاهر ” موقع المنار”

تفاعلت قضية مواجهة التطبيع مع العدو الاسرائيلي في لبنان ولاقت الكثير من ردود الفعل على خلفية عرض احد الافلام في دور السينما اللبنانية، ما أظهر انقساما لبنانيا حادا بخصوص مناهضة التطبيع مع العدو الاول للامة كلها، وما يثير الاستغراب حول مدى هذا الانقسام ليس فقط حول الفيلم نفسه الذي أشعل التناقضات ولا حول مخرجه ستيفن ستيلبيرغ المعروف بدعمه وتأييده لكيان العدو الصهيوني، بل هو مدى الانقسام على قضايا جوهرية واساسية تتعلق بالعدو والنظرة اليه ولاقامة العلاقات معه وتطبيعها.

 

الحرب الناعمة.. وأساليب العدو المتنوعة

 

فقد أظهرت الوقائع ان البعض في لبنان لا يحتاج الى كثير من الجهد كي يحرق المراحل وينسى ماذا فعل العدو الاسرائيلي في لبنان وفلسطين وباقي الدول والشعوب العربية، وكي لا يتم شمل كل الناس في خانة واحدة، يبدو ان هناك من يروج للتطبيع وهو يدرك ماذا يفعل ويقوم بذلك عن سابق معرفة وتخطيط وذلك لاسباب سياسية ومصالح معينة ونكاية ببعض الاطراف اللبنانية والجهات الاقليمية، بينما هناك البعض من دون قصد يفتح الباب امام امكانية توغل العدو من باب الحرب الناعمة او الحرب الثقافية انطلاقا من دفاعه عن الحريات العامة وحقوق التعبير وغيرها من العناوين الرنانة التي تدغدغ عقول ونفوس فئة من المواطنين والمثقفين والشباب، من دون ان يدرك هذا البعض خطورة ما يدعو اليه ولا يعرف نتائج فتح الباب على مصراعيه امام كل انواع الفنون والافلام التي يعمل العدو على استغلالها بأفضل الطرق لاختراق الساحة اللبنانية.

وهنا يجب الاعتراف ان الامر في غاية الصعوبة بأن نفصل بين الواقع الامني الثقافي ومواجهة الحرب الناعمة التي يتقنها العدو الاسرائيلي مع كل ما يتسلح به من وسائل متطورة اعلامية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من السبل، وبين حرية الاعلام وحرية التعبير واقامة العروض الفنية والمسرحية والمعارض واستضافة الشخصيات المختلفة وتحت عناوين وأطر معينة، فالامر غاية في الخطورة لا سيما في ظل تعمد البعض في اثارة النعرات الطائفية والمذهبية واطلاق الشتائم والتهم والاشاعات ان البعض في لبنان يريد تعميم سياسة المنع والتضييق على الحريات، وقد أثبتت التجربة الاخيرة سعي جهات معينة لاعتماد الفوضى والاثارة الاعلامية لتمرير الكثير من الرسائل في مختلف الساحات سواء بسبب او بدونه، وهنا قد يعمد العدو الى الاستفادة من كل ذلك للتوغل في الساحة ومحاولة اختراق جهات فنية وثقافية للوصول الى ما يريده مستفيدا من كسر الحاجز الذي نفذه من وقف بوجه كل دعا لمواجهة التطبيع.

 

لضبط الساحة اللبنانية.. وتحمل المسؤولية الوطنية

 

لذلك علينا التوقف مليا عند ما يجري ليس من باب التخوين ولكن من باب فهم امكانية ركوب العدو الاسرائيلي للموجة التي تحصل في لبنان والعمل للاستفادة من التطورات الحاصلة من دون ان يظهر على الساحة اي صورة لهذا العدو، وانما هو بالتأكيد لن يترك كل ما يجري من دون محاولات التدخل هنا وإحداث خرق هناك، كل ذلك يدعو لليقظة والتنبه اكثر فأكثر منعا لاصطياد البعض في الماء العكر سواء عبر الجانب الامني او لتفعيل مسألة التطبيع عبر الاستفادة من باب الحريات، وهنا يجب على الجميع تحمل المسؤولية الوطنية في كل كلمة تقال وفي كل برنامج يبث في وسائل الاعلام وعلى الشاشات وفي كل مقابلة يجريها أي إعلامي وعدم إثارة الموضوع بشكل يستفيد منه العدو وبالتالي نكون قد ساهمنا بالترويج للتطبيع من حيث لا ندري.

وكل ذلك يتطلب تحركا من قبل الدولة اللبنانية بأجهزتها المختلفة ومن الأحزاب ووسائل الإعلام لضبط الواقع الذي يتفلت يوما بعد يوم، حيث ان بعض وسائل الاعلام عملت للاستفادة مما حصل لاستضافة أشخاص هم من المتهمين بالتطبيع مع العدو وذلك تحت ذريعة مناقشة الامر وفتح باب وحرية الرد على الهواء ما يدفع اكثر فأكثر لإثارة الغرائز والنعرات بين اللبنانيين، كما فتح الهواء لكثير من الشخصيات المناهضة للمقاومة للتصويب عليها حتى باتت تطلق مواقف متطرفة جدا لها علاقة بإمكانية السفر الى الأراضي المحتلة لزيارة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وان ذلك لا يجب ان يعتبر تطبيعا مع العدو وإنما هو في إطار الحريات الدينية والحق بالسفر والتنقل وما شاكل.

 

بكل الأحوال فإن الشعب اللبناني الذي قدم الشهداء والتضحيات لطرد العدو الإسرائيلي لن يقبل بتمرير أي مشروع للتطبيع مع هذا العدو، كما تريد بعض الأنظمة العربية التي تشير كل الدلائل على تورطها بمخططات للمتاجرة بالقضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها، ويجب عدم الاستهانة بأي محاولة لخرق الساحات الوطنية سواء في لبنان او غيره من البلدان العربية والاسلامية لانها تهدف اولا واخيرا ضرب القضية المركزية للامة ككل اي قضية فلسطين خاصة بعد القرار الاميركي الجائر باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي.

 

قد يعجبك ايضا