ترامب ومسلسل إسقاط حقوق الفلسطينيين: الخطوة التالية.. حق العودة؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||علي إبراهيم مطر/العهد الاخباري
لم يأت قرار دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأميركية إليها، مجرد خطوة أولى في صفقة القرن، ولا قراراً عابراً لدى الإدارة الأميركية، إنما ليعبر عن إرادة أميركية باغتصاب الحق الفلسطيني وتحقيق الحلم الصهيوني. لذا فإن هذه القرارت يستتبعها خطوات أخرى تحمل في طياتها تنفيذاً للمشروع الأميركي الذي يخاف أمامهم القبول بالتنازلات عن الحقوق.
استكمال هذا المشروع سيكون عبر مفاوضات مذلة إذا تم خوضها، فإنها ستكون وصمة عار لا تغتفر على جبين من يخوضها، لأنها ستكون وفق جدول أعمال تأمري يضع قواعده الدبلوماسي الأميركي ـ الصهيوني فيفرضه على المفاوض الفلسطيني للتنازل عن الحق في القدس وحق العودة للاجئين وأمور أخرى تكمن في فلتات قرارات دونالد ترامب.
فبعد إخراج الرئيس ترامب القدس “خارج الطاولة” في “مفاوضات السلام”، بات الهدف الاسرائيلي بشطب “حق العودة”. وقد نقل الإعلام الصهيوني أن “الخطوة التالية ستكون ازالة “حق العودة” من قائمة قضايا ما يسمى “الوضع النهائي” التي يتعين حلها، هكذا إذن تكون واشنطن قد أسقطت كل حقوق الفلسطينيين سواء تلك التي تتعلق بالأرض والمقدسات أو الحقوق الشخصية، وسواء تلك التي وردت في القوانين الدولية أو في قرارات الأمم المتحدة.
قرارات ترامب تنسف كل ما صدر عن الأمم المتحدة ويتعلق بالقدس وقد تم الحديث عن ذلك، لكن نواياه تعدت إلى نسف القرار 194 الذي يعطي اللاجئين الفلسطينيين الحق في العودة إلى ديارهم حيث تكمن أهمية القرار أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم هي حق لهم.
من يكفل حق العودة؟
يؤكد القرار في البند التاسع وجوب منح سكان فلسطين جميعهم أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو.
ويقرر في البند الحادي عشر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.
ومع أهمية هذا القرار، إلا أنه ليس به ينشأ حق العودة، إنما هو تأكيدا له، لأن حق الفلسطينيين قبل العودة في الأصل أن يكون وطنهم حراً مستقلاً من الاحتلال الصهيوني، إنما مع وجود هذا الاحتلال الواقع وإن هجرهم الصهاينة فإن حقهم المكتسب هو عودتهم إلى ديارهم ولا تفريط في هذا الحق وليس من حق أحد أن يفرط به أو يسلبه، فهو يتبع الحق في وجود الوطن والحق في تقرير المصير وبالتالي هو حق طبيعياً بمعزل عن أي قرار.
وتنبع أهمية القرار ايضاً مع أنه فصل سادس صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن تكرره من قبل الجمعية العامة اعطاه صفة الالزام والتطبيق ولا يمكن نقضه أو منعه، وهذا ما يكفله القانون الدولي الذي يكرس حق العودة للشعب الفلسطيني. وإذا طالعنا الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، سنجد التأكيد على هذا الحق، حيث ينص في المادة الـ13 منه: “حق كل انسان في مغادرة أي بلد بما في ذلك بدله، وفي العودة الى بلده”. وحق المغادرة والعودة يعني حكما الحق في الاقامة في البلد. كم ان المادة 17 منه تنص في الفقرة الثانية: “لا يجوز تجريد احد من ملكه تعسفا”.
كما تحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة “يحظر النقل الجبري، الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين، كما يحظر نفيهم من الاراضي المحتلة الى أراضي دولة احتلال أو أراضي أية دولة أخرى محتلة كانت أم غير محتلة، أيا تكن الدواعي”، كذا المادة الثانية عشرة الفقرة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية “لايجوز منع أحد، بصورة تعسفية، من حقه في الدخول الى بلده “.
ويعتر القرار 194 من أهم القرارات حيث يعتبر اول تأكيد صريح من الامم المتحدة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى قراهم ومدنهم والحصول على التعويضات المناسبة. وقد أكد حقهم بالعودة إلى ديارهم وبيوتهم وليس الى دولة جديدة او مكان آخر، وقد فسر اساتذة القانون الدولي ذلك بأنه إلى ممتلكاتهم التي كانوا يملكونها قبل التهجير وإعادتها اليهم بعد أن اغتصبت، كما يقر التعويض لهؤلاء اللاجئين.
وقد شرح فقهاء القانون الدولي ومن بينهم أساتذة كبار في لبنان مثل الأستاذ الدكتور شفيق المصري والأستاذ الدكتور الراحل محمد المجذوب البند 11 من القرار بأنه هو حق كل فرد أو أفراد، وذرياتهم، في العودة الى الاماكن التي كانوا يقيمون فيها والتي أكرهوا على مغادرتها. وحقهم في استرداد ممتلكاتهم التي تركوها أو فقدوها، او في الحصول على تعويضات عنها. وحقهم في الحصول على تعويضات عن المعاناة والالام النفسية التي كابدوها.
بمعزل عن رأينا بهذا القرار، ومع اعتبارنا أن حق الفلسطينيين يكمن أولاً وأخيراً بخروج الاحتلال وعودة كل الفلسطينيين دون قيد أو شرط ودون قرارات دولية لأنه حق مكتسب، إلا أن أية خطوة مفاوضات يشارك بها المفاوض الفلسطيني مع عدم الأخذ بالاعتبار عدم الموافقة على الشروط الأميركية والصهيونية وإسقاط الأحقية بالقدس وحق العودة لن تكون دعسة ناقصة إنما كارثة بحق فلسطين، وهذا ما يدفع مجدداً إلى التنبه إلى المشروع الأميركي والتحرك سريعاً وفي كل الاتجاهات ضد قرارات ترامب، والتحرك من قبل اللاجئين لمنع اتخاذ هذا القرار الجائر بحقهم من قبل الإدارة الأميركية وإسقاط ما يريده الصهاينة.