القدس روح القضية لدى المقاومات العربية
موقع أنصار الله || مقالات || وليد الحسام
لم تعد القدسُ _ القضية الأولى _ بأبعادها الدينية والقومية والإنسانية حاضرةً بوعي كامل إلا لدى الأحرار الذين عرفوا المعانيَ الحقيقيةَ لمقاومة الظلم والاحتلال من خلال معايشة ذلك، إذ نجد المجاهدين اليمنيين (أبطال الجيش واللجان الشعبية) الذين يواجهون العدوان السعودي الأمريكي وحلفاءه وأدواتِه ومرتزقته في ميادين الجبهات والمواجهة هم أكثرُ مَن يفكّرون بتحرير القدس وأكثر وعياً بحجم هذه القضية وأهميّة عدالتها، حيث تظهر تلك الإرادة في خطابهم وأفكارهم بشكل أكبرَ من غيرهم، وهذا يؤكد أن مقاومة العدوان على عدد من الشعوب العربية سواء في اليمن أَوْ فلسطين أَوْ غيرهما هي ثقافةٌ ومشروعُ عدالة وحقٌّ أزليّ وليست مجرد شعارات وخطابات سنوية في صالات القمم التي أصبحت حالةً اعتيادية تقوم بها الأنظمة العميلة كأسلوب لتبرير مواقفها المخزية تجاه عدوان الاحتلال الإسرائيلي ولخديعة الشعوب بكذبة (القمة العربية)، وحتى هذه الكذبة أيضاً (القمّة) تبدو هي الأُخْـرَى نافذةً تفتحُها بعض الأنظمة العربية لخدمة العدو الإسرائيلي من خلال استغلالها وترويجها؛ بهدف جَسّ نبض الشارع العربي وردة فعل الشعوب، وأصبحت خطابات الزعامات في قمّاتها تدعو الشعوبَ العربية بشكل قبيح إلى القبول بالاحتلال الإسرائيلي للقدس والرضوخ له والرضا باعتداءاته اليومية ويبرر الزعماء دعواتِهم هذه بمفاهيم مخادعة كالمصالحة والسلام وعدم التوتر.
المكوّنات العربية المقاومة في عدد من بلداننا هي المتمسكة حقيقةً _ بفكرها وثقافتها وتحَـرّكها _ بعدالة القضية الفلسطينية وبالحق التأريخي للشعب الفلسطيني وكذلك القاعدة الشعبية العربية الواسعة، ما زالت محافظةً على الموقف المناهض للاحتلال الإسرائيلي، ولكن يجب على تلك القاعدة الشعبية أن تتحَـرّك من أجل الدفاع عن هذه القضية لأنه تحتاج إلى قيادة في هذا الإطار الذي يتمثل في مكونات المقاومة المتوزعة في عدد من البلدان العربية؛ لأن تياراتِ المقاومة هي التي تتجه نحو المسار الصحيح للدفاع عن القضية الأولى (القدس)، ولا يجب على الشعوب أن تنتظر نتيجةً من الأنظمة الخاضعة لأمريكا وإسرائيل؛ لأنها تتجهُ منذ عقود نحو التطبيع مع إسرائيل وتمييع القضية منذ عقود، وها هي تبيعها اليوم وهي تعتبر القضية الفلسطينية مجرد وسيلة تستغلها من أجل بقاء الأنظمة والزعماء.
ظلّت بعضُ وسائل الإعلام العربية تُزيِّفُ الحقائقَ، حيث كانت تارةً تُلغي الدورَ الأمريكي في احتلال الكيان الإسرائيلي للقدس واعتداءاته على المواطنين، وتارةً أُخْـرَى تُنكر تحالُفَ أمريكا مع إسرائيل في تحقيق مُخَطّط تهويد القدس حتى أعلن المعتوه الأمريكي (ترامب) حقيقة دور أمريكا في احتلال القدس، حيث أعلن بصراحة تحويل القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة أمريكا إلى القدس، وجاء ذلك الإعلان الأمريكي عقب شهور من تسليم السعودية وبعض أنظمة الخليج مليارات الدولارات لترامب، وهذا يوضح العلاقة التي تجمع إسرائيل وأمريكا والسعودية؛ بهدف تمكين الاحتلال الإسرائيلي من القدس بشكل رسمي، متجاوزين المواثيق ومتنفذين في مصادرة هذا الحق العربي.