لماذا تهرب بن سلمان من الحديث عن اليمن مع صحيفة ذاتلانتيك؟
موقع أنصار الله || مقالات || علي الدرواني
طوال فترة وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية في زيارته المطولة حرص بن سلمان على الإكثار من الظهور على وسائل الإعلام لتسويق سياساته المنفتحة حد الانبطاح للرغبات الأمريكية والإسرائيلية وإيصال رسائله في كُلّ الاتجاهات..
وهذه المرة وعبر مجلة ذ اتلانتيك ركّز على رسائل السلام مع الكيان الصهيوني والصدام مع إيران وَأيضاً وجّه رسائله باتجاه الجناح الديني وشريك آل سعود في تأسيس المملكة متمثلاً بآل الشيخ.
ورغم أن المسألة اليمنية ظلت تلاحق بن سلمان كظله نتيجة لفشله وإخفاقه وجرائمه الوحشية بحق المدنيين وانتهاك القوانين الإنْسَانية والدولية طوال ثلاثة أعوام عزّزها الآن بدخول العام الرابع، إلّا أن بن سلمان فضّل عدم الخوض فيها وتهرب من الإجابة عن سؤال كان مخصّصاً لهذا الشأن، مبرراً ذلك بأنه لا داعي لتضييع الوقت بالحديث عن اليمن؛ ولأنه أتى إلى الولايات المتحدة للبحث عن فرص التجارة والاستثمار.
ومن المضحك التبريرُ بتضييع الوقت والذي لا يتعدى بضع دقائق في مقابلة صحفية في حين أنه قد ضيّع أكثر من ثلاث سنوات وينوي تضييع أكثرَ من ذلك، بن سلمان لم يضيِّع الوقت فحسب بل ضيّع مستقبل شعبه حين ضيع ثروات هائلة كان أسلافه قد راكموها لسنوات طويلة لينفقها في غمضة عين ويضعها في جيب ترامب دون أن يرف له جفن.
نعم، التبرير بالحديث عن الفرص التجارية والاستثمارية كان في محله، وربما لم يكن صادقاً في التبرير مثل هذه المرة؛ لأنَّ الوضع غير الآمن في السعوديّة هو أبرز العقبات أمام الاستثمار في بلد أَصْبَحت مكشوفة للصواريخ اليمنية التي فشلت منظوماته الدفاعية في اعتراضها، ويظهر من تهرب بن سلمان عن هذا الملف المؤرق أن مداولاتِه مع رجال الأعمال والمستثمرين الذين دعاهم إلى الاستثمار في بلاده لم تكن ناجحة بالشكل المطلوب، ويظهر أنهم عبّروا عن قلق بالغ بشأن الأمن في المملكة، لا سيما بعد وصول أكثر من عشرة صواريخ بالستية لعدة أَهْـدَاف في المملكة أبرزها الرياض وبالتزامن مع هذه الزيارة، وربما أثناء هذه المداولات.
وكما يقال رأس المال جبان، فقد تحدث التقارير عن خروج أصحاب رؤوس الأموال السعوديّين من المملكة خلال الثلاث السنوات الماضية بشكل لافت، وسبق أن طالب أحد أعضاء مجلس الشورى السعوديّ في العام الأول للعدوان على اليمن بضرورة دراسة الأسباب التي تؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال السعوديّة، حينها لم تكن الصواريخ اليمنية قد وصلت إلى عاصمة آل سعود، أما بعد وصول الصواريخ إلى الرياض فقد نشرت مؤخّراً دراسة لمعهد ميدل إيست أي تضمنت بعض البيانات والمعلومات التي تم جمعها خلال نهاية الربع الثالث من عام 2017، ووثقت هروب أكثر من 64 مليار دولار من رؤوس الأموال خارج المملكة، وارتفع الرقم خلال الأشهر الماضية إلى 55 مليار دولار، ومن المتوقع أن يهرب ما يعادل 26 مليار دولار إضافية خلال نهاية هذا العام.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بن سلمان وفي رحلته الحالية تخبط كثيراً في محاولاته التقليل مما يجري والحديث مرة عن ضرورة الذهاب للحلول السياسية سريعاً وفتح المجال للمشاورات اليمنية، ومرةً عن خطط لتفكيك الجبهة الداخلية اليمنية من أجل تسريع الحسم، وأسخف تلك المحاولات عندما وصف الضربات الصاروخية بأنها دليل ضعف، ولا شك أن كُلّ تلك المحاولات باءت بالفشل، ما جعله يتهرَّبُ من الإجابة على سؤالٍ هام كهذا.