محاضرات السيد القائد الرمضانية: دروس للأمة تجسد عظمة الدين وديمومة المنهاج

موقع أنصار الله || تقارير || اعداد/ فؤاد الجنيد

أطل قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي في شهر رمضان المبارك لهذا العام بعدد من المحاضرات القيمة  التي تتناول لب الدين وجوهره، ناهيك عن الجانب الأخلاقي والنفسي، وأمور هامة متعلقة بالمعاملات والقيم الإنسانية. لم يكن السيد القائد عسكريا في محاضراته رغم المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة عامة، والشعب اليمني خاصة، كل ذلك لأن سر قوة الأمة وعزتها وكرامتها وعوامل نصرها، تتمثل في عقيدتها ودينها، ومتى ما كانت الأمة قريبة من نهجها القرآني؛ كلما كانت أكثر وعيا، وأكثر مسئولية. وقد اتت محاضرات السيد في هذا الإطار، إيماناً منه بأهمية توعية عامة الناس ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على المستوى العالمي، إذ يتابع خطاباته ومحاضراته الملايين من الناس الطامعين إلى الأمن والاستقرار والحياة المليئة بالعدل والمساواة بعيدا عن قوى التسلط والتجبر من قبل حكام اليوم الذين انتهجوا القتل والترهيب لتثبيت دعائم حكمهم، إلى جانب ارتهانهم لقوى الاستكبار أمريكا وإسرائيل، ملبين جميع رغباتهم وتوجهاتهم وخططهم في المنطقة العربية والإسلامية.

 

البداية

 

بدأ السيد القائد بمحاضرات الجزاء والحساب، مبينا الدار الحقيقية وثمنها، وهو بذلك يسعى إلى خلق وعي مجتمعي تجاه قضايا الأمة المختلفة، والقضايا الأخلاقية المرتبطة بالمعاملات الإنسانية بوجهيه الخاص والعام، وجعل ذلك كله مرتبطا بالعمل في سبيل الله سبحانه وتعالى.

 

ائمة الكفر والنفاق

 

في محاضرته الرمضانية السادسة، يؤكد السيد أن أمريكا وإسرائيل هما الموجهتان المستفيدتان للجماعات الشيطانية المنتشرة في المنطقة والعالم، والتي تعمل تحت أقنعة وعناوين دينية مضللة لدرجة أنها تصور العملية الانتحارية في مسجد أو مناسبة إنسانية وكأنها تقرباً إلى الله. وأستأنف فيها حديثه عن معركة إغواء الشيطان للإنسان، وكيف يصور له الحق باطلا والباطل حقاً، وانعكاسات ذلك في الواقع المعاش بصورته الواضحة التي تتجلى في بلدنا والعالم. من هنا يتضح للجميع، أن أي مجتمع إذا سادت فيه الأخلاق الحميدة والمعاملات الإنسانية القائمة على احترام الرأي والرأي الآخر واحترام الآخرين وفقا للدستور القرآني ستزول كافة الخلافات وستحل جميع قضايا الأمة وستكون الأمة الإسلامية أمة واحدة.. لكن عندما انتشر الفساد الأخلاقي وغابت القيم الإنسانية في المجتمعات الإسلامية تشرذم المسلمون وأصبحوا مذاهب وقُبلاً ودُوَلاً لها حدود، أغلبها تنازع الأخرى حدودها ومنها ما تقاتل بعضها البعض ومنها من تعتدي على الأخرى ارضاءً لقوى الاستكبار كما هو الواقع اليوم من عدوان غاشم على اليمن بقيادة السعودية والإمارات ودول حليفة أخرى معهما إرضاءً لأمريكا وإسرائيل.

 

التقوى والمتقين

 

في القسم الثاني من محاضراته الرمضاني، يبين السيد القائد طريق التقوى والمتقين، وكيف أن أعلام الهدى هم المعنيين برسم معالم هذا الطريق. حتى وصل السيد في محاضرته الثانية والثالثة عشر لتوضيح صفات المتقين والإيمان بالغيب، واثر ذلك في واقع النفوس، وكذلك الأثر الذي يتركه في واقع الحياة بما يؤهل الإنسان المؤمن ليكون ممن يحظى برضوان الله، وفي نفس الوقت مما يؤهلنا كمجتمع مسلم له أعداء لأن ننتصر ونحظى بتأييد الله ونصره، وذلك كفيل بأن يجعلنا دائما في حالة استقامة على صراط الله المستقيم حتى نصل الى يوم الحساب فنحاسب حساب المتقين وحساب المؤمنين الصادقين.

 

المحاضرة الرابعة عشر

 

أكد السيد أن الأمة الإسلامية بُليت باتجاهين هما التدجين والتوحش الأعمى الذي يمثله التكفيريون.. موضحاً أن بعض المنتسبين للإسلام يتفوقون في جرائمهم وفسقهم وطغيانهم على اليهود والنصارى والبوذيين. وأوضح السيد أن بعض علماء الدين يقدمون الإسلام دينا مُنتَّقَصًا مقتصرا على ترك الغيبة والنميمة ويتجاهلون الجانب الجهادي الذي اشتمل عليه معظم القرآن، وأن بعض علماء الدين يقدمون الإسلام دينا مُنتَّقَصًا مقتصرا على ترك الغيبة والنميمة ويتجاهلون الجانب الجهادي الذي اشتمل عليه معظم القرآن.

 

عوامل قوة

 

شدد السيد على ضرورة أن تمتلك الأمة جميع عوامل القوة لتتمكن من حماية نفسها مثلها كسائر الأمم، مشيراً الى أن العدو الصهيوني لن يقبل لأي طرف عربي أو إسلامي أن يكون قوياً بالشكل الذي يخل بتفوقه العسكري. وحذر السيد عبدالملك من نشاط بعض المنظمات الدولية العاملة تحت عناوين مخادعة تهدف لنشر ثقافة التدجين، وأنه ما إن وقع العدوان على اليمن حتى هجمت منظمات باسم السلام ورفض العنف تشتغل بين أوساط الناس بدعوات التدجين.. مؤكداً أن هناك منظمات مرتبطة بقوى الاستكبار تسعى لتدجين الأمة وتمييعها وإشغالها بالأمور التافهة ومهمتها تشويه صورة حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وإظهارها بأنها حركات عنفية. وقال السيد أنه رغم كل المظلومية التي يعانيها الشعب الفلسطيني فإن هنالك منظمات تأتي تدعوه لأن يكون مسالما ووادعا!.. متسائلاً في الوقت نفسه لماذا لا تتوجه المنظمات المشتغلة بنشر ثقافة التدجين إلى أمريكا والغرب وإسرائيل لتدعوهم إلى ترك العنف والتخلي عن الأسلحة الفتاكة.

 

المسئولية والجهاد في سبيل الله.

 

تعد محاضرات السيد القائد في مجملها ثقافية سياسية اجتماعية جهادية شاملة، تناولت مختلف الجوانب التي تتعلق بالواقع اليوم خصوصاً في حالة الصراع التي نخوضها مع قوى الطغيان والفساد. ومن خلال هذه المحاضرات أستطاع السيد القائد حفظه الله أن يخلق حالة من الوعي حول عدد من المواضيع التي منها معرفة ثقافة التدجين ودور المنظمات وأساليب الأعداء وسعيهم للنيل من هذه الأمة. وأكد السيد أن أبرز موقف لمواجهة الأعداء هو موقف القوة في كل المجالات المعنوية والنفسية والثقافية والعسكرية حتى لا نصبح دجاج القرن الحادي والعشرين. في هذه المحاضرات الكثير والكثير من المواضيع المهمة التي تتعلق بنا كبشر ومسلمين، وتتعلق بنا كمجتمع وامة مستهدفة لها أعداء يسعون الى استضعافنا والهيمنة علينا. وبقد ما ركز السيد القائد على تنمية وعينا وثقافتنا وكمال ايماننا، ركز أيضاً على بعض الأمور التي تتعلق بحالة الصراع القائم اليوم بين الحق والباطل والمستكبرين والمستضعفين وكيف يجب ان تكون نفسياتنا ومواقفنا واعمالنا وتوجهاتنا.

 

القرآن حجة بالغة

 

تحدث السيد القائد في بداية المحاضرة الخامسة عشر عن القرآن الكريم، وقال انه حجة الله علينا يوم القيامة، خصوصاً ونحن في هذا الزمان المليء بالأحداث والمتغيرات والذي لم يعد فيه انبياء ولا رسل، إلا أن هدى الله باقي من خلال كتابه، ومن خلال ورثة الأنبياء وقرناء القرآن من أهل البيت عليهم السلام الذين يقدمون هدى الله للناس بالطريقة الصحيحة والسليمة. وواصل السيد حديثه عن بعض صفات المتقين، وقال السيد أن من ابرزها استشعار المسئولية، وقال إن القرآن جعل الحديث عن المسئولية جانباً رئيسياً لا يتحقق الإيمان إلا به، ولا يتحقق التقوى إلا به، وقال إن القرآن اعطى جانب المسئولية موقعاً مهماً جداً في مختلف جوانب الحياة فيما يتعلق بالدين والدنيا وكذلك بالآخرة. وتحدث السيد عن البعض الذين يكتفون ببعض جوانب الدين او يكتفون بالشكليات، ثم تحدث عن قول الله تعالى قالت الأعراب آمنا  فرد عليهم الله قل لم تؤمنوا، مؤكداً أن الإيمان الحقيقي يتمثل في الطاعة المطلقة لله تعالى بما امر وبما نهى أيضاً. وتحدث السيد القائد عن الثقة بالله وقال انها جانب أساسي في الإيمان في كل ما يتعلق بما أمر الله به، وقال إن الثقة بالله تساعد الإنسان المؤمن على أداء الاعمال وخصوصاً الجهاد في سبيل الله. وقال السيد ان البعض يعتبر الإسلام بطاقة ترخيص للقيام بالجريمة وهذا ناتج عن عدم معرفة بالإسلام، وناتج عن ثقافات مغلوطة وعقائد باطلة مما يؤدي بالبعض الى ممارسة أعمال المجرمين والكافرين وهو يحمل إسم الإسلام.

 

المؤمنون الصادقون

 

ركز السيد في حديثه على أن الإيمان إذا وصل إلى القلوب وترسخ فيها فانه يدفع النفوس إلى التقوى وإلى الطاعة وإلى العمل بما وجه إليه الله والابتعاد عما نهى عنه. ثم تحدث السيد القائد عن الشطر الثاني من الآية التي تقول: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ــ انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ــ وقال إن هذه الآية بينت بالصفات والأعمال منهم المؤمنون الحقيقيون والصادقون. وقال السيد أن القرآن تحدث عن الجهاد في القران بأكثر من 500 أية اكثر مما تحدث عن الصلاة وعن العبادات الأخرى، وهذا يدل على أن الجهاد هو اعظم صفة من صفات المؤمنين والمتقين. وأن من المواصفات الإيمانية اللازمة التي تثبت مدى الإنتماء الى الإيمان هي الجهاد في سبيل الله، فالقرآن اعتبر الجهاد في سبيل الله شرط من شروط الدخول إلى الجنة، والدليل قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ــ وقال السيد ان مسألة دفع الناس بعضهم ببعض لمحاربة الفساد هو وسيلة من وسائل صلاح الأرض بكل ما فيها واستدل بقول الله تعالى: ولولا دفع الله الناس بعضم ببعض لفسدت الأرض ــ وهذه هي أبرز نتائج الجهاد في سبيل الله، دفع الفساد والفاسدين وإصلاح الأرض.

 

طموح أعداء الأمة

 

تحدث السيد عن طموح أعداء الامة في إفساد العالم من أجل ان يصلوا الى أهدافهم في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والإعلامية والاقتصادية، كل ذلك من اجل ان يتمكنوا من ان يسيطروا على البشرية وان تستحكم قبضتهم على العالم كما تعمل أمريكا التي تمارس هذا المشروع بشكل عملي في الواقع الذي نعيشه اليوم، وقال السيد أن العدو الصهيوني يتجه في هذا الإتجاه ليعزز من نفوذه في المنطقة، وانهم يعملون على إضعاف الآخرين حتى لا يكون هناك طرف آخر ند لهم أو يعرقل مشاريعهم واهدافهم، ثم تحدث السيد عن الساحة الإسلامية والتي اعتبر انها تسير في اتجاهين الأول التدجين من خلال الثقافات المغلوطة وعدم تقديم الدين بشكل كامل بل يقدمونه بشكل منقوص فيؤدي ذلك الى حالة من الضعف الايماني في أوساط الناس لما فيه مصلحة أعداء الامة.

 

فرص لا تتكرر

 

لن تخسر شيئا لو استقطعت من وقتك النصف الساعة أو الساعة لمتابعة المحاضرات الرمضانية للسيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، بل ستكون أنت الرابح في تعديل سلوكك وقيمك الدينية والأخلاقية والإنسانية بما يتوافق مع أوامر ونواهي الله سبحانه وتعالى التي ذكرها في كتابه القرآن الكريم المرسل مع خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وإذا رجعنا إلى ما تعرضت لها المجتمعات العربية والإسلامية خلال العقود الماضية سنجد أنها تعرضت لعدد من الهجمات العسكرية والأخطر منها أنها تعرضت لعدد من الهجمات الفكرية التي استهدفت الفكر الإسلامي قيماً وأخلاقاً ومنهجاً.. وأبرز ما تعرض له المجتمع اليمني تمدد الفكر الوهابي الذي تبناه النظام السعودي منذ أول يوم سيطر على الحكم في منطقة الحجاز ونجد، حيث انتهج على تغيير المبادئ الإسلامية السمحاء بسلوكيات لا تمت للإسلام بصلة، فحول الإسلام من دين محبة وإخاء إلى دين قتل وسحل وذبح، حول الإسلام من دين لا يقبل الظلم والتسلط إلى دين يوالي الحاكم وينفذ رغباتهم.

 

بيت القصيد

 

هذا التشويه الذي تعرض له الدين الإسلامي لا زالت آثاره إلى اليوم بل زاد سوءاً وقبحاً حين ظهرت الجماعات المتطرفة باسم الدين كالقاعدة وداعش وغيرهما التي استهدفت القيم والمبادئ الإسلامية قبل أن تستهدف الإنسان.. وهذا ما دعا السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي يدق ناقوس الخطر ويبدأ في توعية المجتمع عن خطر هذه التيارات المرتبطة بالأجندات الخارجية حتى استشهاده.. وهو أيضا ما جعل السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يركز على التربية الدينية والأخلاقية والإنسانية حتى يتخلص مجتمعنا والمجتمعات الإسلامية من آثار هجمات الفكر الوهابي السلبية ويعود إلى القرآن الكريم ومبادئه السمحاء.

قد يعجبك ايضا