رعاة العدوان يسعون لإنقاذ قصّاب الرياض

|| مقالات ||  د. أحمد الصعدي

بعد أن ضُبِطَ تحالُفُ العدوان الفاشي متلبساً ومعترفاً بتفاخر بارتكابه مجزرة أطفال صعدة في ضحيان صباح الخميس 9-أغسطس الحالي من خلال تأكيد العقيد تركي المالكي الناطق باسم تحالف العدوان بأن الحافلة التي كانت تقل الأطفال قُصفت بعد معلومات استخباراتية دقيقة وبعد رصد وَمتابعة وَتأكد من أن مَن كانوا بالحافلة هم مقاتلون متخصصون بإطلاق الصواريخ الباليستية، وَاحتفاء قنوات العدوان بما سمته إنجازاً نوعياً كبيراً، وَبعد أن ذهل العالم وَصُدم من هول مشاهد المذبحة وَأشلاء وَدماء الأطفال، وَمن إصرار العدوان على أن الحافلة هدفٌ عسكري مشروعٌ يتفق قصفُها مع القانون الدولي والإنساني كلياً، سارَعَ رعاةُ العدوان وَمحركوه إلى إنقاذ قصّابهم المدلل، قصاب الرياض مجرم الحرب محمد سلمان فجعلوا تحالفهم يقرر فجأة تكليف لجنة تحقيق في ((تعرض حافلة ركاب لأضرار جانبية من قصف في اليمن))! وَهي اللجنة ذاتها التي حققت في قصف الصالة الكبرى بعد إنكار عنيد وَاعترفت بأن التحالف هو من قصف الصالة وَلكنه بريء؛ لأنَّه لم يفعل غير أنه خضع لإصرار مرتزقة العدوان ممثلين بهيئة أركان المقدشي على قصف الهدف! هي ذات اللجنة التي يلجأ إليها المجرم لتحقق مع المجرم وتستنتج أن المجرم الذي ارتكب الجريمة ليس مجرماً.

هذه المسارعة إلى محاولة تهدئه الغضب العالمي لا يمكن أن تأتي من الأرعنين محمد سلمان وَمحمد زايد، فهما لا يعرفان التراجع أَوْ الاعتراف بالخطأ، ناهيك أن يعتذرا حتى وَهما يهينان الأهل وَالأقارب، بل من الرعاة الذين تعودوا على ارتكاب المجازر والتباكي على الضحايا وَارتداء أثواب قشيبة من المشاعر الإنسانية المفرطة إذا لزم الأمر، وَهذا اختصاص غربي تبرز فيه بريطانيا وَأمريكا وَالكيان الصهيوني أحياناً وَدول أُخْـرَى.

لو كانت مجزرة ضحيان جريمة سعودية إماراتية خالصة لتصرَّفَ قَصَّابُ الرياض تجاه ردّات الفعل العالمية بعنادٍ مفرطٍ في الغباء كما فعل مع كندا. للتذكير فقط: أشعل محمد سلمان أزمة شاملة مع شريكه في التجارة والتسليح دولة كندا بسبب تغريدة للسفير الكندي طالب فيها بالإفراج الفوري عن نشطاء حقوقيين سعوديين معتقلين بينهم سمر بدوي التي تحمل الجنسية الكندية. وبدلا من الرد على تغريدة بتغريدة ترفضها أَوْ تفندها، أَوْ بدلاً عن فعل ذلك خلال تصريح لمصدر في الخارجية السعودية أَوْ حتى باستدعاء السفير الكندي وَإبلاغه احتجاجاً إذا لزم الأمر، سارعت حكومة بن سلمان إلى قطع العلاقات مع كندا في كُـلّ المجالات وَكأن البلدين في حالة حرب مستعرة. وَوصل جنون بن سلمان وتهوره إلى إلحاق الأذى والأضرار الفادحة بالمواطنين السعوديين، لا سيما آلاف الدارسين في الجامعات الكندية (بكالوريوس، دبلوم، ماجستير، دكتوراه) الذين أمروا فوراً بمغادرة كندا وَتغيير بلدان دراستهم، والمكان المفضّل بالطبع هو جامعة محمد بن سعود التي يقبع خمسة عشر أستاذاً من أساتذتها في السجن لأتفه الأسباب، وَمنهم أَيْضاً آلاف السعوديين الذين يتلقون العلاجَ في المستشفيات الكندية وَقد أمروا فوراً بقطع علاجهم في كندا مهما كانت حالاتُهم الصحية وَالانتقال لمواصلة العلاج في البلدان الأُخْـرَى أَوْ في المملكة. هذه الأوامر الصارمة شملت كُـلّ مواطن سعودي سواء ذهب للدراسة أَوْ العلاج على نفقته الخاصة أَوْ على نفقة الدولة. وَانخرط في هذا الجهاد المقدَّس ضد كندا ذباب محمد سلمان الإلكتروني فنشر انفوغرافيك السعوديّ تصميماً لطائرة مدنية كندية تطير باتجاه أحد الأبراج في تورنتو مع عبارات تحمِلُ التهديدَ والوعيدَ والتلميح بتكرار ما حدث في 11/ سبتمبر/ 2001، كما شن حملة لدعم السكان الأصليين في كندا وَانفصال إقليم كيبيك. هذا الجنونُ السعودي مكَّنَ الرأيَ العامَّ العالمي من التعرُّف على الحاكم الفعلي للمملكة وملكها غير المتوج حتى أن صحيفة (نيويورك تايمز) اعتبرت طردَ السفير الكندي وقطع العلاقات بين البلدين أعمالاً لا يمكن أن يقومَ بها إلا ((الطغاة المتخلفون)).

تصرُّفُ محمد سلمان الجنوني وَالمتهور مع دولة تدعمُه في حربه وَتسلُّحه وَواحدة من الدول السبع الكبار، وَشريكة أمريكا في حروبها العدوانية وَفي حلف الأطلسي يعطينا أساساً للاعتقاد بأن مجزرةَ أطفال صعدة لو ارتكبت بعيدةً عن إرادة الرُّعاة الكبار وعلى رأسهم أمريكا -وهذا غيرُ ممكن؛ لأنَّ الضباط الأمريكيين يجلسون في غرف العمليات وَيحددون الأهداف- لاستمر المالكي في تأكيد بيانه الأول حتى لو لم يصدقه أحدٌ في العالم، بل وَلوصل الجنونُ بابن سلمان إلى قصف مواكب تشييع الشهداء الأطفال لتأكيد ثقته بصحة وَحقيقة ما يقولُه ناطقه.

إنَّ تواريَ المالكي في اليوم التالي للمجزرة، وَإرضاء الرأي العام العالمي بإحالة أمرها إلى لجنة تحقيق حيلةٌ من حِيَلِ باباوات الإرهاب العالمي، ولا ينبغي أن تتركَ هذه الفرصة لتعرية الوجه الإجرامي للعدوان بحُجَّة أن الرأي العام العالمي سيقبل بنتائج تحقيق المجرم مع نفسه ويهدأ.

مجزرةُ الخميس الماضي مثل كُلِّ المجازر التي ارتكبها العدوانُ هي وسائلُ إيضاحيةٌ في دروس ((إدارة التوحش)) التي تمرَّسَ فيها أساتذتُها من واشنطن وَتل أبيب وَلندن مروراً بكتائب الموت في أمريكا اللاتينية (بلاك ووتر حالياً) إلى مجرمي الحرب من بني سعود وشيوخ أبوظبي وَكُـلّ سفّاحي الدم اليمني من كبار المجرمين وَأقزامهم.

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com