ما المناورة الأنسب لتجاوز تعقيدات تحرير إدلب؟

|| مقالات || شارل أبي نادر

بعد أن استبقت وسائل إعلام الدول والجهات المعارضة لتحرير إدلب نتائج قمة طهران الأخيرة، حيث اعتبرت أن القمة ستشهد نقاشاً حاراً بين الأتراك المعترضين على الخطة العسكرية المرتقبة لتنفيذ التحرير، وبين الروس والايرانيين المتحمسين لها، رأت هذه الجهات عند متابعة تصريحات الرؤساء الثلاثة بعد انتهاء القمة أن تركيا هي التي أقنعت الروس والإيرانيين بوقف العملية، وذلك استناداً لموقف الرئيس التركي الذي أظهر اعتراضه عليها.

لم تتأخر كثيراً تلك الجهات لتتفاجأ بأن العملية قائمة وبامتياز، وذلك بعد القصف الجوي الروسي – السوري، العنيف والمركز على مواقع “جبهة تحرير الشام” والمجموعات الإرهابية المتناغمة معها، تماماً كما كان قبل القمة وربما أكثر، وذلك رغم الاعتراض التركي الرسمي، فما المعطيات التي أفرزتها القمة اذن؟ وكيف يمكن التوفيق بين المواقف السياسية المتعارضة وما يجري على الأرض؟ وكيف ستكون المناورة الميدانية الأنسب لتجاوز تلك التناقضات ولتنفيذ التحرير في الوقت نفسه؟

 

في متابعة للمعطيات الاستراتيجية الدولية والإقليمية من جهة، ولخارطة العمليات الميدانية والعسكرية المتعلقة بالعملية من جهة أخرى، يمكن ملاحظة ما يلي:

 

* ميدانيًّا

 

– تتركز التغطية الجوية على الجهتين الغربية والجنوبية الغربية من ادلب، ولا تقوم القاذفات الروسية والسورية باستهداف مواقع خارج تلك المناطق الا نادرا وبشكل استثنائي.

 

– تتركز الحشود العسكرية البرية التابعة للجيش العربي السوري ولحلفائه على المحاور باتجاه جسر الشغور وباتجاه مداخل سهل الغاب الجنوبية الغربية وعلى محاور ريف حماه الشمالي الغربي.

– حتى الآن، أقدم المسلحون الإرهابيون على تفجير ثلاثة جسور أساسية على نهر العاصي والمؤدية الى سهل الغاب من الجهتين الجنوبية والغربية.

 

– لم تعد تظهر نقاط المراقبة التركية التي تمركزت جنوب غرب وغرب ادلب، في الوقت نفسه الذي تم فيه تعزيز نقطة المراقبة التركية في مورك شمال حماه، والمرتبطة مباشرة مع نقطة الاخلاء الروسية جنوب مورك، والواقعة على اوتوستراد حلب حماه.

 

* استراتيجيا

 

الأميركيون مع حلفائهم الغربيين يركزون على موقفهم الرافض لاستخدام الأسلحة الكيمياوية وبأنهم سيتدخلون عسكرياً للرد على ذلك.

الروس يصوبون على تحضيرات الإرهابيين لتنفيذ فبركة مسرحية الكيماوي المعروفة، ومعطياتهم الأمنية والاستخباراتية تؤكد ذلك، وهم بالمقابل (الروس) يحذرون الجميع من استغلال المسرحية التي فضحوا عناصر تركيبها وفبركتها.

 

الأتراك يعارضون العملية، وفي الوقت نفسه، يعتبرون “هيئة تحرير الشام” مجموعة ارهابية – حللوا مهاجمتها – ويركزون على تفادي سقوط مدنيين أبرياء وعلى تفادي تنفيذ مناورة ميدانية تكون سبباً لموجة نزوح واسعة باتجاه أراضيها.

 

– الدولة السورية وحلفاؤها استكملوا تحضيراتهم الميدانية والعسكرية ولا يعيرون أي اهتمام للضجيج الغربي حول “استهداف المدنيين” أو حول “استخدام الكيماوي”، فهم اعتادوا على هذا الضجيج، ولديهم كل الثقة بمناورتهم، التي تحمي المدنيين وتضغط على الارهابيين للاستسلام أو الموت.

 

هكذا ، تظهر معالم وعناصر المرحلة الأولى من المناورة الانسب لتحرير ادلب ولتجاوز تعقيدات العملية، والتي تقوم على تنفيذ مهاجمة عنيفة تستهدف جسر الشغور وسهل الغاب، وفصل جنوب وغرب محافظة ادلب عن المدينة عبر تحرير طريق اللاذقية – جسر الشغور –  اريحا – سراقب وربطها مع ابو الضهور المحررة، وتنفيذ وحماية عملية إخلاء واسعة للمدنيين عبر مورك – حماه، بإشراف تركي روسي مباشر.

قد يعجبك ايضا