اليهود الأفارقة وآفة العنصرية.. المسكّنات المؤقتة لن تخفف الأوجاع الإسرائيلية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في خطاب ألقاه قبل عدة أيام عن نية الحكومة الإسرائيلية باستقبال أكثر من ألف مهاجر يهودي إفريقي الأصل وهذه التصريحات أثارت للمرة الثانية عدداً من المواضيع المتنوعة التي خلقت الكثير من التساؤلات حول كيف سيعيش هؤلاء اليهود الأفارقة الأصل في إسرائيل، وما هي نوايا الحكومة الإسرائيلية حيال هذا الأمر وكيف سيكون وضع هؤلاء اليهود الأفارقة الأصل في إسرائيل مقارنة باليهود الآخرين. يعود تاريخ وصول أول يهودي أسود إلى إسرائيل عام 1880 عندما هاجرت مجموعة من اليهود السود الأمريكيي الأصل إلى الأراضي المحتلة بالتزامن مع إطلاق أول تجمع صهيوني لإقامة دولة إسرائيلية، حيث إنه بعد تأسيس الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، هاجر أعضاء هذه المجموعة إلى الأراضي المحتلة بتأشيرة سياحية من أمريكا وهاجرت المجموعة الثانية إلى إسرائيل في عامي 1969 و1970 وأثناء وصول هؤلاء اليهود السود لم يتم الترحيب بهم من قبل الجالية الإسرائيلية في ذلك الوقت، ولم يعترف الحاخامات الأرثوذكسية بأن هؤلاء السود ينتمون إلى الطائفة اليهودية، وبالتالي، لم يتم الاعتراف بهم بأنهم مواطنون إسرائيليون ولهذا تم إسكانهم بصورة غير قانونية في منطقة “ديمونة” وفي منطقة صحراوية أخرى ولم تقدّم لهم الحكومة الإسرائيلية الكثير من وسائل الراحة ليستطيعوا العيش بسلام وإنما تمت معاملتهم كالعبيد.
وبالإضافة إلى اليهود الأمريكيين السود، هاجر عدد من اليهود السود من القارة الإفريقية إلى إسرائيل المعروفين باسم “يهود فيلسا”، الذين زعموا بأن نسلهم يرجع إلى النبي “داود” من خلال ادعائهم بأن لهم صلة بالملكة “بلقيس” ونتيجةً لعدم إلحاقهم بأيِ من التقسيمات التقليدية اليهودية، بما في ذلك اليهود الأشكنازي “يهود أوروبا الغربية” واليهود السفارديم “يهود أوروبا الشرقية”، فلقد أدى ذلك الأمر إلى عدم اعتراف معظم اليهود بهم وعدم تقبلهم كأتباع لليهود، ومع ذلك، لم يسعَ القادة الإسرائيليون إلى إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة ولم يقوموا أيضاً بتوفير المرافق والخدمات الضرورية لهؤلاء اليهود السود.
وفي الوضع الحالي، تواجه “إسرائيل” مشكلات الهجرة المعاكسة بسبب انعدام الأمن الإقليمي في المنطقة، ووجود يهود أفارقة وزيادة هجرتهم إلى “إسرائيل” يمكن أن يحول دون انخفاض عدد السكان في “إسرائيل” ووفقاً لبعض استطلاعات الرأي العام التي نُشرت عقب الثلاثة حروب التي استمرت لمدة 33 يوماً و22 يوماً و51 يوماً في أعوام 2006 و 2008 و 2014، فإن هنالك 6 يهود من بين كل 10، يفكرون بالهجرة المعاكسة والرجوع إلى بلدانهم السابقة ومن المحتمل أن تزداد هذه النسبة، خاصة في ضوء التهديدات الأمنية المتزايدة للكيان الصهيوني عقب انتصارات محور المقاومة في سوريا والعراق وفوز “حزب الله” اللبناني بأغلبية مقاعد البرلمان في لبنان، ولذلك، فإن “تل أبيب” تسعى جاهدة إلى قبول يهود القارة الإفريقية، وكذلك اليهود الذين جاؤوا من المناطق التي مزّقتها الحرب مثل اليمن وغيرها.
ولهذا فإن الصهاينة يحاولون توسيع الحركات المعادية لليهود في بلدان مثل ألمانيا من أجل إقناع اليهود الذين يعيشون في تلك المناطق بالانتقال والعيش في “إسرائيل” وهذا الأمر سيحول دون انخفاض معدل السكان الصهاينة في “إسرائيل” وسيسهّل على الحكومة الإسرائيلية عمليات تنفيذ مشاريع الاستيطان التي تتطلب سكاناً جدداً ونتيجة لذلك، قام المسؤولون في “تل أبيب” في السنوات الأخيرة بإسكان اليهود السود واليهود الشرقيين، بما في ذلك اليهود الروس ويهود دول أوروبا الشرقية، في مدن غير آمنة تقع بالقرب من الحدود مع قطاع غزة والضفة الغربية والجولان وذلك من أجل استخدامهم كدروع بشرية لتعزيز سيادة “إسرائيل” في هذه المناطق ولهذا فإن القادة الصهاينة يقومون خلال وقتنا الحالي بتوفير الكثير من الإمكانات المعيشية لهؤلاء اليهود الذين عاشوا في فقر وانعدام الأمن ومجاعة في إفريقيا لتشجيع اليهود الباقيين على الهجرة إلى “إسرائيل”.
من جهة أخرى تُعدّ الميزة الأخرى لهجرة هؤلاء اليهود السود إلى “إسرائيل” ومنحهم الجنسية الإسرائيلية، هي إمكانية ضمّهم إلى الجيش الإسرائيلي ووفقاً لقانون الخدمة العامة في “إسرائيل”، يجب على جميع الشباب الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة “رجالاً ونساء” من اليهود والدروز والشركس أن يخدموا في الجيش الإسرائيلي وتعتبر جماعة اليهود الحريديم “الأرثوذكس” هي المجموعة الوحيدة المعفاة من هذا القانون ولكن يجب القول هنا بأن هذا الإعفاء قد يؤدي إلى مواجهة الكيان الصهيوني نقص في جنوده خلال العقد القادم وفي المستقبل القريب، إذا لم تهتم السلطات في “تل أبيب” بتوفير القوة العسكرية اللازمة لحماية أمنها، فإنها ستواجه الكثير من المشكلات، نظراً لتزايد التهديدات الأمنية عليها، لذلك، فإن قبول اليهود من المناطق التي مزقتها الحرب مثل اليمن وإفريقيا يمكن أن يحلّ هذه المشكلة.
ولكن بالنظر إلى معاملة “تل أبيب” العنصرية للمواطنين الجدد في مجال توفير خدمات التوظيف والرعاية الاجتماعية، يمكن أن تتسبب في عدم قدرة اليهود السود على الاندماج في هذا المجتمع الإسرائيلي ومن المحتمل أن تقوم هذه الفئة من اليهود بالعديد من المظاهرات والاحتجاجات داخل “إسرائيل”، ما قد يؤدي إلى خلق حركات مناهضة للعنصرية في المجتمع الإسرائيلي الذي يواجه حالياً العديد من الثغرات الاجتماعية التي جاءت نتيجة للتمييز العنصري بين اليهود السفارديم والأشكناز من جهة، وبين اليهود المتدينين والعلمانيين من جهة أخرى.