مشكلة ابن سلمان مع الشعوب.. أفعاله تحاصره
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || المنار|| ذوالفقار ضاهر
اصطدمت الجولة الخارجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بسلسلة كبيرة من ردود الافعال والتظاهرات الشعبية المناهضة والداعية لعدم استقباله في اكثر من دولة، في دليل واضح على الموقف الحقيقي للشعوب والرأي العام الاقليمي والدولي من الممارسات والانتهاكات التي يرتكبها النظام السعودي في الداخل والخارج ومن ضمنها قيادة العدوان الجائر على اليمن مع كل هذا الكم الهائل من إراقة الدماء وارتكاب جرائم ضد الانسانية ناهيك عن جريمة قتل الاعلامي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا، وصولا لكل الممارسات السعودية في العديد من الدول من دون نسيان كل الارتكابات التي تقع في الداخل بحق النشطاء والمعارضين.
فقد خرجت التظاهرات في البحرين تنديدا بالزيارة التي جاءت بالتزامن مع اعلان النظام الحاكم هناك لنتائج الانتخابات التي قاطعتها الاغلبية الشعبية نتيجة كل الممارسات التي تؤدي الى إقصاء شرائح معينة وتيارات معارضة وشخصيات بارزة عن المشاركة انطلاقا من خلفيات سياسية ومذهبية، وعند زيارته مصر تفاعل الشارع المصري رفضا للزيارة وصدرت المواقف المختلفة لتؤكد معارضتها وكذلك عبر الكثير من المصريين عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا لتونس حيث تنوعت الفعاليات الرافضة بزيارة ولي العهد السعودي نتيجة كل الممارسات التي يتحمل مسؤوليتها خاصة في العدوان على اليمن وفي الاتهامات والشبهات التي تحوم حوله بقتل جمال خاشقجي.
وكذلك أعلنت فئات سياسية وأحزاب جزائرية وازنة رفضها لزيارة ابن سلمان انطلاقا من نفس الاسباب، حيث قال “حزب العمال” الجزائري إنه حذّر من عقبات هذه الزيارة، وأكد ان “الزيارة سياسية ولا يمكن لها أن تكون اقتصادية”، ورفض “كل التبريرات لهذه الزيارة”، اما في موريتانيا فقد عبر الشعب الموريتاني وأحزابه وقياداته الوطنية عن نفس التوجه، وقال “حزب الرفاه” البارز في موريتانيا ان “زيارة محمد بن سلمان المنتظرة للعاصمة نواكشوط مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل هي محاولة لتنظيف أيد مصبوغة بدم الأطفال والنساء العرب”، واشار إلى “دور لابن سلمان في تغذية الحرب العدوانية على سورية، وحرب الإبادة الجماعية في اليمن، ودوره المشؤوم في محاولة تصفية القضية الفلسطينية”، وتابع “على الرغم من الاختلاف الفكري مع الصحافي جمال خاشقجي إلا أننا ندين بكل قوة قتله بطريقة وحشية”. وشدد على ان “محمد بن سلمان هو شخص غير مرحب به في موريتانيا”.
من جهتها، خاطبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية ولي العهد السعودي بالقول في تغريدة لها على موقع “تويتر” على شبكة الانترنت “يا محمد بن سلمان: قبل أن تسافر إلى الأرجنتين لتلميع صورتك أمام رؤساء الدول في قمة G20، إعلم أن القضاء هناك قد يحقق في جرائمك المحتملة السعودية”، وكان المنظمة قد طالبت “الأرجنتين باستغلال بند في دستورها متعلق بجرائم الحرب، للتحقيق في دور ولي العهد السعودي في أحداث حرب اليمن وقضية مقتل جمال خاشقجي”، وذكرت المنظمة الحقوقية أنها أرسلت طلبها إلى القاضي الاتحادي الأرجنتيني أرييل ليغو، وأشارت الى ان ان “الدستور الأرجنتيني يقر الولاية القضائية العالمية في جرائم الحرب والتعذيب”، وهو ما يعني أن البلاد بإمكانها أن تقاضي أي شخص متهم بارتكاب مثل هذه الجرائم بغض النظر عن جنسيته أو مكان ارتكاب الجريمة، خاصة ان محمد بن سلمان لا يتمتع بحصانة رؤساء الدول.
لكن هذه المواقف الشعبية والحقوقية والقانونية الرافضة لزيارة ابن سلمان الى عدة دول على ماذا تدل؟ وأي أبعاد لها على المدى الطويل على الحياة السياسية لولي العهد السعودي؟ هل تعتبر هذه الاحتجاجات مجرد حركة عابرة لا تأثير لها أم ان لها ارتدادات ستصيب مستقبل وطموحات محمد بن سلمان السياسية لا سيما في خلافة والده للجلوس على كرسي الملك في السعودية؟ أليس التناغم الشعبي والرسمي في عدم قبول محمد بن سلمان سيؤدي في لحظة ما الى اقتناع كل المدافعين عنه وعلى رأسهم الادارة الاميركية وبالتحديد الرئيس دونالد ترامب، بضرورة تغيير والبحث عن شخص آخر للحكم في السعودية؟
لا شك ان كل هذه المواقف المناهضة لزيارات ابن سلمان لعدة دول تؤكد ان الممارسات التي يقوم بها في الداخل والخارج مرفوضة ولا احد يقبل ويتحمل مسؤولية إعطاء الرجل “صك براءة” من الناحية السياسية والشعبية، لان القبول باستقبال ابن سلمان الآن يساهم بشكل او بآخر بتلميع صورته بينما هو اليوم هو متهم ومرتكب لكثير من الجرائم في اليمن وفي غيرها من الساحات، والاكيد ان هذه الأبعاد لم تغيب عن بال من رتب هذه الجولة الخارجية لابن سلمان وصولا لرغبته بالمشاركة في “قمة العشرين” بالارجنتين في هذا التوقيت بالذات لاعادة رفع اسهمه امام العديد من الزعماء والقادة الذين انتقدوه بشكل واضح على خلفية قتل خاشقجي او استمرار جرائم العدوان على اليمن.
لذلك قد نجد بعض الرؤساء والمسؤولين الرسميين في بعض الدول يفتحون له الابواب ويستقبلونه نتيجة وجود مصالح وغايات اقتصادية ومالية وطمعا باستثمارات معينة على طريقة الرئيس الاميركي الحالي، إلا ان الشعوب الحية ترفض تقديم التنازلات على حساب مبادئها واخلاقياتها وانسانيتها وترفض الترحيب به بل نزلت الى الشوارع احتجاجا وتنديدا بالزيارة.
المصدر: موقع المنار