لا مرحبا يا أبو المنشار… الجولة الدعاية لـ”ابن سلمان” كان لها تأثير عكسي
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
لقد عاشت الأسرة الحاكمة في السعودية خلال فترة حكمها ظروفاً كان يملؤها الكثير من الخلافات والمؤامرات، لكن ربما لم يكن هنالك شخص – مثل ولي العهد الحالي – قام بخلق الكثير من المشكلات لهذه الأسرة الحاكمة وحتى الطريقة التي وصل بها “ابن سلمان” إلى منصب ولاية العهد قبل عامين كانت مصحوبة بالكثير من الجدل داخل السعودية وخارجها أيضاً، ففي الأسبوع الماضي شهدت العديد من عواصم الدول العربية احتجاجات واسعة ضد الجولة التي قام بها ولي العهد السعودي لبعض تلك الدول قبل أن يتوجّه للمشاركة في قمة العشرين التي ستجري في الأرجنتين. حيث أعربت العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية بأن الاحتجاجات ضد ولي العهد بدأت من البحرين وانتشرت لتصل إلى الدول العربية الأخرى.
جولة ولي العهد السعودي في المنطقة
بدأ ولي العهد السعودي جولته الأولى في المنطقة عقب مقتل الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث قام في البداية بزيارة دولة الإمارات وخلال تلك الزيارة أعرب عدد من المسؤولين السعوديين بأن “ابن سلمان” ينوي أيضاً زيارة عدد من الدول العربية الأخرى من بينها البحرين ومصر وتونس، وقال المتحدث باسم ولي العهد بأن الغرض من جميع هذه الزيارات التي يقوم بها ولي العهد لن يتم الإعلان عنه، ولفت إلى أن ولي العهد سوف يقوم بالمشاركة في قمة العشرين المزمع عقدها في الأرجنتين عقب انتهائه من جولته هذه وأثناء هذه الزيارات نشرت العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية بأن الكثير من الناس خرجوا في مظاهرات ضد هذه الزيارات في العديد من البلدان العربية.
فعندما قام ولي العهد السعودي بزيارة البحرين، قامت الحكومة البحرينية بمراقبة جميع وسائل الإعلام وجميع وسائل التواصل الاجتماعي والجماعات السياسية وإخضعتها إلى رقابة شديدة، للحيلولة دون إقامة احتجاجات في الشوارع البحرينية ضد “ابن سلمان”، لكن كان هناك حزبان سياسيان في البحرين هما “الوفا الإسلامي” وحركة “الحريات والديمقراطية”، استطاعا أن يصدرا بياناً نددا فيه بزيارة “ابن سلمان” للبحرين وفي سياق متصل أعربت بعضٌ من وسائل الإعلام بأن الوضع في الإمارات لم يكن مختلفاً عمّا كان عليه في البحرين، حيث قامت السلطات الإماراتية بفرض قيود على جميع وسائل الإعلام وعلى جميع التيارات السياسية في البلاد لمنع الناس من الخروج والمشاركة في مظاهرات ضد زيارة “ابن سلمان” لأبو ظبي وأما في مصر فلقد أعربت ما يقرب من 100 صحيفة إخبارية رفضها القاطع لزيارة “ابن سلمان” للقاهرة وأصدروا بيانات أعربوا فيها بأنهم يرفضون زيارة شخص يقوم بالعبث بحياة مواطنيه، مشيرين إلى قضية مقتل الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” ولكن الاحتجاجات بلغت ذروتها في تونس، حيث نظم مئات التونسيين، مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، رفضاً لزيارة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، على خلفية اتهامات له بالوقوف وراء مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” ورفع المحتجون شعارات من قبيل “تونس ليست للبيع”، و”الشعب يريد طرد ابن سلمان”، و”الشعب يريد تجريم التطبيع”، كما رفعوا أعلام تونس والجزائر وموريتانيا ومصر وفلسطين ونظراً لكل هذه الاحتجاجات، قامت الحكومة المغربية والجزائرية بالتواصل مع “ابن سلمان” وإبلاغه بأنهم يعتذرون عن استقباله.
الجولة الدعاية لابن سلمان كان لها تأثير عكسي
إن جولة “ابن سلمان”، التي قام بها عقب قتله للصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي”، لعدد من الدول العربية، جاءت كمحاولة لإظهار أن قضية القتل تلك لم تؤدِ إلى فرض عزلة على السعودية، وأن الرياض لا تزال تلعب دوراً أساسياً في المنطقة ولكن نظراً لخروج المئات من الناس في مظاهرات احتجاجية على زيارة “ابن سلمان” لعدد من الدول العربية وإلغاء بعض الزيارات التي كان يسعى “ابن سلمان” القيام بها إلى بعض الدول العربية كالجزائر والمغرب، قد أكدت بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الجولة كانت مخيبة للأمل وأن التوقعات لم تكن كما كان يظنها القادة في الرياض، وأن السياسة الخارجية الحالية للسعودية، وخاصة في المنطقة، تواجه تحدياً كبيراً.
الرجوع بأيدي فارغة تتعلق بـ”صفقة القرن”
لقد جاءت جولة “ابن سلمان” الإقليمية متزامنة مع بعض الحركات الصهيونية في المنطقة، ولهذا فلقد رأى العديد من الخبراء السياسيين بأن هذه الزيارات كانت محاولة من ولي العهد السعودي لتنفيذ اقتراحات “تل أبيب” و”واشنطن” و”صفقة القرن” المشؤومة المتعلقة بالقضية الفلسطينية ودعوة الشعوب العربية إلى تطبيع علاقاتهم مع “إسرائيل” وهذا الأمر كان أحد أهم الأسباب لخروج المئات من الناس في مظاهرات احتجاجية لزيارة “ابن سلمان” لبلدانهم والتي أدت إلى عودة “ابن سلمان” بأيدي فارغة من هذه الجولة الإقليمية
وبهذا كله يمكن القول هنا، بأن جولة “ابن سلمان” في المنطقة وفي شمال إفريقيا لن يغير من معارضة الشعوب لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وبالتالي فإن ولي العهد السعودي سيعود إلى الرياض بعد سفره إلى الأرجنتين بخفي حنين وبأيدٍ فارغة ومن المحتمل أن تتزامن عودته هذه مع موجة متزايدة من المعارضة الداخلية له وهنا تشير بعض الأخبار غير الرسمية حول إمكانية عزل “ابن سلمان” من منصبه كولي للعهد من قبل مجلس البيعة السعودي، وهذا يعني نهاية نهج “ابن سلمان” ونهاية مسيرته السياسية.