فوضى ليبيا، الجزائر وفنزويلا: السيطرة الأميركية على الطاقة

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || العهد الاخباري: إيهاب شوقي

يصعب كثيرا تصور وجود مصادفات سياسية وخاصة إذا ما ارتبطت المصادفات بخيط واحد، ويصعب من الأساس تصور تحركات فردية لأطراف من المعلوم بالضرورة أنها لا تمتلك رفاهية التحرك المستقل وعلى الأقل التحرك دون تلقي الضوء الأخضر للحركة.

هل هناك خيط رابط بين أحداث الجزائر ورغبة عدة أطراف في تصعيدها، وما تبعها من تحركات عسكرية بدت مباغتة في ليبيا وتزامن ذلك مع التصعيد المبالغ فيه مع فنزويلا، ناهيك عن استهداف ايران ومحاصرتها وتعطيل التسوية في سوريا وتعقيد ملف شرق الفرات، وكذلك تلميع موضوع الملف النووي السعودي وكأنه اكتشاف مفاجئ؟!

إن اكتشاف مثل هذا الخيط هو الذي يكفل تفسير بعض الألغاز، من قبيل كيفية تحرك خليفة حفتر وسط ادانات دولية وما هي ضماناته ولماذا بعد زيارته للسعودية، وكذلك يمكن معرفة سر عدم مهاجمة الحراك الجزائري من قبل قنوات متحسسة للحراكات مثل قناة العربية وسر تحليلات الكتاب المحسوبين على مواقع سعودية والتي لا تخرج بنتيجة سوى توقع الطرق المسدودة مع بعض الاشارات الخفية التي قد تؤدي للوقيعة واحتدام الصراع.

هل يمكن أن يكون الخيط هو أمن الطاقة ومحاولة أمريكا انتزاع إدارته وبالتالي ملاحقة كبار منتجي أوبك لتقليل صادراتهم؟ وهل من رابط بين ذلك وبين ابراز موضوع المفاعل النووي السعودي للسطح؟

إن تأمّل أسماء كبار منتجي أوبك يعطي وجاهة لهذا الطرح، فبخلاف حلفاء أمريكا الراسخين في أوبك كالسعودية والإمارات، فإننا نجد استهدافا وملاحقة لإيران وفنزويلا، وأحداث في ليبيا والجزائر والعراق، ونرى ما يشكل خطرا على الإنتاج وعلى صادراتهم، وإذا أضفنا أن أمريكا أصبحت المنتج الأول للنفط في العالم فإن الأمر بحاجة لوقفة تأملية.

في مارس المنقضي، وقف مايكل بومبيو وزير خارجية أمريكا أمام حشد من المشتغلين بالطاقة في هيوستن وقد تسرب ما جاء بالاجتماع على لسان بومبيو ونشر بعدة وسائل إعلام، وممن نشروا تفريغات لكلمة بومبيو، كان موقع “فولتير”، ويمكننا هنا التقاط بعض كلمات لبومبيو وإلقاء الضوء عليها كما يلي:

1ـ قال بومبيو أنه في آب/ أغسطس من العام الماضي، تفوقت الولايات المتحدة على روسيا كأكبر منتج في العالم، وعندما يتعلق الأمر بالعرض العالمي، فقد ارتفع إنتاج النفط الأمريكي بأسرع وتيرة في التاريخ ، وهي أكبر زيادة في إنتاج النفط لعام واحد لم يشهدها العالم من قبل. هذا رائع ومهم.

2ـ قال بومبيو أن إدارة ترامب تعمل بقوة، بناءً على اقتناعها الراسخ بأنه يتعين علينا تعزيز مصالح أمريكا من خلال توسيع الأدوات المتاحة لدينا لدبلوماسينا، وخاصة أداة وفرة الطاقة الأمريكية. تعلمون جميعا هذا: إنه عالم معقد ومتشابك. لديك شراكات مع شركات في جميع أنحاء العالم، وعلى الولايات المتحدة التنافس. علينا أن نخلق أمن الطاقة لأولئك في جميع أنحاء العالم. ويمكننا القيام بذلك. يمكننا القيام بذلك عن طريق الشراكة، من خلال الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يعملون لضمان أن الأسواق مفتوحة للشركات الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

3ـ تناول بومبيو نماذج ايران وسوريا وفنزويلا وقال ان السيطرة على الطاقة ستخدم السياسة الامريكية وتقضي على قدرات خصومها ضاربا المثل بمساندة كوبا لفنزويلا وبسياسات ايران المناوئة لأمريكا وسياسة روسيا في أوكرانيا، وذاكرا شرق الفرات ومنابع النفط وعدم السماح للرئيس السوري بالسيطرة عليها.

وبالتالي، فنحن هنا أمام استهداف وتتبع لمنتجي الطاقة وصادراتهم، وتعاون سعودي واماراتي مبين في استهداف هذه الدول وخلخلة استقرارها وشحن اجوائها بما يؤثر على إدارة مواردها النفطية، وبما يغير خريطة إدارة الطاقة بالعالم.

يأتي على هذا المنوال أيضا موضوع المفاعل النووي السعودي، حيث كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، أن السعودية أوشكت على الانتهاء من بناء أول مفاعل نووي على أراضيها، وأظهرت صور الأقمار الصناعية المرافق النووية قيد الإنشاء.

وأوضحت بلومبيرغ أن شركة “إنفاب إس إي” المملوكة للحكومة الأرجنتينية باعت تلك الوحدة إلى السعودية، التي تخطط لبدء تشغيلها في وقت لاحق من العام الجاري.

وسياق خبر بلومبرغ يبدو وكأنه كشف وتسريب لأمر جلل، بينما بالبحث والتنقيب عن المشروع وأصله، فإن المعلومات الواردة بموقع الرابطة النووية العالمية، وفي قسم مكتبة المعلومات بخصوص المشروع النووي الأرجنتيني، ورد بها المعلومات التالية:

1ـ مفاعل CAREM وهو اختصار (Central Argentina de Elementos Modulares)، وهو جانب من خطة الحكومة الارجنتينية الإستراتيجية لعام 2006 وهو نموذج أولي بقدرة 29 ميجاوات وتم

تطويره بواسطة CNEA مع INVAP e وآخرون منذ عام 1984.

2ـ مفاعل CAREM25 النووي هو وحدة PWR مبسطة 100 ميجاوات مع مولدات بخار متكاملة، مصممة لاستخدامها في توليد الكهرباء (29 ميجاوات إجمالية ، 25 ميغاواط صافي) أو كمفاعل أبحاث أو لتحلية المياه. والمشروع  قيد الدراسة لتحلية المياه في المملكة العربية السعودية، وفي آذار/ مارس 2015 تم إنشاء شركة مشتركة، Invania ، هناك مع INVAP لتطوير التكنولوجيا لبرنامج الطاقة النووية السعودي.

وحتى بتتبع المحللين الاستراتيجيين المتخصصين بالشأن السعودي، أمثال سايمون هندرسون، فإننا نجده يقول إن ما تريده الرياض هو مفاعلات للطاقة النووية، لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. ومن أجل الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، تحتاج الرياض إلى توقيع ما يسمى بـ “اتفاقية المادة 123″، والتي من شأنها أن تحدد معايير التعاون النووي. ويجدر بالذكر أنه عندما وقعت الولايات المتحدة مثل هذه الاتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة في عام 2009، تعهدت أبو ظبي بعدم تخصيب الوقود الخاص بها أو إعادة معالجة الوقود المستهلك.

وبسؤال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في حوار مع قناة “CBS” مؤخرا عن المشروع النووي السعودي، قال نصا: “إن واشنطن لن تسمح للسعودية بأن تصبح قوة نووية تهدد الولايات المتحدة و”إسرائيل”.

أي أننا أيضا بصدد فقاعة يتم تضخيمها لخلق بؤرة عدم استقرار في الخليج والدفع لسباق تسلح نووي وقطع الطريق على تفاهمات ايرانية اوربية وتوتير الأجواء.

إن أمن الطاقة وادارتها يتحكم في سلوك القوى الكبرى وتتشبث أمريكا به كرابط بينها وبين انقاذ ما يمكن انقاذه من نفوذها، وان النظر لقضايا المنطقة من هذا المنظور يمكن ان يحل الغازا عديدة ويمكن ان تبنى عليه خطط المواجهة لتحديات مستجدة.

قد يعجبك ايضا