معركة تزكية النفوس والعقول والسلوك
موقع أنصار الله || مقالات || صلاح الدكاك
سيّدُ الثورة في خطابه الأخير تحت عنوان (علم وجهاد) يستهدفُ -بالتنبيه والتصويب- وعيَ ونفوسَ وأدمغةَ أولئك الذين يضلون السعيَ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ومناسيبُ حضور هؤلاء في صَـفِّ الحق ليست أقلَّ من مناسيب حضورهم في صَـفِّ الباطل، لكنهم في الصف الأول يغدون أكثرَ خطراً على الحق من خطر الباطل الصريح عليه..
إن انتصارَنا في معركتنا مع باطل العدوان الكوني الجلي مرهونٌ بانتصارنا في معركة تزكية النفوس والعقول والسلوك والأعمال والنوايا والمقاصد وبقدر ما نحقّــقُه من تقدمٍ في المضمار الأخير من صراع الأهواء والأباطيل والمسلّمات الخاطئة، نكسب في مضمار معركتنا مع العدوان الكوني المباشر والصريح..
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) وإنما أنزل اللهُ رسالاتِه لإعداد المستضعفين إعداداً رسالياً قِيَمياً وفكرياً ليخوضوا صراعَ الحق والخيرية والاستخلاف في مواجهة المستكبرين وشرورهم وأباطيلهم، بعهد الله الذي عاهدهم عليه وبتفضيله لهم على ملائكته من حَيثُ نفخةِ الخلق التي تضعُ النفسَ البشرية على محك الصراع بين السمو والرفعة وحُسنِ التقويم لتكونَ بمستوى رهان الاستخلاف تمثُّلاً لروح الله التي نفخها فيها أَو الخلود لطينة التكوين والنكوص لأسفل سافلين بالانسلاخ عن آيات الله والغرق في وَحْلِ الأهواء التي لا يسمو الغارقُ فيها مهما كان مخزونُه المعرفي وافراً؛ لأَنَّه يكونُ قد انسلخ من جوهر القيمة الإنْسَانية المتحقّــقة من استنارة الروح لمغزى وجودها الدنيوي لا من مراكَمَةِ القوة المقرونة بانمساخ الروح وخواء الذات من كُــلّ مغزىً سوى عبادة الشهوات والأهواء وتعبيد البشرية للمستكبرين بما أوتوا من قوة واكتسبوا من تمكين..
إنَّ سجدةَ الاستخلاف الإنْسَاني الأولى هي مفتتحُ الصراع البشري المديدِ مع استعلاء إبليس عن السجود واستكباره بدعوى الأفضليةِ الخلقية وعنصرية الفرز لمستويات القيمة الوجودية للأحياء على غيرِ محك التقوى وامتثال روح الله والوفاء بعهده..
لقد اشتعل فتيلُ الصراع بدءاً بين الحق والباطل من استكبار إبليس ورفضِه السجودَ لآدمَ؛ بدعوى خيريته عليه.. خيريةٌ منطويةٌ على الشر ومستعليةٌ على عهد استخلاف الله لآدمَ بما هو مظهر جدلية الخير والشر معاً.. يرتقي فيكونُ نفخةً من روح الله لا سبيلَ لتعبيدها لغيره أَو ينتكسُ فيكونُ محضَ طينة وضيعةٍ راكعة تحت أقدام الاستكبار أَو معبَّدة لأهوائها، متخذةً منها إلهاً من دون الله فهي كالكلب في لهاثها على تحوُّلِ حالاتها خوفاً بلا أمن وأمناً بلا سكينة..