تموز النصر.. مفاعيل مستمرة ورسائل متجددة
|| صحافة عربية ودولية || المنار
رغم مرور سنوات لا يزال عدوان تموز 2006 حاضرا بمفاعيله وآثاره ليس فقط في الاعلام الصهيوني بل في دراسات مراكز الابحاث وصولا الى المستوى القيادي لأن مضامين ومفاعيل هذا العدوان ونتائجه لا تزال تفعل فعلها في العقل الصهيوني تحليلا بل تاثيرا وردعا.
في الاعلام الاسرائيلي ما زال يتجدد الموعد عند ذكرى الهزيمة هذه ليبث النقاشات من جديد بل انها تمتد على فترات اخرى من العام ، فموضوع الحرب فيه جوانب ونقاشات لا تنتهي جراء التفاصيل الكثيرة التي حصلت والمفاجآت التي صدمت العدو والاهم من ذلك صمود لبنان ومقاومته 33 يوما امام أحد اكثر الجيوش في العالم تطورا من حيث الامكانيات وامام الدعم الاميركي الواسع والمتشعب الجوانب.
في هذا العام كانت الذكرى متميزة لدى جمهور المقاومة وارتباكاً مضاعفاً لدى العدو اذ أضيف اليها اطلالة مميزة للسيد حسن نصر الله تركت العدو في تفكير وتحليل وردع اضافي وهو الذي تترك ذكرى الحرب كل عام لديه ذكريات مربكة من الماضي وتوقعات مخيفة للمستقبل.
ومن المعروف ان اوساط العدو تتابع اطلالات ومقابلات السيد نصر الله بطريقة ربما لا تفردها لغيره مما يدل على عظيم الاثر الذي يتركه. وقد شهدنا تعليقات في الاوساط الصهيونية على مضمون المقابلة، بل من بنيامين نتنياهو والناطق باسم الجيش الصهيوني اللذين لم تعبر تعليقاتهما الا عن مدى الارتباك والغيظ، وان المقابلة المطولة وما حملته من مضمون متقدم، ولتضاف اليه الخريطة “المخيفة” للعدو التي استعان بها سماحته، فإذ بالعدو الذي لم يخرج بعد من آثار خريطة هزيمته المتوزعة في ميادين لبنان في تموز 2006 يدخل في متاهة خريطة مستقبله القاتم في العمق هذه المرة.
هي اذاً مضامين فعلت فعلها ايجابا لدى الجمهور المقاوم والصديق وسلبا لدى العدو حيث حملت رسائل نوعية بالشكل والمضمون للداخل الصهيوني ، ومعروف ان السيد نصر الله توجه في كثير من خطاباته الى الراي العام الصهيوني بشكل مباشر او مبطن وأتقن حربا نفسية مستندة لوقائع منذ ما قبل التحرير الى حرب تموز الى اليوم في مواقف ومعادلات متراكمة.
في حديث لموقع المنار يشير الباحث في الشؤون الصهيونية الاستاذ علي حيدر ان مواقف اطلالة السيد نصر الله “أوصلت الرسالة بكل معنى الكلمة للراي العام الاسرائيلي والنخب وصناع القرار وتمثل ذلك بتغطية وسائل الاعلام لمضامين المقابلة، حتى ان مقدمات نشرات الاخبار المسائية في اليوم التالي -لأن المقابلة انتهت بوقت متأخر- ابتدأت بمواقف سماحة الامين العام لحزب الله وذلك في كافة القنوات الاسرائيلية الرئيسية”.
اضاف “اما على المستوى الرسمي فكما هو معلوم تصدى للرد نتنياهو بنفسه وهذا دل على قوة حضور رسائل حزب الله والسيد نصر الله في الواقع الاسرائيلي وعلى صناع القرار والملفت انه هدد برد ساحق مع ان حزب الله عندما هدد بالضربات القاسية لقلب اسرائيل هدد في سياق الرد على العدوان والردع والدفاع وهذا يعني ان رد نتنياهو كان خارج السياق “.
واكد حيدر ان “من الواضح ان هذه الرسائل حضرت وستظهر مفاعليها تباعا لان هذا المستوى من الرسائل عادة ما تظهر تداعياته بشكل متدرج”.
وعن اجواء ذكرى حرب تموز في الداخل الصهيوني في هذه الآونة يلفت حيدر ان “مقاربة عدوان 2006 من قبل الخبراء والمعلقين ومراكز الدراسات الاسرائيلية اخذت منحى جديدا في الفترات الاخيرة اذ يبدو ان هناك محاولة اعادة انتاج صورة جديدة للحرب في محاولة لاحتواء مفاعليها والحد من تداعياتها على الواقع الاسرائيلي، تَمثل ذلك من خلال الزعم بوجود صورة الردع المتبادلة”. واضاف “تم حجب متعمد لبقية الاهداف التي فشلوا في تحقيقها، من انتاج شرق اوسط جديد الى سحق حزب الله الى العديد من الاهداف المحلية والاقليمية”، واعتبر انه “مع ذلك فحتى هذا الادعاء هو انجاز لحزب الله وليس لاسرائيل فاسرائيل طوال تاريخها كانت رادعة غير مردوعة”.
وعن الاسباب التي تجعل نصر تموز يستمر بإلقاء ظلاله على الداخل الصهيوني وكيف يتجسد هذا الأثر، يقول المتخصص بالشأن الصهيوني “نستطيع ان نقول ان حرب 2006 كانت ولا تزال حاضرة في خلفيات ووعي مؤسسات صنع القرار في اسرائيل ولدى دراسة كل خيار عملاني بل انها ادت الى كيّ وعي وانتاج مفاهيم جديدة لدى القادة العسكريين، تنطلق من ادراك اسرائيل لحدود قوتها بمعنى ان من اهم مفاعيل حرب 2006 انها دفعت اسرائيل للالتزام بسقوف محددة في الصراع المستمر”.
ويضيف “في هذا السياق يصح وصف حضور حرب 2006 والانتصار المقاوم فيها بانها الشجرة الطيبة التي ما زالت تؤتي اكلها كل حين، ويظهر ذلك في خطط الجهوزية لديهم فهم يستندون الى حرب 2006 ويقارنون بين تطور حزب الله على مستوى القدرات والخبرات ويخلصون الى نتيجة ان حزب الله 2006 لم تستطع الانتصار عليه فكيف حزب الله الآن والذي اصبح اكثر عددا وتسليحا وخبرة وتطورا وقدرة على تدمير المنشآت الاستراتيجية واكثر قدرة على الوصول الى اي هدف في فلسطين وتحول الى قوة اقليمية بل الى جيش باعتراف رئيس الاركان الصهيوني الجديد والذي دعا قادة الجيش الى التعامل مع حزب الله على انه جيش”.
ويخلص حيدر الى القول “هم يدركون ويتعاملون مع حزب الله بايحاءات حرب 2006 مضروبة بأضعاف وهو السر في امتناعهم عن شن حرب اخرى طوال السنوات التي مضت”.