أيهما الخيانة: العلاقات مع إيران أم التطبيع مع إسرائيل؟
موقع أنصار الله || مقالات ||عبد الفتاح علي البنوس
يسوق الأمريكي والإسرائيلي لدى العرب عامة ولدى الخليجيين خاصة للخطر الإيراني الذي يتهددهم وخصوصا في منطقة الخليج العربي ، والتي تطلق عليها إيران مسمى الخليج الفارسي ، حيث يستخدم البيت الأبيض وتل أبيب مصطلح (فوبيا إيران) كفزاعة لإرهاب وإرعاب دول الخليج وفي مقدمة ذلك السعودية والإمارات وإجبارها على المزيد والمزيد من ضخ الأموال تحت يافطة الحماية الأمريكية والإسناد اليهودي لآل سعود وآل نهيان، وتلعب أمريكا وإسرائيل بالعديد من الأوراق لتمرير هذا المخطط الاستغلالي القذر، وفي مقدمتها الورقة المذهبية المقيتة ، حيث تعزفان على وتر خطر التمدد الشيعي في المنطقة، والذي تكيفانه على أنه يمثل مصدر تهديد للوهابية السعودية، التي باتت هي الطاغية بثقافتها وأفكارها ومعتقداتها على معظم الدول العربية والإسلامية تحت إغراء المال السعودي ، الذي سخر وما يزال لنشر الأفكار والمعتقدات الوهابية التي جاء بها محمد بن عبدالوهاب الحليإ الاستراتيجي للاستخبارات البريطانية، مستغلة المتغيرات السياسية التي طرأت على المشهد العام في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين بصعود التيارات الشيعية المذهب، حيث تعتبران ذلك مصدر تهديد للوهابية السعودية التي تتدثر تحت عباءة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح.
وفي الجانب الإيراني تلعبان على ورقة الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى والتي تقول الإمارات بأنها جزر إماراتية محتلة من قبل إيران ، ولكن صوت الإمارات فيما يتعلق بملف الجزر الثلاث ما يزال خافتا، وتعمد الإمارات لمهاجمة إيران تنفيذا للتوجيهات الأمريكية الإسرائيلية تحت يافطة خطرها على الأمن الإقليمي للمنطقة ودعمها لأنصار الله (الحوثيين) حسب وصفهم ، وعلى ذات السياسة العدائية لإيران تسير مملكة البحرين التي تشن حربا شعواء على الشيعة في البحرين الذين يمثلون الأغلبية بدعم وإسناد من السعودية الوهابية ، وتتهم البحرين إيران بدعم الشيعة هناك بهدف الانقلاب على نظام الحكم، رغم أن مطالب الثوار هناك لا تمس السلطة الحاكمة وإنما تتركز في احترام الحقوق والحريات وترسيخ النهج الديمقراطي في البلاد بمشاركة كافة أبناء الشعب البحريني دونما تمييز أو إقصاء.
المهم نجحت أمريكا ومن خلفها اللوبي اليهودي في توجيه بوصلة العداء والكراهية العربية لإسرائيل ، نحو إيران، بعد أن عملوا على شيطنتها وتصويرها على أنها الخطر الذي يتهدد المنطقة، بالتزامن مع قيامهم بنشاط محموم ومكثف لتمرير صفقة القرن، وتطويع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل والاعتراف بشرعيتها، وللأسف أن ذات الدول التي تتبنى النزعة العدائية لإيران، هي من تتصدر مشهد التطبيع والتآمر على القضية الفلسطينية، وهي من توظف وتسخر كافة إمكانياتها وثرواتها لتحقيق هذا الهدف الذي باتت تتبناه وتعمل على تمريره، ضاربة عرض الحائط بالقضية الفلسطينية التي تمثل قضية العرب المصيرية، المهم أن ترضا عنهم واشنطن وتل أبيب، وهو ما يعني حصولهم على الدعم والتأييد للبقاء على سدة الحكم أطول فترة ممكنة.
يمارس ذلك بكل وقاحة وجرأة وقلة حياء، وعندما يطرأ أي تغيير في مواقف بعض هذه الدول تجاه إيران كما هو حال الإمارات تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأن التقارب مع إيران أكثر جرما وفضاعة من التطبيع مع الكيان الهيوني الإسرائيلي؟!! ولا أعلم ما هو المانع من بناء جسور الثقة بين العرب وإيران؟!! ما الذي يخيف من ذلك؟!! هناك ضغوطات أمريكية واضحة وملموسة وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن لا يعني ذلك أن نغفل عن مراجعة المواقف وتصويب وتصحيح مسارها، ونرى أن التقارب مع إيران كفيل بنسف كافة الأوهام وتبديد ذلك الخطر المزعوم منها، فمن الغباء استعداء إيران لإرضاء أمريكا، التي تستغل ذلك في ابتزاز إيران ودول الخليج، وما دامت ثقافة المنفعة وسياسة المصلحة هي التي تتحكم في المواقف والقرارات السياسية ،فإن لغة العقل والمنطق تقتضي أن يكون التقارب العربي الإيراني هو المقدم والمغلب على التقارب العربي الإسرائيلي، على الأقل في هذه المرحلة التي تعمل فيها الإدارة الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب على وأد القضية الفلسطينية من خلال تمرير صفقة القرن.