القيم الرسالية
• الحرية بمفهومها الصحيح
إن الرسالة الإلهية مشروع عدل وخير وعز وشرف, وثمرتها سعادة البشرية في الدنيا والآخرة, وسمو الإنسان لأداء دوره الحضاري في الأرض على أساس من القيم والأخلاق, وأنبياء الله هم حملة الرسالة وهم القدوة والقادة, وأثر الرسالة في الواقع يتحقق من خلال الارتباط بهم وبرسالتهم بما فيها من قيم ومبادئ عظيمة وعادلة ونور وبصائر, ومن أهم تلك القيم الحرية بمفاهيمها الصحيحة والتي هي تحرير الإنسان من ذل استعباد وهيمنة قوى الشر والطغيان إلى شرف العبودية لله الخالق الواحد الأحد.
ومن يتأمل الواقع في عصرنا يدرك مدى معاناة البشرية من هوان الاستعباد وقهر التسلط والهيمنة والتحكم بمصائر الشعوب ويدرك عظمة الرسالة الإلهية التي تحرر البشرية إذا عادت إلى قيمها ومبادئها المثلى قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} فمن يسلب الناس حريتهم هو الطاغوت الذي يفرض إرادته الظالمة وسيطرته بغير الحق عليهم وعلى مصائرهم ويصادر إرادتهم المنبثقة عن إنسانيتهم وكرامتهم.
إن الحرية لا تعني تجرد الإنسان عن مكارم الأخلاق والقيم المثلى وخلعه لرداء إنسانيته, لا !.. الحرية ترفُّع وسمو عن كل مظاهر الانحطاط, والحرية إباء وشموخ في مواجهة الاستعباد والقهر, والحرية سلوك نبيل وتحرر من أسر الهوى والميول الفاسدة, هذه هي الحرية التي أتى بها الأنبياء.
• تربية جهادية
والإسلام – أيها الإخوة – يربي رجالاً يحملون الحديد فيذودون به عن هدى الله, فيواجهون به الطغاة, ويواجهون بالحديد المستكبرين, ويواجهون بالحديد الطامعين الذين يريدون أن يطفئوا دين الله.
إن دين الله يربي رجالاً, ينتج رجالاً, ينتج أبطالاً يخلعون ثوب الذل, وكذلك يكونون بعيداً عن السكينة المسكنة والهوان والإذلال والتعاسة, رجالاً أعزاء بعزة الله العزيز, وبعزة رسوله العزيز, وبعزة القرآن العزيز, أنزل الله الحديد ليكون أبناء الإسلام, أمة محمد, أتباع محمد رجالاً يحملون الحديد فيدافعون بالحديد عن أنفسهم, وبالحديد الذي حمله رسول الله درعاً, وبالحديد الذي حمله رسول الله سيفاً, وبالحديد الذي حمله رسول الله سهماً, تحرك رسول الله كأعظم قائد عسكري وبطل ورجل عظيم ليقارع الطغيان, ليقارع المنكر, واجه اليهود وهزمهم, وواجه مشركي العرب وطغاة العرب, والمفسدين من العرب وهزمهم, وواجه أيضاً النصارى بكل إمكانياتهم العسكرية وانتصر عليهم.
هذا هو رسول الله الذي خاض الكثير من المعارك ذوداً عن الحق, من أجل المستضعفين, من أجل المظلومين, من أجل إقامة الحق, من أجل إزالة الظلم وإزالة الطغيان, على هذا الأساس قام الدين, وقام الحق, وقام العدل, وأصبح للمسلمين كيان عزيز, وكيان مقتدر وقوي.
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بجهاده العظيم حتى وهو يحتضر, وهو يحتضر على فراش الموت كان قد أعد سرية جهادية, أعد جيشاً مجاهداً وهو يقول: ((أنفذوا جيش أسامة, أنفذوا جيش أسامة)), بهذه الجهود العظيمة التي بذلها (صلى عليه وآله وسلم) وهو يبلغ ثم وهو يقاتل, ثم وهو يربي, ثم وهو يعلم, ثم وهو يصلح, بهذه الجهود العظيمة قام للإسلام كيان عزيز وعظيم وقوي.
خطاب السيد بمناسبة المولد النبوي 1429هـ
• رسالة عالمية
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يتحرك ضمن مسؤولية عالمية، مسؤولية عامة، فمسؤوليته هو وأمته مسؤولية ترتبط بالناس عموماً وليس بالعرب خاصة، مسؤولية ترتبط بالعالمين، كما يقول الله جل شأنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(الأنبياء: 107), {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}(الأعراف:158)، وعلى هذا الأساس تتحمل أمة هذا النبي المسؤولية في أن تعمل على إقامة الحق والعدل ونشر الهدى على مستوى الأرض، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}(آل عمران:110).
خطاب السيد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1431هـ
رسول الله محمد صلى الله عليه وآله لم يكن فقط رسول عصره، بل هو رسول الله إلى العالمين من عصره وإلى قيام الساعة، وفي منهجيته وحركته الرسالية كان يحسب حساب الأجيال الآتية، {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} إضافة إلى سعة المنهج الإلهي الشامل الذي يتسع للحياة، وشؤون الحياة مع تغيراتها وأحداثها ومستجداتها إلى قيام القيامة.
خطاب السيد بمناسبة المولد النبوي الشريف 1433هـ