الاستثمار الأجنبي.. حيلة إماراتية جديدة للتدخل في شؤون دول المنطقة

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

على الرغم من أن الاستثمار الأجنبي أمر طبيعي للغاية في العلاقات الاقتصادية بين البلدان، إلا أنه عادة ما يكون له قواعده وخصائصه الخاصة، وإن لم تتوافر تلك القواعد والخصائص، فإنه يمكن القول بأن البلد المستثمر لديه أهداف غير اقتصادية وغير مالية يسعى إلى تحقيقها في البلد الآخر.

وعلى الرغم من أن صربيا تُعدّ دولة أوروبية، إلا أن إحصاءاتها الإدارية والاقتصادية تشير إلى أن الاستثمار في صربيا ليس جذاباً للمستثمرين الأجانب على الأقل من حيث التكلفة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.

وعلى سبيل المثال، أحد أهم المعايير للمستثمرين الأجانب تتمثل في الجودة المؤسسية للبلد، والتي وفقاً للإحصائيات الدولية فإن صربيا احتلت المرتبة 104 من أصل 137، ما يعني أن العديد من الدول غير الأوروبية تعيش في حالة أفضل بكثير من صربيا.

ومن ناحية أخرى، تعتبر قضية الفساد من أكبر المشكلات التي تعصف بهذا البلد الأوروبي، حيث صنّفت الإحصاءات الدولية صربيا بأنها تحتل المرتبة الـ76 من بين 173 فيما يتعلق بقضية الفساد. وتجدر الإشارة هنا إلى أن صربيا تُعدّ أكبر بلد أوروبي من حيث الاتجار غير المشروع بالأسلحة.

ووفقاً للأرقام الرسمية، يستثمر المسؤولون الإماراتيون حوالي 4 مليارات دولار في صربيا، وحسب تصريحات الرئيس الصربي فإن معظم تلك الاستثمارات تتمحور حول السياحة والزراعة.

وهنا يتبادر هذا السؤال إلى أذهانا، لماذا حوّلت دولة الإمارات اهتمامها إلى الاستثمار في بلد به هذه الخصائص؟ يمكن العثور على إجابة هذا السؤال في تقرير نشره موقع ” middle east eye “، والذي كشف أن الإمارات تستثمر في صربيا الكثير من الأموال في تجارة الأسلحة، مضيفاً إن الهدف من هذه التجارة هو تزويد الكثير من مقاتلي الشرق الأوسط بالأسلحة الذين يقاتلون إلى جانب أمريكا و”إسرائيل” (العراق، سوريا، اليمن، إلخ).

وهنا يمكن القول بأن هذا التحليل يحتوي على الكثير من المصداقية وذلك عند النظر في بضع نقاط: أولاً، كانت هناك علاقة وثيقة بين المسؤولين الصرب ومحمد بن زايد، وفضلاً عن ذلك فإن سهولة تجارة الأسلحة السرية في صربيا ومستوى الفساد العالي الذي يتمتع به هذا البلد، يعتبر من أبرز النقاط التي تقوّي تحليل موقع ” middle east eye “.

ونتيجة لذلك وكما ذكرنا سابقاً، فإن الوضع في صربيا يؤكد بأن الإمارات استغلت الظروف المضطربة في هذا البلد للمضي قدماً في تجارة الأسلحة وتزويد الإرهابيين بالأسلحة والإمدادات لتأمين منافع أنفسهم وحلفائهم في العراق وسوريا.

وبالنظر إلى مسار تصرفات دولة الإمارات في العراق، يمكن مشاهدة بعض الدلائل حول سعي أبو ظبي لتنفيذ الخطة الصربية في العراق:

شركة “أوليف” للأمن

إن هذه الشركة تعتبر فرعاً من فروع الإمارات “بلاك ووتر”، والتي أعادت تسميتها من “بلاك ووتر” إلى “أوليف” وقامت بإنشاء مكتب لها في العاصمة الإماراتية أبو ظبي وتحت ذريعة الاستثمار الأجنبي عادت هذه الشركة إلى سوق الأمن العراقي، لتأمين طريق “بغداد – عمان”، ولكن بعد فترة وجيزة قامت بغداد بالانسحاب من ذلك العقد، وحول هذا السياق، قال مسؤولون عراقيون إن أحد الأسباب الرئيسة لانسحاب بغداد من ذلك العقد، هو قيام هذه الشركة بالتجسس على العراق وعلى عدد من الدول الإقليمية الأخرى.

مغامرات جديدة في العراق

لكن جهود الإمارات لتحقيق أهدافها في المنطقة لم تنته بإنهاء ذلك العقد، وفي هذا السياق، صرّح وزير الشؤون الخارجية الإماراتي “أنور قرقاش” في مؤتمر حول إعادة الإعمار في العراق الذي عُقد العام الماضي في الكويت، بأن بلاده سوف تقدّم 500 مليون دولار من أجل إعادة إعمار العراق، والنقطة الغريبة هنا تتمثل في أنه أعرب بأن 100 مليون دولار سوف يتم صرفها على الشركات الإماراتية العاملة في قطاع الكهرباء العراقي و 100 مليون دولار سوف يتم صرفها لدعم صادرات الإمارات إلى العراق.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن تلك الخطوات الإماراتية تحاول توجيه ضربة إلى صادرات إيران من الكهرباء إلى العراق التي تعتبر من أهم صادرات هذا البلد إلى العراق.

ولكن الإمارات تعلم جيداً بأنها لو مضت قدماً في مسير الإضرار بالمصالح الاقتصادية الإيرانية في العراق، فإن طهران لن تظلّ مكتوفة الأيدي ولكن العقوبات الاقتصادية على طهران ساعدت الجانب الإماراتي على التغلغل البطيء في عدد من المدن العراقية.

وهنا يمكن القول بأن تركيز دولة الإمارات على البلدان ذات الاهتمام الاقتصادي القليل يشكل تهديداً لإيران، خاصة تلك البلدان القريبة من الحدود الإيرانية، وفي هذا السياق، كشف العديد من المسؤولين العراقيين بأن الإمارات تنوي استثمار حوالي 5.5 مليارات دولار في قاعدة “الرشيد” العسكرية وبندر “أم قصر” في المستقبل القريب.

وبالنظر إلى قرب قاعدة “الرشيد” العسكرية من الحدود الإيرانية، وكذلك حقيقة أن ميناء “أم قصر” الذي يعتبر واحداً من أهم الموانئ في العراق، وبالنظر أيضاً إلى محاولة الإمارات الفاشلة لاستخدام شركة “أوليف” لأغراض التجسس العسكري في العراق والبلدان المجاورة مثل إيران، فإنه ينبغي على المرء أن يرى كيف تسعى أبو ظبي إلى تحقيق أهدافها الخبيثة في “أم قصر” و”الرشيد” بعد أن عجزت عن تحقيقها في استثماراتها السابقة في شركة “أوليف”. وعلى الرغم من أن الامارات تقوم بتقديم الكثير من الدعم للأكراد العراقيين ليكونوا بمثابة حاجز أمام تركيا وللهيمنة على الموانئ والأسواق المستقبلية في المنطقة، إلا أنه بالنظر إلى أنها لم تتخذ أي إجراءات بعد في هذا الطريق، فإنه يبدو أن لديها أهدافاً أخرى تريد التركيز عليها بعد مغادرتها لليمن، ومن المتوقع أن تزداد أعمالها الخبيثة والمدمّرة في المنطقة في المستقبل القريب.

 

قد يعجبك ايضا