استهتار العدوان وضرورة تأديبه
موقع أنصار الله || مقالات || محمد أحمد المؤيد
أحيانا ًتتشابك الأحداث وتتسارع فلا يجد الفرد الواعي أي تفسير لها , فما إن تتوالى الأيام وتتضح الرؤى والمعايير مع ما يساق بالأسباب والنتائج إلى حيز يسهل ترجمته وحل لغز الأحداث التي تهب كهبوب الرياح محدثة ضجة وتشويشاً في الوضع العام , وبعد ذلك تمضي لحظة هبوبها وإذا بالوضع يبدو طبيعياً ويسهل التنقل من خلاله كل حيث أصاب , لكننا لا ننسى أن لحظة هبوب الرياح تصير أموراً يصعب السيطرة عليها حينها « يتطايرين القلافد القابلة للقلفدة « , كونها تحرك أشياء وتنال من أشياء أقلها قراطيس البلاستيك « العلاقيات « وكيف أن الرياح تتلاعب بها في جو الله وملكوته هائمة لا تدري أين تحط بها الرحال ولا تملك تجاه ذلك أي قرار أو اعتراض , كما هو شأن المرتزقة مع العدوان (السعوأمريكي) وكيف « يدومون « بلدهم ولا يعلمون كيف الخلاص من فعلتهم هذه ..
لذا يمكن لنا أن نقرأ مع الأيام كل غموض أحدثته الأحداث المتواترة في وقت ما , وذلك عندما يستتب الوضع ولو نسبيا , فيسهل حينها الخروج برؤية قد تكون مقنعة لما حدث ويحدث وسيحدث , ولأن الفترة الماضية حدثت فيها انتصارات لجيشنا ولجاننا الشعبية في الميدان مع العدوان (السعوأمريكي) الغاشم , كما شوهد من أحداث ضرب «أرامكو» في العمق السعودي وكذا عملية «نصر من الله» وما أحدثته من قلق عالمي إزاء التغير الرهيب والمتسارع والعجيب في المعركة والتي بكل فخر عكست كل التوقعات والتحليلات والتكهنات للكثير من المراهنين على ترجيح كفة «الشرعية» والمشرعين لها من العدوان (السعوأمريكي) , وفعلاً أثارت هذه الأحداث ضجة عالمية وضربة موجعة لمحبي المال والكرم السعودي الزائد عن حده وفي طريقة توزيعه عليهم , وكيف أنه لو انتصر الحوثي أو استعصى عليهم – على الأقل في نظرهم – لوجدوا في ذلك انتهاكاً لقانون الغلبة للأقوى – في نظرهم- الغلبة لمن يملك المال والعدة والعتاد والتهكم على مصالح الشعوب المشروعة وخاصة مع نظام يشاع صيته بـ « البقرة الحلوب «.
طبعا ًالذي أريد أن أوصلكم إليه من خلال هذا كله أنه وبحمد الله جرت وتجري حتى اللحظة انتصارات رجالنا بشكل لم بسبق له مثيل منذ بداية الحرب على اليمن وحتى اليوم , كونها نقلت المعركة في الواقع المعاش- وليس حسب رواية « قناة الحدث والمحدث « وغيرها من قنوات الخسة والعمالة- نقلة نوعية فصارت شيئا فشيئا تتجه من أسلوب الدفاع إلى مرحلة الهجوم والمباغتة والتحدث بلغة الأرقام والخسائر في صفوف العدوان (السعوأمريكي) بعد أن ترك العالم ضميرهم وتغافلوا عن عدوان للأسف وبلا مبالغة كان ثلاثة أرباع ضحاياه وأهدافه العدوانية من المدنيين وأهداف مدنية , فما المدارس والأسواق، والصالات، والحافلات التي تقل أطفالاً، ودور المكفوفين، والمنازل، وانتشار الأوبئة، والحصار الجائر، وإغلاق المطارات والموانئ، وطوبير جل المواطنين من أجل الحصول على الوقود للمحركات والآلات التي تمضي بها أرزاقهم وخاصة بعد انقطاع المرتبات منذ سنين.. كل ما سبق ليست أهدافاً يكون المتسبب فيها في فخر يا ابن سعود وزايد وناقص!!!? .
لكن عملية كعملية «نصر من الله» يكون محدثها في عنفوان وشجاعة وأنفة , ولذا أقولها صراحة للقيادة السياسية: على ماذا تراهنون بكثرة مد اليد إلى السلام مع من لا يستحق إلا الويل والوعيد؟ لأنه وبكل اختصار , نحن جرحنا بائن وواضح لمن يتقصى الحقيقة ويراعي ضميره الإنساني كبشر بسمع ويبصر , لذا فإن كان مد يدنا للسلام من أجل إيصال رسالة للعالم أننا أهل سلام , فهذا لم يعد يهمنا وقد تغافل العالم قول كلمة حق عند سلطان جائر وخصم فاجر وأرعن وممعن في انتهاك حقوق الإنسان منذ خمس سنوات , لذا فلسنا بصدد إفهام العالم السلام في هذه الفينة , ولكننا اليوم بصدد إفهام العالم البأس اليماني والشجاعة والغيرة كي يفهم القاصي والداني ما معنى أنه « تحت كل ظفر دم « , وإن كان سلامنا من أجل إرجاع العدوان والمعتدين إلى رشدهم , فهل بقي لهم رشد بعد كل هذا من جرمه وجرائمه ؟!
فليس بيننا وبينه إلا نار وشرر حتى يعي ماذا يعمل ومن يواجه وما الذنب والجرم الذي اقترفه في حق شعب عظيم وشهم .
أتدرون لماذا صدر مني هذا الرأي ؟ لأنه منذ فترة وأنا أتدارس وأجس نبض المعتدين والمرتزقة ونيتهم في السلام والعدول عن الحرب , غير أن الواقع يكذَّب أي نية منهم للسلام , فانتهاكات الحديدة المتكررة منهم وضرب اتفاق استوكهولم عرض الحائط ماذا يعني؟! , واستمرار طوابير «المساربة» للسيارات والمعدات وازدياد الأزمة الإنسانية المتفاقمة جراء وضع كهذا فرضه العدوان عنوة على شعب بأكمله وبدم بارد , وكل يوم وهم يراوغون ويردون اللوم على « الحوثيين « حسب زعمهم !!! , إضافة إلى عدم أعطاء أدنى أشارة من أي مسؤول حكومي سعودي بالتجاوب مع مبادرة الرئيس المشاط للسلام وتحذيره من تبعات عدم التجاوب.
كل هذا وذاك لا يقول لنا إلا أن أمامكم عدواً زاد ظلمه وجوره واستكباره عليكم، فهل تبادلونه السلام أم القتال حتى يأتي طرف آخر غيرنا يطلب منا ومنه التهدئة ووقف القتال ويلزم الجميع بذلك , وندخل جميعنا تحت مظلة حوار شامل كامل , أو أن يعلن العدوان الرضوخ والاستسلام لنا وأنه حان الوقت لنلتقي على طاولة وأحدة وبكل جدية وتحت إشراف دولة محايدة إلى جانب الأمم المتحدة المشكوك في نيتها رعاية السلام في اليمن والمنطقة عموماً , كون المعركة ستنتقل من اليمن إلى ما وراء الحدود بشكل يجعل المعتدين يندمون على منازلتهم أبو يمن..
السلام لمن يعشق السلام ويمضي به .. وغير ذلك فهو لعب على الذقون يا من تدَّعون المثالية في زمن فرض الامتثال فيه لأمر الله ومجاهدة أهل الباطل حتى يحق الله الحق ويقع أمر الله وهم كارهون..
فرأيي أن لا تطلبوا منهم سلاماً وامضوا في القتال الشرس معهم وإصابتهم في أي مكان تستطيع أن تصله أيديكم ورماحكم يا رجال الله حتى يدخل طرف آخر، وإلا فلا توقف للقتال مهما كان ومهما بلغت التضحيات، لأنهم كما قال سبحانه : «فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ» صدق الله العظيم .. فأرامكوا ليست أغلى من دماء اليمنيين وحقوقهم وحريتهم التي يكفلها الله لإنسان حر له وطن وأرض وعرض وحقوق وواجبات.. وعمليه «نصر من الله» إنما هي غيض من فيض مما يجب أن يتخذ في حق عدوان غاشم لا يراعي حقاً ولا حرمة .. بل ليس بالضرورة أن نبدي حسن نيتنا رغم ردودنا على مواقع العدوان السعوأمريكي الذي له خمس سنوات وهو يقتل ويحاصر ويدعم القتال واستمراره بكل الوسائل والامكانيات ولم نره يوماً يتراجع ويظهر مبادرات للسلام أو أي شكل أو لون من حسن النية لديه.. وفقكم الله ..ولله عاقبة الأمور..