ابن سلمان أسير الاكتتاب: «أرامكو» تخذل الأمير
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الاخبار اللبنانية
مع إعلانها طرح 1.5% من أسهمها بنطاق سعري يتراوح بين 8 و8.5 دولارات للسهم الواحد، تكون القيمة الأولية لشركة «أرامكو» قد حُدِّدت، طبعاً، بأقلّ مما كان يصبو إليه ولي العهد محمد بن سلمان. وضع الأخير سقفاً طموحاً جداً حين حدّد قيمة عملاق النفط بتريليونَي دولار، مرجئاً الطرح مرّات عدّة بفعل تعنّته
لم تعد القيمة الحقيقية لـ«أرامكو» رهناً للتقديرات والتأويلات. يوم أمس، حُدِّدت قيمة الشركة التي لم تكشف بعد عن كل أوراقها بـ 1.6 إلى 1.7 تريليون دولار، قبيل بدء تداول أسهمها (ثلاثة مليارات سهم) في السوق المحلية. التقييم هذا، على ضخامته، يقلّ بـ 15% عن عتبة التريليونَي دولار التي كان يتطلّع إليها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ويُعدّ أعلى ممّا قد يعتبره مع المستثمرين الأجانب «جذاباً». المجموعة النفطية العملاقة كشفت أنها ستبيع 1.5% من أسهمها فقط، بناءً على نطاقٍ سعري حدّدته بين 8 و8.5 دولارات للسهم الواحد، ما يعني أن قيمة الاكتتاب ستتراوح بين 24 و25.6 مليار دولار، مقارنةً بـ 100 مليار دولار كانت المملكة تأمل جمعها لتمويل الخطة «الإصلاحية» لأميرها. ويأتي إدراج الرياض بعدما تبدّدت، في العام الماضي، الآمال في طرح أوّلي لنسبة 5% من أسهم الشركة في بورصات محلية ودولية وسط جدلٍ في شأن التقييم ومكان الإدراج الخارجي.
قرّرت الشركة عدم تسويق الطرح الأوّلي في الخارج خلافاً لما كان مخطّطاً له
وفي إشارة إلى كون المجموعة النفطية ستعتمد اعتماداً كبيراً على المستثمرين المحليين، نظراً إلى الاستجابة الفاترة التي أبداها المستثمرون الدوليون، قرّرت الشركة عدم تسويق الطرح الأولي في الخارج (الولايات المتحدة وكندا أو حتى اليابان)، خلافاً لما كان مخططاً له. وعليه، ألغت إشارة وردت في نشرة الاكتتاب الأصلية التي أصدرتها في التاسع من الشهر الجاري، حين قالت إن الطرح المحلي سيكون متاحاً لمؤسسات الاستثمار خارج الولايات المتحدة وداخلها وفقاً للوائح تسمح لجهة طرح غير أميركية بطرق سوق الولايات المتحدة. وإلى مستثمري التجزئة المحليين، سيعتمد الطرح على الصناديق السعودية والمستثمرين الإقليميين والصناديق السيادية الأخرى. لهذه الغاية، أوفدت المملكة مسؤولين سعوديين إلى كلّ من الصين وروسيا في الأسابيع الأخيرة، في محاولة للحصول على دعم الدول التي حرصت على تعميق العلاقات مع الرياض. وبحسب أحد المصرفيين المطلعين على الصفقة، فإن الإدراج لا يعدو كونه شكلياً بعد تقليص الجهود المبذولة لتجنيد مستثمرين أجانب، فيما بدأ شعور الإحباط ينتشر بعدما أُجبر هؤلاء على الانتظار لساعات يوم السبت، لحضور اجتماع رئيسي مع المسؤولين السعوديين استمرّ 10 دقائق فقط. ونظراً إلى غياب المستثمرين الأجانب، مارست السعودية ضغوطاً هائلة على العائلات الثرية لشراء الحصص ولتحفيز السوق المحلية على الاكتتاب، وصلت إلى حدّ وضع إطار فقهي للإدراج، إذ قال أحد كبار علماء المملكة، العضو في «هيئة كبار العلماء» السعودية، الشيخ عبد الله المطلق، إن الاستثمار في «أرامكو جائز شرعاً»، مضيفاً إن «أرامكو من أعمدة الاقتصاد في المملكة… أعتقد حتى المشائخ ونحن سنشارك في» الاكتتاب. ويمكن أن تصل نسبة اكتتاب الأفراد إلى 0.5% من النسبة الإجمالية للأسهم التي تنوي الشركة بيعها. وبدأت، يوم أمس، فترة الاكتتاب التي يتقدّم فيها المشترون بعروض لشراء الأسهم، على أن تستمرّ حتى الرابع من كانون الأول/ ديسمبر للمكتتبين من فئة الشركات والمؤسسات، بينما تنتهي فترة اكتتاب الأفراد في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري. وستحدّد الشركة، في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر، السعر النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام.
وتشير الصفقة التي جرى تقليص حجمها إلى أن المملكة انحنت لمخاوف المستثمرين في شأن التقييم الذي حدّده ابن سلمان بتريليونَي دولار. وأبلغ المستشارون هذا الأسبوع المسؤولين السعوديين بوجود فجوة كبيرة في الطلب بين مستثمري التجزئة المحليين والمؤسسات الأجنبية، وفقاً لشخصين مطّلعَين على الصفقة تحدّثا إلى «فايننشال تايمز». وقال أحدهما: «أعرب المصدر عن مستويات عالية من عدم الرضى عمّا سمعوه». لكن الإعلان عن النطاق السعري، بعد تأخير دام شهراً، هو الأبعد الذي قطعته المملكة في سعيها إلى الإدراج في سوق الأوراق المالية. وإذا سار التخطيط وفق التصور، فقد يكون لدى «أرامكو» مساهمون غير حكوميين للمرة الأولى منذ ما يقارب أربعة عقود بحلول الشهر المقبل.