الإنسان المؤمن مرتبط، في ذهنيته رضوان الله ،أهم من مظاهر هذه الحياة كلها.
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
لاحظ نظرة نبي الله سليمان كيف كانت دنيا هائلة جداً، مع هذه إنسان مرتبط، في ذهنيته يعرف رضوان الله أهم من هذه كلها {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (النمل: من الآية40) ألم يقل هكذا؟ لا يوجد إنشداداً إلا الجهل، الجهل الذي يجعل الإنسان ينشد أعني: الجهل بالله، الجهل بكتابه، الجهل بما وعد به، الجهل بما هو خير لك، أعني: نحن جاهلون بما هو خير لنا فينشد إلى دنيا ليست شيئاً! أعني: لا ينبغي أن تنشد إليها فتؤثرها وتقعدك وإن كانت على هذا النحو: نساء وبنين وقناطير مقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة ـ من أرقى الخيل معلَّمة، معنى مسومة: معلَّمة ـ والأنعام والحرث {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: من الآية14)
ثم يقول: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} (آل عمران: من الآية15) من كل هذا بكله، ليست الآية تعني هجوماً على الدنيا، هل فيها ما يعني هجوماً على الدنيا؟ لا، المشكلة هنا في الداخل، المشكلة عند الإنسان عندما لا يتفهم، لا يعقل، لا يعرف، متى ما فهم ستكون هذه وإن كان يملك هذه كلها خير له، ويأتي من ورائها الخير العظيم له في الآخرة، ما يقال نتخلى منها، هل قال نتخلى منها؟ نوضفها في الخير العظيم في الدنيا والخير العظيم الذي هو أرقى خير في الآخرة، الجنة ورضوان من الله {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران: من الآية15) هو بصير عندما تؤثر مثل هذه أو دونها يحولها إلى عذاب لك، يجعلها خسارة لك، هو بصير بعباده بعدما قال {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (آل عمران: من الآية15) لاحظ موضوع خالدين، فيجب أن تقارن حتى لو الجنة دون هذه الحالة، لو هي دون وهي دائمة لا تنقطع أنها أفضل أعني: لو أنت تقارن بين حالتك أنت في الدنيا أليس الكثير من الناس قد يكون راضياً بوضعيته هكذا؟ حتى لو لم تكن الجنة إلا مثل ما معك في الدنيا وهو دائم أنه أفضل مما معك ما بالك عندما يكون موضع سوط فيها أفضل من الدنيا هذه بكلها.
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران: من الآية15) فالذين اتقوا من هم؟ {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} (آل عمران: من الآية16) منشدين إلى الله ومزين لهم الإيمان بالله، الأعمال الصالحة، العمل في سبيل الله ليسوا من الذين زين لهم حب الشهوات من النساء والبنين … الخ، منشدين إلى الله {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (آل عمران:16ـ17) هذه صفات هامة جداً {الصَّابِرِينَ) صابرون ويعرفون الصبر عندما يكون لله وفي سبيله يعتبر عملاً صالحاً، ويعتبر الوسيلة الصحيحة للفرج، هم صابرون في سبيله، هم يعملون، صبر عملي وليس صبراً لظلم وقهر واستعباد {والصَّادِقِيْنَ} الصادقين في إيمانهم، الصادقين في مواقفهم، الصادقين في فهمهم لدينهم؛ ولهذا قال في آية سابقة، عندما قال في [سورة البقرة]: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} (البقرة:177) إذاً لاحظ الصادقين هنا {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة: من الآية177) الصابرون، والصادقون في أقوالهم في وعودهم كلما تتناوله كلمة صدق.
{وَالْقَانِتِيْنَ} الخاضعين لله والخاشعين لله {وَالْمُنْفِقِيْنَ} في سبيل الله وفي كل ما وجههم الله أن ينفقوا فيه {وَالْمُسْتَغْفِرِيْنَ بِالأَسْحَارِ} ليس عندهم غرور، الأسحار: آخر الليل الوقت القريب من وقت الفجر يعني في الحالة هذه التي تكون عند الكثير من العباد، عند الكثير من المؤمنين يعتبر نفسه عندما يقوم وقت السحر يتركع يكون قد عنده [أنه من أولياء الله والجنة مفتحة له] لا، المؤمنون يكونون مستغفرين في الأوقات التي قد تكون عادة ينشأ منها إذا ما هناك وعي وفهم حالة غرور فيكون قد عنده ماذا؟ [أنه يتمنى الباري إن قد مات يدخله الجنة] لا، هؤلاء مستغفرون في الأوقات التي هي أوقات يحصل فيها غرور عند آخرين عند جهلة العباد.
فهو هنا عدد أشياء ألم يعدد أشياء هذه هامة جداً؟ وهذه الأشياء هي في متناول الإنسان إذا رجع إلى الله واستعان بالله، ليست الجنة متوقفة على أنك لا بد أن يكون عندك خيل، وعندك نساء، وبنين، وقناطير مقنطرة من ذهب وفضة، وخيل مسومة، وأنعام وحرث .. إلى آخره، لا، هذه قائمة أخرى لو لم يكن عندك شيء من هذه، قائمة أخرى، ألم يعدد هنا قائمة أخرى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (آل عمران:17) يحصل هؤلاء على ما هو خير مما لدى هؤلاء، قناطير مقنطرة من الذهب والفضة .. إلى آخره.
إذاً عندما ترى أصحاب الثروات الكبيرة مثلاً فتكون أنت متحسراً لماذا أما أنت؟ تجد أن بإمكانك أن تحصل على أفضل مما هم فيه من خلال القائمة هذه، وهي قائمة في متناولك أن تعملها، أن تستعين بالله وتكون من المؤمنين الذين يقولون {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّار الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (آل عمران: من الآية16ـ17) ألست ستحصل من خلال هذه على أحسن مما لدى الآخرين؟ تحصل من خلالها على رضوان الله وجنته بأرقى مما عند من زين لهم هذه المظاهر التي عددها في الآية السابقة.
الدرس الثاني عشرمن دروس رمضان المبارك.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.
بتاريخ: 12 رمضان 1424هـ
الموافق: 6/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة