اجتماع طارئ بعد تهديدات السيد قائد الثورة

‏موقع أنصار الله || مقالات || صلاح محمد الشامي

في ذلك المقر السري لجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، اجتمع كلٌ من وزير الحرب الإسرائيلي، ورئيس الموساد، ولفيف من الجنرالات، وبعض الشخصيات البارزة في دولة الكيان الغاصب، ليناقشوا في جدل آخر تهديدات السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي التي أطلقها في الاحتفال الكبير الذي أقيم في صنعاء بذكرى مولد رسول الإسلام والسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

كان الجميع يتحدثون، وكان اللغط يتزايد، وتركز الحديث حول محورين أساسيين، بالإضافة إلى بعض المحاور الثانوية، وخروج البعض إلى ما رآه البعض الآخر خارج موضوع الاجتماع، والمحوران الأساسيان هما : جدية التهديدات، وهل يقدر السيد عبدالملك على تنفيذ تهديداته، ومتى ستكون الضربات متوقعة، أما المحور الثاني فكان حول التدبيرات اللازمة لتجنيب المواقع الحساسة التي أضحت أهدافاً خطر الضربات، بعد التهديدات المباشرة.

كانت أولى الاقتراحات من قبل جهاز الموساد هي دفع عملائهم، وخاصة العملاء النائمين، لمتابعة الأمور ومعرفة الأوامر التي تجري في دولة وحكومة صنعاء بدقة واستمرارية ومسؤولية، وإيقاظ الشبكات النائمة في حذر شديد، خشية أن يتنبه جهاز المخابرات اليمني الذي بات يقلق جهاز الموساد والـ “سي آي إيه”، بعد أن تخلص من الأذرع التي امتدت إليه من قبلهما أثناء وقبل حكومة “الدنبوع” ، حتى بات جهاز المخابرات الأمريكي ونظيره الإسرائيلي في جهل تام بما يحدث داخل أروقة جهاز المخابرات اليمني، وفي عجز تام عن تتبع اتصالاته الدقيقة والسرية للغاية، وبات يحقق الانتصارات تلو الانتصارات على كل أجهزة دول العدوان الاستخباراتية، في مسرى العمليات الحربية وتحديد الأهداف، وفي متابعة تحركات كبار قادة العدوان وجيوشه واجتماعاته.

وفي الاجتماع كثر الجدل، وزال التنظيم الذي التزم به الموساد ردحاً من الزمن، وذلك عند نقطة محاولة نقل بعض المواقع الحساسة- التي يمكن نقلها سرياً، وهل سيؤدي هذا النقل إلى كشفها، وهل فعلاً تعلمها القيادة اليمنية في صنعاء، والأهم هو ما الذي تعرفه صنعاء بالضبط عن المواقع الحساسة جداً داخل إسرائيل، حسب إعلان (الحوثي)؟ وكان لابد من التحرك، وبسرعة، ودقة، ومسؤولية، وجدية، لإنقاذ هيبة كيان إسرائيل عالمياً، وقبل أن تسقط كما سقطت هيبة السعودية وأمريكا نفسها في عقول وقلوب كل الشعوب، لذلك لابد من إجراء الواجب، والأوجب، لتجنيب إسرائيل تلقي مثل هذه الضربات، خاصة وهم يعلمون صدق هذا الرجل الذي وجَّه التهديد، وقد درس ذلك كبار علماء النفس الاجتماعي لديهم، فقطعوا جميعاً بصدق التهديدات، ومن ناحية أخرى فالجميع بات يعرف تسارع تطوير القدرة الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسيّر، الذي باتت إسرائيل نفسها تستخدمه لضرب الفلسطينيين، بعد أن شهدت نجاحه اليمني ضد أهداف حساسة في كل من السعودية والإمارات..

لذلك كله، فقد تحركت دولة الكيان، واجتمع كبار قادتها ومسؤوليها وجنرالاتها، وكان القرار الأبرز المطروح على الطاولة، والذي يتشعب بدوره إلى عدة نقاط هو الصمت التام، وعدم المشاركة في أي عملية عدائية ضد اليمن، إلا لو تمت بسرية تامة، وأحيطت بكل احتياطات السرية، وغلفت بكل عوامل التمويه، من حيث مكان انطلاقها ونوعية السلاح وحتى الاتصالات التي يجريها المنفذون كالطيارين وغيرهم، ولغة هذه الاتصالات، وأن تكون سليمة وبلهجات خليحية إن أمكن، ليتم التمويه التام، في حال التقاطتها أجهزة الكشف اليمنية.

وفي الاجتماع راح المسؤولون الإسرائيليون يستعرضون، بين الحين والآخر، على شاشة كبيرة تصريحات السيد عبدالملك الحوثي، ويقرنونها بتأكيدات السيد حسن نصر الله، وكبير علمائهم في الطب النفسي لجهاز الموساد يؤكد بشرح دقيق صدق التهديدات، وأنها لا تصدر إلا عمن يستطيع تنفيذها وهو مؤمن تماماً بقدراته وقادة جيشه، واتفق الجميع على عدة نقاط وضعت موضع التنفيذ الفوري في حينه، وأهمها توجيه الحرب لجهاز المخابرات اليمني، الذي كان بدوره مستعداً للمواجهة، وينتظر هذه اللحظة، و… وبفارغ الصبر.

الكل تكلم، وأدلى بدلوه، وقدم وثائقه السرية، الجميع شاركوا في الاجتماع، بألسنتهم وآذانهم وعيونهم وجميع حواسهم، وحتى بانفعالاتهم، إلا شخصا واحدا، وبلباس مدني كان يستمع إلى الجميع ولم ينطق بحرف واحد، وهو على قدر كبير من المسؤولية، بدليل أن الاجتماع تأخر عن موعده كثيراً حتى قدم من أوروبا على طائرته الخاصة تحيط به هاله من السرية والأهمية، وفي خضم هذا كله انفض الاجتماع، أو كاد يفعل، ولم يعره أحد اهتمامه، ولم يسأله أحد رأيه، ولم يفعل هو ذلك، لم يطلب الحديث، أو يبدأ به، أو حتى يختم بشيء، حتى انتبه إلى ذلك وزير الحرب، فالتفت إليه يريد أن يسأله عن رأيه، وإذا ما كان له رأي مختلف، ولم يومئ الرجل بشيء، لكنه كان له رأي مختلف، مختلف تماماً، ويخالف كل التوقعات من وجهة نظر استخبارية محضة، و …. انفض الاجتماع، بعد تقرير اجتماع دوري لهذه القضية ومناقشة مستجداتها، وما وصلت إليه فرق العمل .. وأنشئت غرفة عمليات خاصة بدأت بممارسة أعمالها واتصالاتها فور اختتام الاجتماع.

 

قد يعجبك ايضا