أسباب المصائب الرئيسية تأتي من عند الناس

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} (النساء: من الآية78) قد المقاييس لديهم مخبوصة، ونظرتهم لم تعد صحيحة {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} (النساء: من الآية77) وهنا: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} أنت السبب، أنت الذي فتحت علينا المشاكل، ومقلِّب علينا بالمشاكل! {قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (النساء: من الآية78) الحسنة وهذه السيئة التي تصيحون منها كلها من عند الله، وأصلها أساسها وأسبابها الأولى من عندكم. {قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} (النساء: من الآية78) لأنهم لو كانوا يفقهون حديثاً لكانت نظرتهم أخرى وكانت رؤيتهم أخرى وكانت نفسياتهم نفسيات عالية؛ أما هذه فنفسية ضعيفة نفسية يبدو وكأنها لا تسمع شيئاً ولا تفقه أي حديث من هذا الحديث العظيم الذي هو توجيه للناس ليبنوا أنفسهم على أساسه، و يربوا أنفسهم على أساسه يكونون مستبصرين مستنيرين على أساسه.
{فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} (النساء: من الآية78) هذه فيها سخرية منهم؛ لأن هذه القضية ليست سهلة {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} (النساء: من الآية78) وهم في الواقع هم أسباب رئيسية تؤدي إلى أنه يحصل عليهم مشاكل أو يحصل ما يسمونه سيئة أسبابها الرئيسية من عندهم، هذه عبارة عجيبة: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} (النساء: من الآية78).

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (النساء: من الآية79) مثلما قال في آية أخرى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30) {فَمِنْ نَفْسِكَ} يعني: أسبابها الأولى من عندك وكلمة سيئة وحسنة شاملة وواسعة، فعندما يخاطب نبيه (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) على هذا النحو هو ليفهم الناس كلهم فعندما يقول: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (النساء: من الآية79) إذاً فالكل يفهمون أن ما أصابهم من سيئة فهي من جهة أنفسهم، والسيئة ليست دائماً تفسر بما يعتبر في مقاييسنا شرا ويسمى سيئة، أحياناً قد يكون شيء يبدو وكأنه سيئة لكن هو في الواقع حسنة، تتميز المسألة، هي تكون واضحة فالذي هو فقط كأنه يبدو في الصورة شيء من الأشياء التي هي صعبة لكن هو في الواقع ليس سيئاً له أثر إيجابي، بعض الأشياء تكون سيئة بكل ما تعنيه الكلمة لا يوجد وراءها أي إيجابيات إلا إذا حاولوا يأخذون دروسا وعبرا منها ليعودوا إلى الوضعية الصحيحة حتى لا يصابوا بمثل هذه، هذا ممكن، أما أشياء أخرى تكون أحياناً تبدو وكأنها سيئة لكن هي لها إيجابيات كبيرة وهامة في الموضوع الذي الناس فيه.

{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} (النساء: من الآية79) بعد ما قال: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (النساء: من الآية79) وأنت رسول {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} (النساء: من الآية79) شهيد على عباده جميعاً على الرسل وعلى المؤمنين وعلى كل مخلوقاته {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية80) كلمة: رسول ذكرت كثيراً جداً في السورة هذه {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} (النساء:80) هذه آية قاطعة تجعل طاعة الرسول طاعة لله؛ لأن الرسول يسير فيما هو طاعة لله ويهدي إلى الله ويبلغ عن الله، وتلاحظ هذه في الأخير تبين للإنسان كيف ما يسمى: ولاية الله، أو سلطان الله، الله سبحانه وتعالى أليس ملك السموات والأرض؟ ملك السموات والأرض أنه يجعل من عباده، فرسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ولايته امتداد لولاية الله أو تجسيد لولاية الله على عباده عندما قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية80).

عندما يقول لك مثلاً الرئيس: إذا أنت تطيع المحافظ فاعتبر طاعتك للمحافظ طاعة لي أليس هو يعتبر المحافظ امتداداً لسلطته؟ أعني: فيعرف الناس بأن ليس معناه أن الله ملك السموات والأرض ثم في الأخير لا تدري كيف يمكن أن يكون هناك امتداد لملكه وسلطانه في هذا الجانب: تعامل مع عباده في موضوع دينه في هدايته ولاية أمر عباده، ليست قضية مفصولة، حتى نقول إذاً إن الله في دينه ترك القضية إلى الناس إما يتشاورون فيما بينهم أو ينتخبون من أرادوا أو أشياء من هذه، وكأنهم متروكون هم يدبرون أنفسهم على كيفهم وعلى ما يحبون، هنا يوضح كيف أنه يختار بشراً من عباده ويكون امتداداً لولايته امتداداً لسلطانه مثلما يأتي {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (النحل: من الآية60) رئيس أو ملك ويعين أميرا على منطقة معينة أليس هو الذي يعينه، أو محافظ، هو يعتبره امتداداً لسلطانه؟.
أي ليست المسألة أنها تقدم أرقام أخرى، إنه في إطار واحد عندما يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: من الآية59) ليس المعنى أنه يقدم أرقاماً أخرى، لا، هي مسيرة واحدة هي تجسيد وتطبيق وتمثيل لماذا؟ لولايته سبحانه وتعالى؛ لأنه ملكهم ملك مباشر وليس فقط مجرد حكم نحكم له بأنه ملك لكن ليس له نفوذ وليس له أي طريقة يمكن أن تجسد امتداد ملكه امتداد ولايته على عباده هنا يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية80) ليس لأن الرسول ندّ! إن الرسول نفسه في عمله فيما يقوم به هو منفذ ما هو من عند الله سبحانه وتعالى فهو امتداد لولاية الله بالنسبة لعباده.

أن يأتي في هذا المقام: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} بعدما ذكر الفئات هذه في موضوع الحكم، القضاء الذي يقضي به فيما بينهم، الفئة هذه التي تتراجع عندما يكتب القتال وإذا أصابهم مصيبة قالوا: هي من عندك وأشياء من هذه يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} كلمة، أعني: مثلما تقول قد تكون أبلغ من {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (النساء: من الآية59) أبلغ أعني: لم يعط أي اعتبار لكل تلك المشاعر الذي تعتبر شاذة لديهم، لا بد أن يطيعوه، وطاعته هي طاعة لله، وليس أن يقولوا ـ عندما تصيبهم مصيبة ـ: هذه من عندك ويريدون أن يذهبوا من عندك، [هو فقط يريد يقلب علينا بالمشاكل ولولا هو لما حصلت علينا المصائب هذه] وأشياء من هذه لذلك جاء بعدها: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية80).
ولأن الله سبحانه وتعالى ـ عندما تجد في القرآن الكريم ـ يبين رحمته ومظاهر رحمته، يختار نوعية عالية أي هل الرسول رجل اعتباطي عبيط هكذا لا يبالي بالناس، ولا يرحم الناس وليس حريصاً على الناس وأشياء من هذه فكأنه يأمرهم بطاعة إنسان أحمق أعوج مثل صدام حسين؟ لا. {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء: من الآية80) والرسول اختاره شخص على أرقى مستوى ويسير بهدى الله.

{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} (النساء: من الآية81) مجرد قول: {فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} (النساء: من الآية81) بعد أن يكون قد قال لهم وأمرهم يقولون: طاعة، لكن وبعد ذلك يقولون رأيا ثانيا وشوراً ثانيا {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} (النساء: من الآية81) في مقامات يأتي بعبارة: اعرض عنهم، وفي مقام يقول: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} (النساء: من الآية63) المقامات هي تختلف والوضعيات تختلف والموقف الذي هم فيه مع عدو من الأعداء يختلف. هنا يعطي الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ما يطمأنه بأن هؤلاء لا يضعفون جانبك لن يضعفوا جانبك قال هنا: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} (النساء: من الآية80) {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (النساء: من الآية81) وسيهيأ منهم أفضل منهم، ويهيأ بدايل عنهم.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

[الدرس الثامن عشر من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ 18 رمضان 1424هـ
الموافق 12/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة.

 

قد يعجبك ايضا