مجمل قصة الملائكة مع آدم هي لترسيخ التسليم لله

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

 

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} (البقرة: من الآية34) ما المقام هنا أن تأخذ منه: أن هذا يعني: أن هذا الإنسان هو أفضل من الملائكة، ما القضية بهذا الشكل، نقول: إذاً عندما أمروا أن يسجدوا لآدم فمعنى هذا أن آدم هذا المخلوق هو يعتبر أفضل من الملائكة إذاً فالمؤمنون منهم من بني آدم أفضل من الملائكة، هذه القضية ما هناك حاجة لنتناولها، يجب أن نفهم من خلالها العبرة التي قد تكون سيقت من أجلها تعطي عبراً كثيرة جداً، ودروسا كثيرة، ما المقام أن الباري يعرض عليك أنواعا معينة وأنت تقول أين أفضل وأين أحسن، ليست هذه.

ولاحظ كيف حصل بعدما قالوا هكذا؟ أمرهم أن يسجدوا لآدم، حصل احتقار، إذاً معنى هذا، هذا مؤشر أن هذه قد تكون سنة، وفعلا قد تلحظ لها أمثلة كثيرة في حياة البشر، ليست قضية فقط كانت في عهد آدم وما بين الملائكة وآدم. {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} هم أذعنوا وهذه قيمة الإيمان في الأخير ما يؤدي إلى استكبار لأنه لاحظ ماذا انتهت الحالة إليه، انتهت الحالة وإذا هم رأوا بأن رؤيتهم تلك التي كانوا يرون أنفسهم صادقين، ألم يقل هناك: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وإذا هي كانت خطأ وكان قولهم هذا يكشف نقصا لديهم في وعيهم، وفي الأخير انتهوا إلى أن يؤمروا بالسجود، لهذا سلَّموا ألم يسلموا؟ وقبلوا وخضعوا لأمر الله سبحانه وتعالى، هذا يعتبر شرفا عظيما بالنسبة لهم.

لكن لاحظ إبليس كيف كان إبليس نفسه {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (البقرة: من الآية34) كيف انتهت المسألة بالنسبة لإبليس؟ تحول إلى لعين مذموم مدحور مطرود رجيم ضال، بسبب موقف واحد ما سلَّم فيه لله؛ لأن مجمل القصة هذه هي حول ترسيخ التسليم لله، التسليم لله سبحانه وتعالى مجمل ما تتركز عليه حول أهمية التسليم كي تكون واعيا من قبل، تعرف تسلم في حالة الموقف الغريب، تكون أنت مستحضرا إيمانك مستحضرا مقتضيات إيمانك، إذا نسيت سيحصل خلل كبير، إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين؛ لأنه هناك {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} (الاسراء: من الآية61)، {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (لأعراف: من الآية12) أليس هذا استكباراً؟.

تلاحظ هنا أنه ما يأتي الموضوع أبداً ـ أي قضية ـ يبدو وأن هناك نقص أو قصور أو تقصير من جانب الله على الإطلاق تلحظها عندما قال لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} (لأعراف: من الآية12) أمره هو، قال في آية أخرى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (صّ: من الآية75) أي أنت تعرف القضية تماما، أنا الذي أمر وأنا الذي خلقته ما تقول ربما أني وجهت طرفا آخر بأن اصنع كذا اصنع بشرا، فجاء ذلك ذهب جمَّع من تراب الأرض طلّع بشرا، وربما ما كانت القضية التي أريدها أنا!! أنا الذي خلقته على النحو الذي هو عليه ومن المادة التي كوّن منها، إذاً هنا لا يوجد عذر لإبليس، الملائكة كذلك ألم يقل: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}؟ ألم يقل: {إِنِّي جَاعِلٌ} تجد الموضوع نفسه مع آدم {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} كل هذا يبين بأن الهدى من جهة الله سبحانه وتعالى لا يكون فيه تقصير أبداً ولا نقص على الإطلاق، بل يكون بيناً على أوضح ما يمكن أن يكون التبيين، يكون بيناً تماماً.

لاحظ العبارة هنا لأنك تلحظ في القصة هذه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} أليست هذه أشياء واضحة؟ أعني: ليس طرفاً آخر قال له الله أن يقول للملائكة أنه سيحصل كذا وكذا، قال هو لهم، أي: علموا بما لا شك فيه أنه من جهته هذا القول أنه سيجعل في الأرض خليفة. كذلك هنا أنه قال للملائكة بما فيهم إبليس وبيّن في مقام آخر بأنه أمر إبليس ويعرف إبليس أنه أمره، لم يقل: [والله ما دريت أنك أنت الذي أمر، أنا قلت ربما أنت أمرت واحد ثاني وهو أمر بأمر أبلغ مما تريد أو قاصر عما تريد] أمر هو وخلق آدم هو {بِيَدَيَّ}،يعني: عبارة الاختصاص أي: أنا، أنا، وليس طرفا آخر كلفته بالمهمة حتى يكون لك عذر أو شيء من هذا.

هنا نفس الشيء مع آدم {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} يعني: نستفيد من مجمل القصة هذه في هذا الجانب: أن الله سبحانه وتعالى عندما يتحدث عن موضوع الهدى أنه يهدي ويبين على أرقى مستوى وأوضح شيء، فعندما يحصل خلل، لا يحصل خلل بسبب تقصير من جهة الله فيما يتعلق بالتبيين أبداً {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

[الدرس الثالث – من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ 3 رمضان 1424هـ

الموافق 27/ 10/2003م

اليمن ـ صعدة.

قد يعجبك ايضا