ما هو النهج الذي يريد الله منَا أن نستقيم عليه ؟
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، عندما تتأمل في كتاب الله كيف كان من وصفهم بأنهم عباده، وأولياؤه، دائمي الرجوع إليه، دائمي الدعاء له {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}(البقرة: من الآية250) {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}(آل عمران: من الآية8) في آخر سورة [البقرة] {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}(البقرة: من الآية286) يا إلهي أنت تعلم أنني عبد ضعيف، أرجو منك أن لا تعرضني لابتلاء أهتز معه، وأنا حريص على نهج الاستقامة، {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية286).
أول شيء الرجوع إلى الله، الإلتجاء إلى الله، والإنسان بحاجة إلى أن يكون دائم الدعاء لله في هذا المجال خاصة تدعو الله بالتوفيق، تدعو الله أن يرزقك الاستقامة، تدعو الله أن يرزقك الصبر؛ لأن كل أمورنا، وكل شؤوننا في هذه الدنيا كثير منها يعرضنا للإنحراف عن خط الاستقامة، كم يمر الإنسان في حياته بمواقف، وكم نرى من أناس كثيرين ينحرفون عن خط الاستقامة في كثير من مواقفهم، هذا أول شيء.
الشيء الثاني: أن تعلم أولاً ما هو النهج الذي يريد الله منك أن تستقيم عليه، يكون لديك معرفة طريق مَن أستقم عليه؟ مع من أستقم؟ تحت راية من أستظل؟ هذا الشيء لا بد منه، عقائد معينة أعرف أنها صحيحة، أستقم عليها، معاملات معينة أعلم بأنها صحيحة أستقم عليها، سلوك معين في هذه الحياة أعلم بأنه صحيح أستقم عليه، لا بد من المعرفة لخط الاستقامة، ولنهج الاستقامة حتى أسير على هذا النهج، ولا يبقى لي إلا أن أصبِّر نفسي عليه، أنا واثق منه، ولم يبق عندي إلا أن أرجع إلى الله أن يثبتني عليه.
الاستقامة معناها على صراط الله المستقيم، ألسنا نقرأ في صلاتنا، وشُرع في الصلاة واجباً لا تقبل الصلاة بدون [فاتحة الكتاب]؛ لأن فاتحة الكتاب مهمة جداً جداً، معانيها عظيمة جداً جداً، في هذا الموضوع بالذات، نقرأها في كل صلاة فريضة أو نافلة، نكررها في الصلاة مرتين أو أكثر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:1- 5) إياك نعبد وإياك نستعين {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} (الفاتحة:6-7).
في آخر هذه السورة، في نصفها الأخير، نصفها الأخير إقرار بالعبودية لله: إياك أعبد، لا أعبد سواك، وبك أستعين على أن أعبدك، وأن أستقيم على عبادتك، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نستعين في هذه السورة معناها الأساسي هو: الاستعانة على أداء عبادة الله، أكثر من الاستعانة في شؤون الحياة الخاصة الدنيوية؛ لأن الكثير من أعمال الدنيا، وكثير من تدبير أعمال الدنيا الله خلق لنا قدرة على ابتكار الكثير من الآلات التي تساعدنا، وتعيننا على تيسير أعمالنا الدنيوية، خلق لنا الثور، وابتكرنا المحراث لنحرث، نستطيع أن نحرث [الجِرْبَة] الفلانية وأسهل عليّ من أن أبدأ أشتغلها بيدي من طرفها إلى طرفها..
أبتكر الإنسان كثيراً من الوسائل التي أعانته على شؤون حياته الخاصة في بناء البيوت، في بناء المساجد، في بناء المدارس، في التواصل فيما بينهم، في الوصول إلى المسافات البعيدة.. ابتكر الإنسان كثيراً من الوسائل هذه، فعبارة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} في [الفاتحة] هي تعني بشكل أساسي أن نطلب من الله أن يعيننا على أداء عبادته، وعلى تعبيد أنفسنا له.
ثم تتجه السورة بشكل دعاء {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ونكرر دائماً اهدنا الصراط المستقيم، اهدنا الصراط المستقيم، كل يوم، كم تقرأها هذه؟ على أقل تقدير عشر مرات، أقل تقدير عشر مرات، إذا كنت فقط تصلي خمسة فروض في كل فرض تقرأها مرتين، عشر مرات، ناهيك عن النوافل، والوتر، وسنة المغرب، وسنة الفجر، وسنة الظهر.. ومع هذا لم نلتفت مرة من المرات إلى ماذا يعني، ماذا يعني أن تُشرَّع سورة [الفاتحة] التي فيها هـذا التكرير الدائم على مسامعنا كل يوم ما يقارب من خمسة عشر مرة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} دعاء بالاستقامة أن يهديني إلى صراطه، صراطه الذي هو صراط مستقيم؛ لأستقيم عليه.
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} على أساس أن صراط الله المستقيم لا بد أن يكون له معالم من عباده، لا بد أن يكون له معالم من أوليائه فقال: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} أنا لا أريد أن أنحرف إلى صراط المغضوب عليهم، ولا أريد أن أنحرف إلى صراط الضالين. الضالون هم: الذين ينحرفون بدون معرفة، عقائد باطلة. المغضوب عليهم هم: الذين ينحرفون بعلم ويدعون إلى باطل وهم يعلمون ذلك، مغضوب عليهم: مسخوط عليهم.
بعض الناس يفسرونها بتفسير، تفسير يفصلنا عن هذه السورة تماماً بأن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى! المغضوب عليهم والضالين هما خطَّان يسيران في الحياة باستمرار، وما من عصر إلا وفيه من يسيرون على الصراط المستقيم، ما من عصر، ما من زمن إلا وفيه من أنعم الله عليهم بالسير على الصراط المستقيم، وفيه من هم مغضوب عليهم، وفيه من هم ضالون، في كل عصر؛ لهذا الله أوجب علينا كمسلمين [أن ندعوه دائماً {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}.
نحن قد قطعنا علاقتنا مع اليهود تماماً، ونحن لا نسير على خط اليهود العقائدي أبداً. إذاً فنحن بحاجة ماسة ومستمرة.. على أساس أن في هذه الدنيا مغضوب عليهم وضالين دائماً. ونحن نشاهد مواقف وتشريعات ودعوات ضالة، نشاهد أشخاصاً يعلمون الحق ويكتمونه، مغضوب عليهم، وضالين.
نحن نريد من الله سبحانه وتعالى بدعائنا في هذه السورة باستمرار أن يهدينا صراطه المستقيم {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} يدل على أهمية القضية، على أهمية الموضوع، أننا بحاجة دائمة وماسة إلى الله، أن تتجه إليه أن يهديك في كل مواقفك. أنت ستمر حتى في مواقفك غير التشريعية بمواقف فيها حق وباطل تحتاج من الله أن يوفقك إلى الحق في هذا الموقف الذي أقفه، أيَّ موقف كان من شؤون الحياة.
هذه هي الاستقامة التي لا بد من توفير الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، ومن المعرفة بخطِّها حتى نسير عليها.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام