2019 هي الأسوأ على القدس المحتلة وسكانها… و2020 عام الحسم

|| صحافة ||

لم تختلف أوضاع القدس المحتلة في العام 2019 عن الأعوام الأخيرة، فخلال العشر سنوات الأخيرة عملت إسرائيل على حسم قضية القدس لصالحها من خلال إجراءات عل الأرض طالت الحجر والبشر، وكانت كل عام تأتي أسوء من سابقتها وصولا لهذا الهدف الصهيوني.

وشهد 2019 تطورا في مستوى وأشكال الانتهاكات الصهيونية على المدينة المقدسة، فخلال العام كانت الاقتحامات للمسجد الأقصى وملاحقة المقدسيين اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا، والأبرز ملاحقة أي تواجد فلسطيني رسمي في المدينة.

 

ملاحقة الوجود الرسمي في القدس

خلال العام 2019 لاحقت إسرائيل التواجد الرسمي الفلسطيني في القدس، على مستوى الشخصيات والمؤسسات، فكان اعتقال محافظ المدينة عدنان غيث أكثر من مرة، ووزير مدينة القدس عدنان الهدمي، واعتقال مدير مديرية التعليم في القدس سمير جبريل، وشخصيات من حركة فتح.

وأبرز مشاهد هذه الملاحقة ما كان في 20 من نوفمبر الفائت حيث أغلقت إسرائيل ثلاثة مكاتب حيوية للسلطة في القدس، وهي مقر التلفزيون الرسمي، ومركز الصحة العامة، ومديرية تربية القدس، واعتقلت العاملين بها، وهددتهم بالسجن في حال استمرار العمل مع هذه المؤسسات بحجة ” المس بالسيادة الإسرائيلية على المدينة.

إغلاق المقرات كان رسالة واضحة من الاحتلال بإن العمل الرسمي في المدينة لم يعد مقبولا وسيتم ملاحقته وحتى ذلك المتعلق بالتعليم.

فإغلاق مديرية التربية والتعليم يعني إغلاق 48 مدرسة تتبع هذه المديرية، وهي أخر المداري التي تدرس المنهاج الفلسطيني في المدينة، وتتبع بشكل مباشر إلى دائرة الأوقاف، وهذا الإغلاق يعني أن تخلو المدينة من أي مؤسسة تعليمية فلسطينية، وأن تقتصر المدارس على الخاصة وتلك التي تتبع بلدية الاحتلال في المدينة وتدرس المنهاج الإسرائيلي.

 

الاعتقالات

في القدس خلال 2019 لم تتوقف الاعتقال بل زادت وتيرتها، وفي بعض المواقع اتخذت صفة الجماعية، كما في بلدة العيسوية الواقعة إلى الشرق من المدينة.

وكانت أهم مظاهر هذه الاعتقالات كما يقول أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي القدس في المدينة، هو اعتقال الشخصيات الرسمية وملاحقتهم، مثل محافظ ووزير القدس، ومسؤول التربية والتعليم، وأحمد سرور مسؤول العمل الصحي في المدينة.

وكانت الاعتقالات الجماعية سمة أساسية في العام 2019، كما يحدث في العيسوية يوميا، حيث وصلت عدد حالات الاعتقالات لأبناء العيسوية خلال العام إلى 730 معتقلا من بينهم أكثر من 170 قاصرا.

وشهدت العام 2019 أحكاما جائرة ضد المعتقلين المقدسيين، والتي بالغت فيها سلطات الاحتلال، كما كان في حكم الأسير “وسام الدبس” من مخيم شعفاط والذي كانت تهمته” محاولة طعن على حاجز قلنديا”، وحكم بالسجن 16 عاما.

هذا الحكم كما يقول أبو عصب وهو أضعاف الحكم الذي يمكن أن يحصل عليه لو لم يكن مقدسيا.

كذا الحال كان حكم الأسيرة عائشة الأفغاني التي حكمت بالسجن 11 عاما لمجرد التفكير في إجراء عملية طعن، إلى جانب الأحكام العالية ضد الأطفال، والتي تتجاوز العام مقابل تهم بسيطة.

وترافقت هذه الاحكام مع فرض غرامات عالية جدا على الأسرى، تعجز عائلات الأسرة عن دفعها، كما كان مع الأسير ” عبد دويات” والأسير “أيمن الكردي” الذي يعاني من الشلل وقامت إدارة السجون بالحجز على مبالغ الكانتين الخاصة بهم لدفع الغرامات المفروضة عليهم.

وفي يتعلق بالحجز المنزلي، قال أبو عصب إن عدد حالات الاعتقال المنزلي قلت كثيرا في العام 2019 مقارنة مع الأعوام السابقة، بعد إصدار قرار من لجنة اللجان القانونية التي ترأستها ما تسمى بوزيرة العدل الإسرائيلي “شاكيد”، والتي قررت أن الفلسطيني يجب ألا يبقى في منزله حتى في أبسط التهم الموجه إليه.

وفي العام 2019 أستمر الاحتلال باحتجاز جثمان الشهيد “مصباح أبو صبيح” والإصرار على عدم تسليمه، بعد تسليم الشهيد نسيم أبو رومي ودفنه.

 

الاستيطان

وفي العام 2019 لم تتوقف الإعلانات عن بناء استيطاني جديد في القدس، سواء لتوسيع المستوطنات القائمة، أو البناء استيطاني جديد، فكان بناء مزيدا من الوحدات الاستيطانية في المدينة وتوسيعها.

وكان المخطط الأبرز ما أعلن عنه في 30 نوفمبر الفائت حيث كشف عن مخطط استيطاني جديد على أراضي مطار قلنديا المهجور لتوسيع مستوطنة “عطروت” شمال القدس، ويشمل مخطط الحي الاستيطاني 11 ألف وحدة سكنية تمتد على نحو 600 دونم من المطار ومصنع الصناعات الجوية حتى حاجز قلنديا، علما بأنه تمت مصادرة هذه الأراضي في مطلع السبعينات على يد حكومة حزب العمل آنذاك.

وخلال نوفمبر أيضا بدأ الاحتلال بالعمل على بناء 176 وحدة استيطانية في مستوطنة “نوف تسيون”، المقامة على سفوح جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، والتي كانت قد صادقت عليها في أكتوبر عام 2017 مع الإعلان عن مرحلة أخرى من البناء في المستوطنة ليصل عدد الوحدات الاستيطانية فيها إلى 550 وحدة استيطانية.

وفي أكتوبر كشف ناشط حقوقي خلال متابعته قضايا لتجار في حي المصرارة بالقدس المحتلة عن وجود ثلاثة مخططات مشاريع تنظيمية وإعادة هيكلة ستغير في حال تنفيذها طابع القدس العربية التجاري.

وهذه المشاريع هي تحويل الساحة الكبرى مقابل المحلات التجارية الى حديقة عامة واطالة النفق المجاور حتى باب الخليل، ومخطط هيكلي يبدأ بشارع السلطان سليمان، وصولاً إلى حي المصرارة يشمل أحياء ومناطق شارع صلاح الدين والزهراء وشارع نابلس والسان جورج وجميع الأحياء التجارية للمدينة، ويمتد المشروع على مساحة 700 دونم.

 

اقتحامات بمظاهر جديدة في الأقصى

والمسجد الأقصى لم يكن بعيدا عن الانتهاكات الصهيونية هذا العام، فقد زادت وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك، حسب تقرير لدائرة الأوقاف الفلسطينية منذ بداية العام وحتى أكتوبر الفائت أقتحم المسجد الأقصى أكثر من 17 ألف مستوطن.

وهذا العام اتخذت الاقتحامات المسجد الأقصى أبعادا أكثر خطورة من قبل، وتطورا في شكلها ونوعها، فشارك في هذه الاقتحام شخصيات رسمية بصورة متكررة، إلى جانب قيام المستوطنين خلال الاقتحامات بصلوات وطقوس تلموديه علنية وإعلان عن عقود الزواج بشكل علني وبحماية من جيش الاحتلال أيضا، ففي السابق كان يتم إخراج كل مستوطن يقوم بهذه المظاهر.

وتواصلت خلال العام 2019، حفر الانفاق في محيط الأقصى المبارك، ففي تموز الفائت أفتتح نفقا جديدا جنوب المسجد الأقصى، هذا النفق لأول مرة يفتتح بمشاركة أمريكية رسمية حيث شارك السفير الأمريكي والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط بهذا الافتتاح الذي نقل بالبث المباشر.

هذا النفق يصل بين بركة سلوان التاريخية وأسفل المسجد الأقصى وباحة حائط البراق، ليصل عدد الانفاق حول المسجد الأقصى 57 نفقا.

 

هدم المنازل بالجملة…

هدم المنازل تواصل خلال العام 2019 في المدينة، وكانت عمليات الهدم الإبرز هي الهدم الذاتي حيث يقوم المقدسيين بهدم منازلهم بأيديهم خوفا من الغرامات الباهظة التي تفرضها بلدية الاحتلال في حالت قامت هي بالهدم.

وبحسب إحصائية لمنظمة بتسليم الحقوقية فإن الاحتلال هدم منذ بداية العام وحتى 12 ديسمبر الحالي 165 منزلا، 40 منها هدمها أصحابها، شرد خلالها 317 فلسطينيا، إلى جانب هدم 90 منشأه ومبنى غير سكني.

وكانت عملية الهدم الأوسع خلال هذا العام، هي هدم منطقة وادي الحمص في بلدة صور باهر، شرقي القدس، والذي يسكنه 6 إلاف مقدسي، فيف تموز هدمت آليات الاحتلال 13 مبنى شملت 54 شقة سكنية في المنطقة الواقعة إلى الشرق من بلدة صور باهر شرقي القدس، هذه الشقق كانت بالكامل حاصلة على تراخيص من السلطة الفلسطينية، كونها تقع المناطق المصنفة A حسب اتفاقية أوسلو.

 

أسوأ من قبلها

مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية القانونية زياد الحموري قال ملخصا حال القدس في العام 2019، ” كانت أسوء من سابقتها”.

وتابع الحموري أنه خلال هذا العام شهدت المدينة أرقاما قياسية فيما يتعلق بالانتهاكات في القدس، كما الحال في إغلاق المحال التجارية التي زادت خلال هذه العام إلى أكثر من 50 محلا، وأرقام قياسية أخرى سجلتها حالات هدم المنازل أيضا خلال هذا العام، وتحديدا بالهدم الذاتي.

ولم تكن الإعلانات التي تتم للبناء الاستيطان الجديد، بالمعدلات العادية، وكان الأبرز ما فيها أنها كانت إعلانات لبناء أحياء كاملة، جزء كبير منها لأخراج مزيدا من المقدسيين إلى خارج قلب المدينة، كما هو الحال في المخطط الاستيطاني في منطقة مطار قلنديا.

وقال الحموري:” أخطر ما شهدناه هو الاعتداءات على المؤسسات الفلسطينية وخاصة التعليمية والثقافية والرياضية في المدينة، هذا يعني حربا على أي وجود فلسطيني في المدينة”.

وتبدو ملامح هذه الحرب أكثر وضوحا مع استعداد الاحتلال لسن قانون جديد يجرم أي مقدسي يتواصل مع السلطة ومؤسساتها بالسجن الفعلي لثلاثة سنوات متواصلة.

إن كل هذه المؤشرات تشير بوضوح إلى أن الأوضاع خلال العام 2020 ستكون أسوء بكثير، وهو عام الانتهاء من مخطط استيطاني كبير خطط له في التسعينات من هذا القرن، ولهذا سيكون عام الحسم بالنسبة للاحتلال، وعام مصيري للقدس والمقدسيين، يقول الحموري:” نتوقع أن تكون الخطوات القادمة أكثر حسما وقسوة في تهويد القدس والسيطرة الكاملة عليها”.

وحول التحرك الفلسطيني لمواجهة كل ذلك قال الحموري:” للأسف التحرك الفلسطيني ليس بالمستوى المطلوب، فطوال السنوات السابقة كان بالأماكن العمل أكثر وحماية ما يمكن، وتخصيص ميزانيات أكثر لتثبيت المقدسيين في مدينتهم، ولكن الأن أفاق التحرك تبدو محدودة”.

 

فلسطين اليوم

 

 

 

قد يعجبك ايضا