جيل الثقافة القرآنية في مواجهة الجيل الرابع من الحروب الأمريكية “قراءة”
|| صحافة ||
الحرب الضارية التي تقودها أمريكا على اليمن ليست جديدة في حسابات السياسة الاستعمارية الأمريكية فأمريكا منذ أن تربعت على عرش الهيمنة على العالم في خمسينيات القرن الماضي وعينها على منطقة الشرق الأوسط ومنابع النفط فيها وقد كانت وراء العشرات من الانقلابات العسكرية في الوطن العربي في مساعيها للهيمنة على القرار السياسي كما شنت حروب متنوعة وبأشكال وسائل مختلفة عسكرية واقتصادية وثقافية وتربوية فقد كانت وراء حرب الخليج الأولى والثانية التي نتجت عن سيطرتها على منابع النفط في الخلج العربي كما شنت عدوان على الصومال بهدف تأمين المنافذ البحرية لتدفق نفط الخليج إلى مصانعها ثم العدوان على العراق في بداية الألفية الثانية ثم تفكيك ليبيا وتدمير سوريا وأخيراً العدوان على اليمن.
ولكن الخسائر التي مني بها الجيش الأمريكي في عدوانه الاستعماري على العراق 2003م دفع خبراء عسكريون أمريكيون لتقديم مشروع الحرب بالوكالة أو ما يسمى (الجيل الرابع من الحروب) فما المقصود بحروب الجيل الرابع؟:
تعرف الجيل الرابع من الحروب بأنها: حرب أمريكية الأصل، طورها الخبراء العسكريون في وزارة الدفاع الأمريكية [البنتاجون] بعد أحداث 11 سبتمبر، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة خسائر بشرية كبيرة وحركات مقاومة وهذه الحرب تستخدم كل الوسائل المتاحة لخلق دولة ضعيفة منهكة تستجيب للنفوذ الأمريكي من خلال خلق حالة من الفوضى والاضطرابات وإثارة الاحتقانات الداخلية ودعم الحروب البينية بتوظيف اشخاص أو حكومات لتقوم بتنفيذ الخطط العدوانية الامريكية بالوكالة ضد البلد المستهدف… ولذلك أنشأت أمريكا الجماعات التكفيرية المسماة بالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها لتقوم بتوظيف الشباب العربي لخدمة الأهداف الأمريكية.“…
سمات هذه الحرب:
يرى الكثير من المحللين العسكريين بأن هذا النوع من الحروب يتسم بعدة سمات أبرزها ما يلي:
- مُعقّدة وطويلة الأجل.
- تستخدم الجماعات التكفيرية.
- لا تستند إلى قاعدة وطنية، فهي متعددة الجنسيات وغير مركزية.
- تشهد هجوماً مباشراً على المبادئ والمثل العليا الأساسية للعدو.
- حرب نفسية متطورة ومعقدة للغاية، لا سيما من خلال التضليل الإعلامي وشن حرب قانونية.
- استخدام جميع الضغوط المتاحة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً.
- عدم وجود تسلسل هرمي.
- تعتمد على عمليات صغيرة الحجم وشبكة ممتدة من الاتصالات والدعم المالي.
- استخدام حركات التمرَّد وتكتيكات حرب العصابات.
اليمن في مواجهة الجيل الرابع من الحروب الأمريكية:
اًن موقع اليمن الجغرافي المهم والاستراتيجي جعل منه ساحة صراع بين القوى الكبرى قديماً وحديثاً لأنه بدون شك من يسيطر على اليمن سيجعل منه لاعباً أساسياً في المنطقة والعالم وسيكون بيده القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية في العالم والذي يمر عبره جزء أساسي من صادرات وواردات العالم النفطية والتجارية.. وبالتالي فإن العين الأمريكية لم تكن بعيدة عن اليمن بل كان اليمن في قلب الاستهداف الأمريكي منذ أن وجدت أمريكا نفسها متربعة على قلب الهيمنة على العالم وقد سعت أمريكا لإبقاء اليمن داخل دائرة هيمنتها وبطرق مختلفة نذكر منها على سبيل المثال:
- الهيمنة على القرار السياسي والأمني وقد استطاعت أمريكا بشكل مباشر من الهيمنة على كل مفاصل السلطة السياسية والأمنية وفي اليمن منذ ما بعد اغتيال الرئيس الحمدي وإلى قيام ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر.
- السيطرة على اليمن عبر وكلائها في المنطقة وفي المقدمة النظام السعودي الذي يعتبر ذراعاً أمريكية مؤثرة في المنطقة بحكم سيطرته على الحرمين الشريفين وبحكم الثروة النفطية الهائلة التي يمتلكها وقد سعى النظام السعودي بكل ما أوتي من قوة لإخضاع اليمن سلطة وقبيلة للأهداف الأمريكية وإن بصورة غير مباشرة.
وقد نجحت السعودية في استقطاب الكثير من المشائخ والشخصيات السياسية والاجتماعية والاكاديمية واغدقت عليهم الأموال بما مكنها من وضع يدها على كل مفاصل الدولة في اليمن تأمر با تشاء وتوظف من تشاء وتقيل من تشاء وبذلك تمكنت من وضع اليمن في دوامة من الفوضى والفساد والاستبداد الذي القى بضلاله على حياة اليمنيين فعانوا الاقصاء والتهميش والمضايقات.
وكانت أمام كل صوت حر تعمل عبر أدواتها التي زرعتهم على التخلص منه فيما تذهب خيرات البلد للمافيا التي تحكم اليمن يتقاسمونها مع الشركات الأمريكية.
أمريكا تطبق تكتيكات الجيل الرابع من الحروب في عدوانها على اليمن
لقد اعتمدت أمريكا في حربها العدوانية كل أصناف الحروب حتى ما يمسى الجيل الرابع من الحروب والتي طبقتها أمريكا في اليمن بكل حذافيرها منها:
- تحريك الجيوش والمرتزقة العرب ليكونوا جنود مجندة في العدوان الامريكي الاجرامي على اليمن.
- الدفع بمرتزقتها وعملائها في الداخل اليمني للانضمام إلى ما يسمى التحالف العربي وقتال اخوانهم كحزب الاصلاح ومن تبقى لشق الصف الداخلي وارباك الجبهة الداخلية كما فعل عفاش في 2 ديسمبر إضافة إلى فتنة حجور.
- الحرب الاقتصادية والحصار ونشر الأوبئة وغير ذلك.
- الدفع بالجماعات الإجرامية الأمريكية المسماة القاعدة وداعش لتكون في قلب المعركة في مواجهة أحرار الشعب اليمن.
- استخدام المنهج الداعشي في التعامل مع الأسرى ومن لديهم لديهم ميول لرفض العدوان الاجرامي كما حدث من سحل وقتل للأسرى وتعذيب للجرحى وقتل وتشريد آل الرميمة في تعز والاشراف في مأرب.
- نشر الفوضى والاغتيالات كما يحدث في المناطق المحتلة من اغتيالات واغتصاب النساء وانتهاك لكرامة الناس.
- شن حرب إعلامية تشويهية وتوظيف كل قدراتها حتى وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها لتشويه أحرار اليمن المدافعين عن كرامتهم ووطنهم وفي المقابل اغلاق الصفحات التابعة لهم.
- شن حرب ناعمة ونشر الفساد الاخلاقي لإضعاف الروحية المعنوية لدى الشعب اليمني.
والكثير الكثير من الافعال الإجرامية التي ما تركتها أمريكا في عدوانها على اليمن إلا واستخدمتها ولكنها بفضل الله لم تؤثر في معنويات الشعب اليمني ولم تصدهم أو تمنعهم من مواجهة العدوان الأمريكي الإجرامي بل كانوا أهل التضحية والاستبسال وبرهنوا على أن اليمن فعلا مقبرة الغزاة .
جيل الثقافة القرآنية يواجه العدوان الأمريكي
ومنذ أطلق الشهيد القائد مشروعه القرآني بهتاف الحرية والبراءة كانت أمريكا حاضرة في الساحة اليمنية وتراقب الوضع بكل قلق لدرجة أنها أرسلت سفيرها آنذاك إلى محافظة صعدة لشراء الأسلحة من الأسواق وعندما رأت أقبال المواطنين على المشروع القرآني دفعت بالسطلة المحلية لمواجهة المشروع ومحاربة الشعار وتم سجن كل من يهتف به وصولاً لإعلان الحرب على السيد حسين وأنصاره وهي حرب أمريكية ولكنها بجنود يمنيين وبتمويل سعودي أمريكي غير أن تلك الحروب التي تقودها أمريكا بالوكالة كانت تأتي بنتائج عكسية وكان المشروع القرآني ينمو ويتسع ويجد اقبالا عليه من الناس بشكل أكثر لتأتي الثورة الشعبية بعد 6 جولات من الحروب .. وبعد نجاح الثورة الشعبية حاولت أمريكا محاصرة المشروع القرآني بكل وسيلة تارة بمحاولة الترغيب بالسلطة مقابل وقف الهتاف بالشعار وتارة أخرى بالدفع بأدواتها في الداخل اليمني كحزب الاصلاح واقطاب النظام السابق لعرقلة أي مشروع سياسي يقدمه أنصار الله وصولاً لتنفيذ حملة اغتيالات ضد كوادر انصار الله ثم سعت لمحاولة تفجير حرب سابعة من خلال حزب الاصلاح والجماعات التكفيرية ليكون ذلك سبباً في غضب شعبي أفضى لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي كان نجاحها بمثابة الصاعقة على الوجود الأمريكي في اليمن فهربوا في ليلة وضحها وأمام هذا الاستحقاق الشعبي اليمني لم تجد أمريكا بداً من إعلان الحرب الكونية على اليمن بذريعة اعادة الشرعية..
وعندما أعلنت أمريكا ووكلائها في المنطقة “النظام السعودي المجرم” والنظام الإماراتي عدوانهم على اليمن شهد السنوات الماضية حرب تدميرية شاملة أملاً في أن تكون الحرب الأخيرة في مواجهة المشروع القرآني وصرخة الموت لأمريكا ولكن كل تلك القنابل والصواريخ والتدمير الشامل والتحشيد الكوني سياسياً وعسكرياً لم تستطع اخراس صرخة الحرية ولا تركيع جيل الثقافة القرآنية بل أنها كانت بمثابة الاعلان عن قوة إسلامية قادمة لا تستطيع الـ F35 ولا الإبرامز والبرادلي الأمريكية أن توقفها بل أن تلك الأسلحة التي تتباهى بها أمريكا أحرقتها ولاعة بيد أبطال اليمن وأصبحت أمريكا تتمنى أنها لم تعلن حربها بعد أن أصبحت سمعتها في الوحل وبعد أن أوصلت صدى المسيرة القرآنية ورجالها الأحرار في مشارق الأرض ومغاربها..
كما أن الشعب اليمني أفشل كل ذرائع الاحتلال الأمريكي وكشف كل الاقنعة وفضح الادعاءات الأمريكية واتضح أن العدوان لم يكن سوى بغرض إعادة الهيمنة الأمريكية والقضاء على المشروع القرآني والاستفراد بخيرات الشعب اليمني.
ملحمة صمود يمانية غير مسبوقة
في خمسة أعوام هي عمر الحرب التي شنتها أمريكا على اليمن عبر أدواتها وعملائها في المنطقة سجل أبناء اليمن الأحرار ملحمة صمود تاريخية وغير مسبوقة ونتائجها كارثية على أمريكا وأدواتها بعدما حاولوا إعادة أحرار اليمن تحت مضلة الهيمنة الأمريكية لقد خسرت أمريكا سياسياً وعسكرياً وداس اليمنيون على هيبة وسمعة شركاتها العسكرية والأمنية واستطاع الحفاة المستضعفون أن يواجهوا التقينات الأمريكية كما قال قائد دفة مواجهة العدوان الأمريكي السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في أحد خطاباته : نحن نواجه التقنية الأمريكية في أحدث ما وصلت إليه، وليس مواجهة تقنيات السعودية وأعراب الإمارات.
وبذلك استطاع جيل الثقافة القرآنية أن يوجه صفعة قاسية لقوى الهيمنة الامبريالية وأدواتها في المنطقة وأن يحول خطط واستراتيجيات خبراء الحرب الامريكيين إلى مجرد حبر على ورق ولم يكتف أحرار اليمن بهذا الإنجاز بل صنعوا الصواريخ البالستية والطيران المسير الذي كان حكراً على القوى الكبرى وممنوع على العرب امتلاكها.
ويكفي ان نقارن بين سلوك آل سعود وغطرستهم في بداية العدوان وما قبله وبين سلوكهم اليوم فقد تعلموا هم وأسيادهم أنهم يواجهون رجال شعارهم ” نعيش أعزاء أو نسقط في ساحات الجهاد كرماء”.
صحيفة الحقيقة