المستحيلات في ظل الارتزاق

‏موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس

هان نفسه ورضي بأن يعيش رخيصا مبتذلا مهانا ، لا مكانة ولا قيمة ولا كرامة ولا عزة ولا شموخ ولا كبرياء ، بمجرد أنه قبل بأن يمتهن الارتزاق ، ويسقط في وحل العمالة والارتهان للأعداء ، هكذا حال المرتزق يعافه الجميع حتى أقرب المقربين منه ، وحتى من يقاتل تحت رايتهم ويتحالف معهم ويقف في صفهم ويتآمر معهم على وطنه وشعبه ، الكل ينظر إليه نظرة ازدراء واحتقار ، مهما عمل ومهما قدم وأسدى من خدمات للمحتل الغازي الباغي ، ومهما حاول المرتزق أن يدعي أو يتظاهر بالوطنية ، والرجولة فإنه سرعان ما تنكشف سوءته ويفتضح أمره ، ويظهر على حقيقته ، مجرد أداة وسلعة رخيصة بيد الأعداء يعمل على خدمتهم وتنفيذ مخططاتهم ، مقابل ما يدفع له من مال مدنس ، فمن المستحيل أن تجد مرتزقا وطنيا قولا وعملا ، فوطنه هو المال الذي باع الوطن من أجله ، ووطنه هو المشتري الذي اشتراه بالمال للوقوف ضد شعبه ووطنه ، فأي مرتزق يدعي الوطنية كاذب ، ومن يقول لك بأن المرتزقة الذين يتساقطون صرعى في صفوف العدوان ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن فهو كاذب ، فالمرتزق يبحث عن المال والسلطة وقتاله كان وما يزال وسيظل من أجلهما ، ومن المستحيل أن يقدم المرتزق نفسه ضحية من أجل وطنه وشعبه ، ومن المستحيل أيضا أن تلمس من المرتزق أي حرص على مصالح البلاد والعباد أو أن يشعر بتأنيب الضمير تجاه خيانته لوطنه وأبناء وطنه ومساهمته في حصارهم والتضييق عليهم في معيشتهم وحصارهم بالأزمات المفتعلة ، تماما كما هو الحال مع قضية العملة المحلية والسيولة النقدية ، فالمرتزقة عملوا على محاربة العملة المحلية وإيذاء الشعب من خلال طباعة كميات هائلة من العملة غير القانونية تحت مبرر مواجهة أزمة السيولة النقدية ، رغم أنهم سبب أزمة السيولة في المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى ، فهم من سحبوا السيولة من السوق مقابل بيع الغاز والمشتقات النفطية ، وهو ما جعل الفائض النقدي لديهم كبيرا جدا ، حينها ذهبوا لطباعة العملة غير القانونية والتي لا قيمة لها بهدف تدمير الاقتصاد وتجويع الشعب ، فكيف بمثل هؤلاء أن يتحدثوا عن المصلحة الوطنية وعن الشعب اليمني ؟!!! ومن المستحيل أن تنتظر من المرتزق الخائن الوفاء ، ومن المرتزق العبد الذليل حرية وشموخاً ، ومن المرتزق المرتهن للمحتل الغازي عزة وكرامة ، ومن المرتزق البائع للأرض والعرض ذرة حياء ونزعة غيرة ، ومن المرتزق المدافع عن جرائم قوى العدوان والمبرر لهم وحشيتهم وصلفهم أي موقف رجولي ينتصر فيه لمظلومية شعبه والظلم والتعسف والتعدي الذي يطال وطنه ، ومن المستحيل أن يشعرك المرتزق العميل المفتون والمتغزل بالمحتل الغازي بأنه ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة وهو يهتف ويرفع شعارات (شكرا سلمان – شكرا إمارات الخير ).

بالمختصر المفيد، الوطنية قيم ومبادئ تجسدها السلوكيات والمواقف ، وليست مجرد شعارات جوفاء ، الوطنية لا تعني حفظك للنشيد الوطني ، ورفعك للعلم الوطني وأنت تقف ضد وطنك وشعبك ، كيف تنشد “لن ترى الدنيا على أرضي وصيا” وأنت تقاتل من أجل إعادة فرض الوصاية والاحتلال على وطنك ؟! (شغلونا ) لسنوات طويلة بشعار ( اليمن في قلوبنا ) وعندما حصحص الحق اتضح بأن (اليمن كان وخيراته وثرواته في جيوبهم ) ورغم ذلك باعوه في سوق النخاسة والعمالة والخيانة السعودي والإماراتي ، أعماهم الجشع والطمع رغم كل الخير الذي هم فيه ، فخسروا أنفسهم وشعبهم ووطنهم ، وحصدوا الذل والمهانة والاحتقار والخاتمة السوء ، ولهؤلاء أقول ناصحا : للوطن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، رجال ثبتوا وما يزالون على الموقف ، لم تؤثر فيهم ريالات الرياض ودراهم أبو ظبي ودولارات واشنطن ، وهم فقط من يحق لهم الفخر والسمو والشعور بالعزة والكرامة ، فإما أن تسلكوا مسلكهم وتنهجوا نهجهم ،وتصححوا مساركم وتعودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان ، أو تواصلوا درب الهلاك والخسران والذل والهوان غير مأسوف عليكم ، مقركم ومستودعكم مزبلة التاريخ ، تلعنكم الأجيال ، وفي العمالة والخيانة تضرب فيكم الأمثال.

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا