دعوا أمريكا تقلق
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالحميد الغرباني
يؤرِّخُ استشهادُ قائد فيلق القدس بالحرس الثوري اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي، لمرحلةٍ جديدةٍ عنوانها ما بعد قاسم سليماني، وذلك لما يمثله من ثقل كبير ووازن ضمن رجال محور المقاومة العملانيين، وبعمر جهادي امتد قرابةَ نصف قرن من الزمان..
الجريمةُ الأمريكيةُ شغلت العالمَ وانشغل بها الإعلامُ وفي كُـلّ وسيلة كان الجميعُ يسأل عن الرد الذي سيتخذُه محورُ المقاومة وأين؟ وكيف؟ ومتى؟ وما هو الأمثلُ والمحتمل ثم أي هدف في المعسكر الأمريكي يوازي سليماني والمهندس؟ وانهمك الجميعُ عن ماذا بعد اغتيال سليماني؟ لا أحد يملك أجوبةً حاسمةً!، فلا أحد يعلم ما تنظمه العقولُ الاستراتيجية في محور المقاومة، وَفي المقابل ظاهرة القلق تتملك المجرمين من واشنطن إلى كيان الاحتلال الصهيوني وأنظمة العمالة العربية وغيرها، وإرسال 5 طائرات عسكريّة أمريكية من نوع “لوكهيد سي 130” باتّجاه منطقتنا أَو ما يسميه الأمريكي (الشرق الأوسط) هو شاهدٌ كافٍ عن هذا القلق، في هذا السياق معلوم أن استراتيجيةَ محور المقاومة كما عكستها الكثيرُ من التجارب في جرائم مماثلة هي إبقاء المعتدي تحت سطوة القلق، وقد عبّر عنها سماحةُ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في أعقاب اغتيال القائد العسكريّ للحزب الحاج عماد مغنية: “عدونا قلق، دعوه قلقاً، دعوه يقلقْ في كُـلّ يوم، وفي كُـلّ مكان، وفي كُـلّ ساحة، وفي كُـلّ الأهداف”.
القلقُ الأمريكيُّ الصهيوني هنا لا يعني صرفَ موارد وأموال وتحريك قوات أَو إعادة ترتيبات عسكريّة محدودة، بل إبقاء النظام الأمريكي وقواته وكذلك الكيان الصهيوني تحت قلق دائم وفي حالة رعب مستمرّ..
ما طبيعة رد إيران أَو قل محور المقاومة، من طهران إلى بغداد فدمشق فبيروت وصولاً إلى صنعاء؟!..
من المسلّم به أن عدمَ الرد على اغتيال سليماني والمهندس، يُخلُّ بتوازنِ الردع مع أمريكا ويُشجع العدوّ على خرق قواعد الاشتباك، ومن هنا فإن تثبيت معادلة الردع وإرساء ميزانها هو هدفٌ استراتيجيٌّ لا يمكن أن يضيعه محورُ المقاومة الذي لا شك سيضرب في الزمان والمكان المناسبين هدفاً موازياً لمكانة ودور وموقع كُـلّ من المجاهد الكبير قاسم سليماني والمجاهد العزيز أبو مهدي المهندس، كما وصفهما بيانُ قائد الثورة السيّد عَبدالملك الحوثي -يحفظه اللهُ تعالى-..
في سياق بحث وتحليل طبيعة الرد وسيناريوهاته وخياراته، كان لافتاً تجنب الكثير من المحللين التوقف عند أمور منها مدى قدرة إيران أَو محور المقاومة على تنفيذ الرد وحدود هذه القدرة من الناحية التخطيطية والعملانية لناحية معرفة الجميع الإمْكَانية العسكريّة وغير العسكريّة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولمحور المقاومة عموماً، وفيما ذهبت بعضُ وسائل الإعلام ومحلليها إلى أن الردَّ على المغامرة الإجرامية الأمريكية سيستدعي فعلاً أمريكياً جديداً أَو بالأصح عدواناً آخرَ، وبالتالي احتمالات اندلاع مواجهة شاملة، كانت وسائل أُخرى..
ومحللون آخرون يُقدّمون فرضيات رد إيراني يوازي المستهدف من كُـلّ النواحي، وهنا يبرز السؤال هل سيكون الردُّ موازيا أَيْـضاً من حيث الأسلوب وهل ذلك متاح وما فرص حدوثه وما نطاقه الجغرافي؟ ومع صعوبة إيجاد إجابات حاسمة على كُـلّ ما سبق وفي ظلِّ وعود الرد والتهديدات بذلك وعهود حفظ دماء سليماني والمهندس ورفاقهما، ينتظر المجرمُ الأمريكي الردَّ والثأرَ الذي سيكتب بدوره معادلةً جديدةً للصراع بين محور الجهاد والمقاومة من جهة، ومعسكر الشر والكفر من جهة أُخرى.