استقبل الإمام على عليه السلام الشهادة استقبال من يعرف كرامة الشهيد، بقوله (فُزْتُ ورب الكعبة)

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

ثم نأتِي إلى موضوع آخر هو: كيف كان استقبال على عليه السلام للشهادة؟

قد تحدثنا عما الذي أوصل الإمام علياً عليه السلام إلى أن نراه يخرُّ صريعاً في وسط أمة مسلمة، وداخل بيت من بيوت الله، كيف كان استقباله للشهادة هو؟ لنعرف أن الإمام علياً عليه السلام كان يرى أن مقام الشهادة مقام عظيم، وأنها أمْنِيَة كان يطلبها، أنها أمنية كان يسأل رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) عنها هل سيحصل عليها؟، ومتى سيحصل عليها؟ استقبلها الإمام علي عليه السلام استقبال من يعرف كرامة الشهيد، عظمة الشهيد. فعندما خرَّ صريعاً بعد تلك الضربة قال: عليه السلام ((فُزْتُ ورب الكعبة)).

بينما نرى التاريخ يحكي عن أشخاص آخرين ممن سبقوه أن أحدهم تمنى عند احتضاره أنه كان بَعَرَات لخروف تتساقط هنا وهناك، لكن علياً عليه السلام قال: ((فزت ورب الكعبة))؛ لأنه على يقين من سلامة دينه، على يقين من صحة موقفه، على يقين من صحة نهجه، على يقين من أن الله سبحانه وتعالى قد منح الشهداء، وأعطى الشهداء الكرامة التي تجعل مثله – على الرغم من عباداته الكثيرة – يصرخ بهذه الكلمة العظيمة مقسماً: ((فزت ورب الكعبة)).

ما أحوجنا – أيها الإخوة – إلى أن نستلهم من علي عليه السلام الصبر على الحق، الصمود في مواجهة الباطل، استقبال العناء والشدائد بصدور رَحْبَة، بعزائم قوية، بإرادات لا تُقهر، برؤية واضحة، ببصيرة عالية فنكون ممن يحمل شعور علي حتى في لحظة الاستشهاد، في لحظة اغتياله يرى نفسه مسروراً ((فزت ورب الكعبة)).

لماذا سماه فوزاً؟. وهل يمكن للكثير منا .. الذي يرى نفسه فائزاً أنه لم يُقْحِم نفسه – كما يقول الكثير – في مشكلة، أنه لم يدخل في عمل ربما يؤدي إلى مشكلة، أنه يبتعد مسافات عن أن يحصل عليه أبسط ما يحتمل من ضر في ماله أو في نفسه، هل يمكن لأحد ممن يفكر هذا التفكير أن يقول عندما يحتضر, عندما تأتيه ملائكة الموت: ((فُزتُ ورب الكعبة))؟؟. لا والله، بل ربما يصرخ مُتَأَوِّهاً، بل ربما يَبْهَرَه الموت – كما قال الإمام علي عليه السلام وهو يوصي ابنه الحسن ويحذره من أن يكون على طريقة سيئة عندما يفاجئه الموت – قال: ((فيَبْهَرَك)). نعوذ بالله من بَهْرَة الموت.

متى تكون بَهْرَة الموت؟ عندما تكون أنت من لم تحرص على سلامة دينك، من لم تُضَحِّ من أجل دينك، من لا تعتبر السقوط شهيداً في سبيل الله من أجل سلامة دينك فوزاً، سيبهرك الموت، وسيبهرك الحشر، وستبهرك زبانية جهنم .. هذا شيء لا شك فيه.

الإمام علي عندما يقول: ((فزت ورب الكعبة))؛ لأنه سار على منهجية هي منهجية يفوز من سار عليها.

عاش مجاهداً في سبيل الله، عاش أميناً، عاش صادقاً، عاش ناصحاً، عاش حراً، عاش ينطق بالحق .. ولولا علي، لولا كلمة علي، لولا مواقف علي لما وصل الدين إلينا بنقاوته، لما وصل الدين إلينا بصفائه من داخل ظلمات ذلك الانحراف الذي أوصل معاوية – وهو اللعين ابن اللعين – إلى سُدَّةِ الحكم, إلى أن يتحكم على رقاب هذه الأمة.

الإمام علي عليه السلام بعد أن عاش مجاهداً, عاش على هذا النحو الذي أصبح فيه فعلاً – وهذه نقطة مهمة يجب أن نتفهمها – شاهداً لرسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)؛ لأنه في علي عليه السلام نزل قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} (هود: من الآية17).

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(ذكرى استشهاد الإمام علي (ع))

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 19 رمضان 1423هـ

اليمن – صعدة.

قد يعجبك ايضا