النقاط الساخنة تقترب من الحروف الملتهبة
عبد الملك الحوثى والذين معه 16
موقع أنصار الله || مقالات || إبراهيم سنجاب
لاحظ معي حالة النخبة العربية، خاصة هؤلاء الذين يتصدون للكتابة فى الصحف باعتبارهم نخبة الكتاب والمفكرين، أو الآخرين الذين ملت الجماهير العربية وجوههم على الشاشات وكأنها غرف نوم وليست غرف أخبار.
دعك من الإعلاميين والصحفيين والفضائيات والصحف الآن فالكثير منهم تفضحه تقلباته في زمن قياسي أحيانا لا يتجاوز الساعات !.
من ذلك ما يجرى على أرض العراق من مواجهة نارية أمريكية – إيرانية راح ضحيتها القائد الإيراني قاسم سلماني ورفاقه بينما ردت إيران بإطلاق الصواريخ على عدة تمركزات عسكرية أمريكية في العراق .
أرادت النخبة العربية أن تسوق لشعوبها أن ما جرى مسرحية متفق عليها، هكذا وبكل بساطة، دون أن تحزن على نفسها وعلى المستوى الذى وصل إليه الفكر العربي والمواطن العربي بل والنظام العربي.
ودون أن يحمل أحد هؤلاء هم الإجابة على سؤال مفترض من بائع (بطاطا عربي ), لماذا لا تفعل أمريكا ذلك مع أي نظام عربي ؟ إنها لا تعطينا أي دور في أي مسرحية إلا إذا احتاج المشهد ممولا أو محللا، والغريب أن من يؤدي هذا الدور منا يستقوي به على أشقائه. !
قليل من الكلمات كثير من المعاني
لم تمض ساعات على الرد الإيراني الصاروخي على عملية اغتيال سلمانى حتى ظهر السيد حسن نصرالله ليعلن بكل حسم أنه إذا ردت أمريكا على القصف الإيراني فسوف يرد حزب الله بقصف إسرائيل. واكتمل المشهد بتعقيب إيراني أنه سيتم قصف حيفا ودبي إذا ردت أمريكا على الصواريخ الإيرانية . ولم يكد البنتاجون والكونجرس يرتبان أوراقهما حتى ظهر السيد عبدالملك الحوثي في ذكرى يوم الشهيد ليعلن الوقوف مع أحرار الأمة في مواجهة الطغيان الأمريكي والعالمي، بينما كانت سرايا الحشد الشعبي في العراق تطلق صاروخين على موقع عسكري أمريكي ولكن بلا خسائر .
في كلمته ظهر السيد عبد الملك كرجل دولة من طراز رفيع ،حين قال نحن أقوياء ،بمعنى أن خمس سنوات من العدوان والحصار والحرب النفسية والإعلامية لم تزد الشعب اليمنى إلا قوة، وفى الحقيقة لم يكن ذلك فقط ما يعنيه، ولكنها كانت رسالة للخارج مفادها أننا جاهزون لمعركة أخرى أطول وأكبر وأشمل ما زالت احتمالات اشتعالها قائمة ومسببة. وهو الذى قال : لسنا ضد أحد ولكن على النظامين الإماراتي والسعودي استيعاب الدرس ووقف العدوان فالتطورات القادمة كبيرة … قليل من الكلمات وكثير من المعاني…. وما زال في الذاكرة مئات الأهداف التي سبق وأن حددتها صنعاء كأهداف مشروعة للقصف في الجزيرة العربية، مضافا إليها المقولة الخالدة لسيد المسيرة، صواريخنا ستنطلق نحو الرياض وما بعد الرياض أي إسرائيل .
قواعد اللعبة وحدود الدور
لنعد إلى الخلف قليلا، فقط عدة أشهر منذ ذلك اليوم الذى احترقت فيه ناقلة بترول في ميناء الشارقة، ثم موقعة أرامكو، فحادث إسقاط مسيَّرة أمريكية متقدمة في الخليج العربي.
ضع قبل ذلك صمود اليمنيين لخمس سنوات والسوريين لعشر، وضع بعد ذلك فشل إثارة فتنة في صنعاء في ذكرى مقتل علي صالح، وكذلك فشل الاحتجاجات الشعبية في لبنان في تقزيم دور حزب الله، ثم مؤخرا نجاح نصف برلمان العراق في إصدار قرار يطالب بخروج الأمريكان من العراق .
الأن تتأكد أن إيران أنهت معادلة الرعب الأمريكية في المنطقة، وتفوقت عسكريا وسياسيا على أمريكا -ترامب، ليتأكد الأمريكان والعالم أن تغييرا جرى في قواعد اللعبة للدرجة التي تمكنت طهران فيها من تشغيل مفاعلها النووي بكامل طاقته عقب عملية الاغتيال مباشرة .
إذن نحن الآن أمام مسار آخر للعلاقة الأمريكية الايرانية عنوانها ضبط حدود القوة، فالطرفان يعلمان أن كلا منهما يستطيع أن يبدأ الحرب ولكنهما متأكدان تماما أن اي منهما ليس بمقدوره وقفها في الوقت الذي يحدده .
هناك في طهران يقول السيد الخامنئي أن الرد الإيراني غير كاف وأنه يجب انهاء تواجد أمريكا الفاسد في المنطقة، وهنا في صنعاء يقول السيد عبد الملك نعلن وقوفنا مع إيران ولبنان والعراق وسوريا وفلسطين وكل بلد يتعرض للهجمة الأمريكية، ويزيد إن أمريكا لا تحترم الخانعين والموالين لها وتصفهم بالبقرة الحلوب.
إذن المباراة التي لم تنته رغم هدوء اللاعبين وانشغال المتابعين، فكل السطور لم تكتب، وما تمت كتابته لم يقرأ.
الصفحة لما زالت مفتوحة لم تطوى.. فقط تم منع ترامب من التغريد أو اتخاذ قرارات منفردة بشأن حرب محتملة مع إيران ، بينما بقية محوره في أوروبا يبحث عن مخرج وفى إسرائيل يتنصل من الجريمة وفى العالم العربي يدعو للتهدئة.
أما على الجانب الآخر، فيبدو أن نار إيران لن تنطفئ قبل تحسين شروط إعادة تأسيس الشرق الأوسط بعد الربيع العربي.
وهنا في صنعاء اقترب وضع النقاط الساخنة على الحروف الملتهبة، سواء نجحت أو فشلت المشاورات السرية بين صنعاء والرياض في تحسين شروط إعادة تأسيس الدولة .ومازالت كل الاحتمالات قائمة.