ذات الدفع المسبق
بقلم / أحلام شرف الدين
من المفترض أننا انتهينا من الحديث عن شرعية هادي وحقيقة العدوان السعودي وفزاعة داعش والقاعدة، فكلها خفايا صارت فوق الطاولة ولم يعد يناقشها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
علينا الانتقال إلى مرحلة تسوية العلاقات الداخلية أولا وبسرعة فليس الوقت سانحا على الإطلاق لتلك المهاترات والمناوشات اللفظية التي لا تستند إلى أدبيات الحوار أو في مكاتب العمل التي لا تفتقر إلى واحد في المئة من أخلاقيات المهنة، كيف يكون من البديهي انفعال صاحب تعز -بحسب تعبيرهم- على صاحب صنعاء وليس للأخير أن يدافع عن نفسه ولو من باب رفع الظلم عن نفسه، لا أدري كيف لعدد من أولئك الجزم بضرورة انسحاب كل المنتمين إلى صنعاء من تعز في حين تكتظ مدينة صنعاء بأهل تعز وتستقبلهم على الرحب والسعة.
لماذا تصدّقون تلك المقاطع المفبركة على القنوات الفضائية ذات الدفع المسبق ونحن في عصر التكنولوجيا الصاخبة التي تتحكم في النسخ واللصق والتزوير والتمويه وفق هوى هؤلاء أو أحقاد أولئك؛ إنها تصفية حسابات ليس أكثر؛ كيف تنجرون وراء ذلك ولا تصدّقون الواقع الماثل أمام أعينكم والركام الظاهر أمام العيان وتصمون آذانكم عن أصوات المستغيثين من تحت الأنقاض وقد وصل الحال الموحش إلى كل حي وجرح كل قلب.
من منا لم يفقد أخا أو صديقا؟ من منا لم يحضر عزاء أو يزور جريحا؟ من منا لم يعش ظروفا استثنائية أو يسمع حكايات أرباب وربات البيوت وهم يشتكون ضيق الحال ونكد الحياة؛ لم لا نعترف بفضل الله علينا ألم تسعفنا المسيرة القرآنية التي علمتنا معنى الثقة بالله –سبحانه وتعالى- والإيمان بقضية الوطن والدفاع عنها.