النظامُ السعودي بين إغلاقه البيت الحرام وانفتاحه على الترفيه الحرام.. غير مؤتمن على المقدسات
|| صحافة ||
ها هو النظامُ السعوديُّ المتصهين يقطعُ المزيدَ من الخُطَى باتّجاه إتمام عملية الانسلاخ عن ما تبقى من شكلية الدين والتدين ومظاهر وادّعاءات خدمة الحرمين الشريفين، إذ وصل النظام السعوديّ إلى مرحلة إغلاق الحرم المكي والروضة الشريفة وكافة المشاعر المقدَّسة ومرافقها الأَسَاسية والثانوية؛ بذريعةِ الإجراءات الطبية الخَاصَّة بالحد من انتشار وباء “كورونا”، فيما ظلت الملاهي وأماكن وساحات الرقص والحفلات الفنية الترفيهية والمولات التجارية والأسواق مفتوحةً لمن يشاءُ من المواطنين والمقيمين والسيَّاح، بما فيهم السياح الأجانب، وعلى رأسهم الإسرائيليون وهم الفئةُ التي تحظى بالقدر الأكبر من الترحيب الأعرابي.
وكعادته قبل تدشين إحدى نزواته الشيطانية أَو تنفيذ قرار من قراراته التضليلية التي تصُبُّ في مصلحة أمريكا وإسرائيل يستندُ النظامُ السعوديُّ المتصهين إلى فتوى أَو اثنتين و”عيلوم” أَو عشرة مما تسمى هيئة كبار العلماء وغيرهم، وعموماً فلم يقفز السعوديّ إلى هذه الخطوة البذيئة هكذا فجأةً دون أية مقدمات، فبحسب المعطيات الماثلة أمام كُـلّ ذي بصرٍ وعقل يعمل آل سلول حثيثاً على تنفيذ حزمة متكاملة من المخطّطات الصهيونية وتنفيذ هذه المخطّطات يحتاج إلى جهود “نجدية” شاملة تغطي الكثير من المجالات بشكل متوازي فالنشاط الترفيهي والإفسادي على سبيل المثال يمهّدُ لتنفيذ الخطط المحورية التي تستهدفُ الحجَّ والمقدَّسات والرموز الإسلامية الكبرى والهوية الإسلامية والأمة بكلها؛ ولذلك لم يبدأ النظام السعوديُّ المتصهين بإغلاق الحرم المكي والروضة الشريفة وبقية المشاعر المقدَّسة إلا عقب إفساد عددٍ من الفئات الشبابية من أبناء الحجاز والجنوب والمنطقة الشرقية بالجزيرة العربية.
وبعد أن يتوغلَ الخبثُ في النفوس برعاية رسمية سيصبحُ من السهل والممكن تحييد الكثير من مواطني الجزيرة بعد أمركة نفسياتهم ومسخ أرواحِهم وصرف اهتماماتهم وكذلك الحال بالنسبة للتطبيع وغير ذلك من دروب التيه والضياع الأعرابي، وفيما يخُصُّ جريمة إغلاق الحرم، كانت البدايات منذ عقود عبر تفريغ الحج من محتواه الإيماني والتضييق المستمر والمتصاعد على حجاج بيت الله والمعتمرين والرُّكَّع السجود القادمين من كُـلِّ فج عميق ومؤخّراً زاد مستوى اللهفة السعوديّة لخدمة الصهاينة وتحقيق المزيد من أهدافهم الاستراتيجية ويتذكرُ الناسُ أن كورونا الذي انتشر –فجأةً- بشكل محدود في السعوديّة (دون غيرها) في العام 2015م كان ذريعةً مسبقةً للنظام المتصهين لإلغاء موسم الحج آنذاك، وتم بعد ذلك إلغاء فكرة الإلغاء وربما كان ذلك ناتجا تقدير إسرائيلي رأى ضرورة التأجيل حينها، وبشكل عام شمل التضييق التمهيدي كَثيراً من الجوانب والتفاصيل المرتبطة بالفريضة العظيمة كالرسوم الباهظة والإجراءات المكثّـفة والتعسف الوهابي المتعلق بعدد من الأمور مثل قوائم الممنوعات التعبدية والأماكن المحظورة والشعارات والأحاديث المحرمة، وبفضل النظام السعوديّ المتصهين لم يعد الحج في غايته مؤتمراً إسلامياً عالمياً بقدر ما كان منبراً لتكريس التوجّـه السياسي الطاغوتي على طريق تدجين الأُمَّــة الإسلامية، ومن أمثلة الجهد السعوديّ للتضييق على الناس، ممارسات التضييق الفعلي على الحجاج من خلال اعتماد اعمال التوسعة قبل شهر أَو شهرين من موسم الحج فيتزاحم الحجيج مع الأعمدة الإنشائية الفولاذية الضخمة وما شابهها من المعدات (شاركت شركات إسرائيلية في التعهدات الإنشائية المرتبطة بالتوسعة)، وما زال العالم يتذكّرُ حادثةَ سقوط الرافعة وسحق عدد من المعتمرين، فضلاً عن الحرائق المتعمدة وحوادث التدافع الكارثية، وهذا كله بخلاف مؤامرات النظام المتصهين التي تعمدت في كثير من السنوات التلاعب بنهايات شهر رمضان من خلال إعلان حلول العيد قبل آونة أَو بعد الأوان، وبالتالي حصل انزياحٌ خاطئ في “أيام معلومات” وعليه فيوم عرفة لم يكن بالفعل يومَ عرفة وهكذا وهذا الأمر اعترف به النظامُ المتصهين أكثرَ من مرة بعدَ انكشاف تلاعُبِه، ثم تطاول صهاينة العرب وأعلنوا منعَ شعوب وفئاتٍ محدّدة من الحج، وتزامن ذلك المنع مع زيارات صهيونية فجة للأماكن المقدَّسة وللمملكة عموماً.
وبالمناسبة، يذكُرُ فهمي هويدي في كتابة الذي ألّفه عن مسلمي الصين أن النظام السعوديّ في نهاية خمسينيات القرن الماضي منع حجاجاً من مسلمي الصين من دخول المملكة وجعلهم يذرفون الدمعَ في بلد الترانزيت “باكستان” غير مصدقين أنه تم منعُهم من أداء فريضة الحج؛ بحُجَّة أنهم قادمون من بلد شيوعي!! وعاد هؤلاء الحجاج الصينيون بحسرتهم والمفارقة أنهم كانوا أول دفعة تسمح لهم الصين “الشيوعية” بالحج بعد جهد جهيد وتعهدات والتزامات وضمانات لا تحصى ثم حين تخلت الصين عن رفضها الأيديولوجي وسمحت لهم بالحج يفاجَأ الحجاج الذين لم يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين بمنعهم من دخول المملكة من قبل القائمين على البيت الحرام، في الوقت الذي كانت قاعدة ظهران الجنوب “الأمريكية” قد بدأت بالعمل وتعج بآلاف من جنود المارينز!!
ومثل تجرأ النظام السعوديّ وأساء إلى الإسلام والمسلمين بسعيه وعمله على تدمير الرموز الإسلامية الكبرى بلا هوادة والتطاول بالكثير من الأفعال وَالإجراءات التدميرية على المقابر وَالأضرحة والقباب التي تضُمُّ عَدَداً من أمهات المؤمنين وأئمة الدين وشهداء الإسلام في مكة والبقيع وأُحُد وغيرها، فضلاً عن الآثار التاريخية المقدَّسة كمنزل النبي صلوات الله عليه وعلى آله وغير ذلك الكثير، وهذا كله في الوقت الذي يضع فيه النظام السعوديّ المتصهين سياجَ حماية حول حصون خيبر بعد أن نقل سكانها إلى مدينة سكنية جديدة بنيت بَعيداً عن خَيْبَر التاريخية!!
واليوم، جميعُ المسلمين معنيون بالوقوف ضد الإجراءات السعوديّة الصهيونية، فالديار المقدَّسة ملكية إسلامية عالمية وليس من حق النظام السعوديّ المتصهين أن يغلق ما وصفه الله بموضع المثابة والأمن.
حتى وإن قال السديس وأمثاله إن في ذلك درءاً للمفاسد والأضرار وإلا أنه لم يتحدث عن مفاسد وأضرار الدخول إلى المراقص المكتظة ولا حتى عن المفاسد والأضرار الصحية، مهزلةٌ مهولةٌ واللهِ حين يستندُ أمثال السديس إلى الضرورة الشرعية والأحكام الدينية في إباحة إغلاق المسجد الحرام ثم لا يتذكرون الإسلامَ برمته حين يتعلق الأمر برغبات ولي الأمر الأرعن، ولله درُّ السيد القائد يحفظه الله حين قال في رمضان الفائت ما معناه: إن النظام السعوديّ المرتبطُ بأخطر اتّجاهين على المشاعر المقدَّسة أمريكا وإسرائيل ويتآمر على الأقصى والشعب الفلسطيني وله دور أَسَاسي في صفقة ترامب ليس مؤتمناً على المقدَّسات في مكَّة والمدينة، وإن النظام السعوديّ يستغل الأماكن المقدَّسة كأنها دكان أَو بقالة للتجارة..، وهذا ما يحدث بالفعل ويتذكر الجميع مستوى التضييق على المعتمرين في العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي؛ نتيجةَ إقامَة مؤتمر لزعماء النفاق بدعوة سعوديّة زعمت آنذاك أن مكة المكرمة مستهدفةٌ من اليمانيين!! والحديثُ متشعِّبٌ وذو شجون، فمكائدُ اليهود وخدمات آل سعود لا تنتهي وحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وأخيراً لنتأمل في أنوار الثقافة القرآنية ومع بعض مما قاله بهذا الخصوص السيد الرائد، الشهيد القائد الفذ رضوان الله عليه في الدرس الثاني عشر من دروس معرفة الله: “كما يعملون بالحج.. الحج الله قال لنبيه إبراهيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُـلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُـلّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج:27). وعندما يقول: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} هو يعلم أن تلك المشاعر، ومن يفدوا على تلك المشاعر سيكون فيها لهم سعة.. اتساع.
جاء تنظيم الحج: اليمن: أربعة عشرة ألفاً إلى عشرين ألفاً، مصر كذا آلاف، قالوا: المشاعر ضيقة! وزحمة شديدة، إيران كذا آلاف.. السعوديّة كذا، وكل بلد يحدّد له عَدَداً معينا.! أليس ذلك ما هو حاصل الآن؟ هذه أول خطوة من خطوات احتلال اليهود للحج؛ لأنهم في الأخير لن يمنعوا الناس من أول يوم عن الحج، عودونا على قبول نسبة محدودة، فإذا ما نزلت النسبة من [عشرين ألف] لليمن إلى [عشرة آلاف] ستكون مقبولة.. أليس كذلك؟ ثم في عام معين تنزل من [عشرة ألف] إلى [ألفين] مقبولة، ثم إذَا كان الشعب كبيرا كمصر تأتي بالقرعة. الآن الحج عند المصريين بالسهم بالقرعة.. [أين حجاج القرعة].. نسمعها هكذا في المشاعر بالسهم. يتقدم الكثير ممن يريدون الحج ولكن بالسهم، إذَا طلع سهمك تحج تحج، هذه هي بدايات الترويض، الترويض لنتقبل كُـلّ شيء يريدون أن يعملوه.
في الأخير إذَا ما أُبعد القرآن هناك قوانين ودساتير بديلة عنه، الحج إذَا ما خفض العدد يكون مقبولاً جداً؛ لأنه روضنا أنفسنا، وروضتنا حكوماتنا المباركة الجاهلة التي لا تعرف عن اليهود شيئاً، التي لا يهمها أمرُ الدين ولا أمر الأُمَّــة.
يكونون قد عودونا قليلاً ثم أَحياناً يقولون: السنة هذه اتركوها للمصريين، والشعب الفلاني والشعب الفلاني السنة هذه يؤجل، أَو السنة هذه احتمال يكون هناك وباء ينتشر يؤجّل.. وهكذا حتى يموت الحج في أنفسنا، حتى يضيع من ذاكرتنا.
ثم يأتي مجنون! مجنون ويعتدي على [البيت] ويفجره، كما يحصل في [القدس].. أليس يحصل شبيه بهذا؟ مختل عقلياً يعمل تفجيرات أَو يحرق أَو يطلق النار على مصلين داخل المسجد وسيظهر مجانين كثيرون.. مجانين كثيرون، وفجّروا الكعبة فجّروا قبة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، باحثون مجانين ينبشون قبر رسول الله (صلوات الله عليه وآله) ثم نحن نكون قد أبعدنا.
متى ستكون أنت من [ستة عشر مليوناً] يصبح العدد المسموح به هو ثلاثة آلاف شخص، متى ستتوقع أنك ستحج هذا حصل مثله في بلدان الاتّحاد السوفيتي، حصل أَيَّـام حكم الشيوعيين في تلك البلدان.. راجع قوائم البلدان التي تحج، تجدُ أن تلك البلاد كانت من أقلّ الحجاج عدداً، بلدان الاتّحاد السوفيتي وهي بلدان واسعة جِـدًّا”.
المسيرة: وهّاب علي