“فأمكن منهم”، تأسيس لإنهاء العدوان على اليمن
موقع أنصار الله || مقالات || شارل ابي نادر
لم يكن مفاجئًا ما أعلنه المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، عن تحرير كامل محافظة الجوف في العملية النوعية باسم “فأمكن منهم”، والتي تكللت بالنجاح وعززت الموقف العسكري للقيادة وللقوات المسلحة اليمنية وللشعب اليمني. فالمرحلة الأخيرة مليئة بعمليات التحرير الكبرى والنوعية، مثل “نصر من الله “و”البنيان المرصوص”، ولكن يبقى للعملية الأخيرة “فأمكن منهم” بُعد مختلف، يجعلها ربما العملية المفصلية الأخيرة على طريق إنهاء العدوان على اليمن.
اللافت في هذا المسلسل المتواصل مؤخرًا، من العمليات البرية الواسعة والناجحة بكافة عناصرها العسكرية والميدانية والاستراتيجية، أنه يكتمل ويتحقق بعد مرور العام الخامس واقتراب بداية العام السادس من العدوان، وذلك بعد أن انتقلت وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية في هذا المسار الصعب والشاق، بمواجهة تحالف من أقوى الدول التي تمتلك القدرات العسكرية الضخمة والنوعية المتطورة، عبر عدة مراحل أساسية ومهمة، يمكن تحديدها بالتالي:
– مناورة الصمود دفاعيًا، والتي قاتل فيها اليمنيون باللحم الحي وبقدرات متواضعة وبسيطة، وقد عوّضوا خلالها الفارق في الإمكانيات مع العدوان ومرتزقته، بثبات وصمود لافت ومميز، قلما نجده في تاريخ أغلب الجيوش والشعوب.
– المناورة الأصعب والأدق كانت مناورة أثبات الذات لناحية تطوير القدرات النوعية والاستراتيجية واستغلالها أحسن استغلال في المعركة، فشكلت تلك القدرات ورقةً رابحةً في تثبيت الدفاع وتمتين الجبهات، وجمعت مناورة استغلال هذه القدرات، أولًا العنصر الميداني والتكتي في عمليات المواجهة في الداخل وعلى الحدود الشمالية وعلى الساحل الغربي أيضاً، وثانيًا، الاستراتيجي في الردع من خلال الضغط خارج الحدود وعلى أهداف حيوية لها بعد اقليمي ودولي.
– وحيث كانت مؤخرا مناورة التقدم والتوسع الجغرافي والميداني والعمليات الهجومية الواسعة وتحرير المحافظات الكبرى، عبر العمليات المتتابعة ” نصر من الله” في نجران، و”البنيان المرصوص”، في نهم ومداخل الجوف والحزم ومارب الجنوبية والغربية، تأتي عملية “فأمكن منهم” لتأخذ بعدًا مختلفًا ومفصليًا.
في متابعة للمؤتمر الصحفي الأخير للمتحدث العسكري اليمني، والذي نشر خلاله وكالعادة، مشاهد ووقائع مفصلة من الميدان عن مسار العملية، منذ التحضير والاستطلاع مرورًا بالدعم المدفعي والصاروخي الداعم والمساند حتى المهاجمة وتحرير الأهداف واغتنام الأسلحة المتطورة وكميات الذخيرة الضخمة، قد لا تختلف كثيرًا المشاهد التفصيلية للوقائع الميدانية للعملية الأخيرة “فامكن منهم” عن تلك التي كان قد نشرها الإعلام الحربي سابقًا في عمليتي “نصر من الله” و”البنيان المرصوص”، فالجغرافيا مشابهة والوحدات المستهدفة تقريبًا هي نفسها بأسلحتها وبعتادها وأيضًا بطريقة قتالها الانهزامية .
من أوجه الشبه الأخرى، كان مواكبة مناورة الأسلحة النوعية والاستراتيجية من طيران مسير وصورايخ باليستية، مع حركة تقدم الوحدات المهاجمة برا، الأمر الذي تم تنفيذه أيضا في البنيان المرصوص وفي نصر من الله، وحيث تم في “فامكن منهم” تنفيذ حوالي 55 عملية نوعية عبر تلك الأسلحة الاستراتيجية كما أفاد العميد سريع في تامين معطيات استعلامية حساسة للمعركة بواسطة الطيران المسير، أو في استهداف مواقع حيوية داخل أو خارج اليمن عبر الطيران المسير أو عبر الصواريخ الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى، تبقى هذه المناورة المزدوجة في مواكبة العمليات البرية الواسعة لعمليات الاستهداف الاستراتيجة بالأسلحة النوعية، نقطة التفوق العملياتية اللافتة.
من ناحية أخرى، يمكن تحديد نقاط الاختلاف عن العمليات السابقة بالمعطيات التالية:
في العملية الأخيرة، تظهر نقطة الاختلاف الأولى عن سابقاتها من الناحيتين الميدانية والعسكرية، أنه في عملية “فامكن منهم” كانت وحدات الجيش واللجان الشعبية مرتاحة في الاقتراب والتقدم والاختراق بشكل آمن ومحمي لناحية التغطية الجوية المعادية، والتي كانت تميز مناورة العدوان سابقا، والسبب يعود إلى فعالية الدفاع الجوي اليمني مؤخرا، مثل منظومات ثاقب 1 وثاقب 2 وثاقب 3 وفاطر 1، والتي أجبرت أغلب قاذفات العدوان المتطورة ( اف 16 واف (15 على التراجع ومنعتها من تأمين التغطية المفروضة لوحدات المرتزقة والعدوان في المعركة، الأمر الذي ساهم بتنفيذ عمليات تقدم واسعة وبشكل محمي اكثر من السابق، والنتيجة ظهرت خاصة في عملية تحرير مدينة الحزم وخطها الدفاعي الذي كان من اكثر خطوط العدوان تماسكا في تلك الجبهة الحيوية على المشارف الجنوبية الغربية للمنطقة العسكرية السادسة لوحدات العدوان ومرتزقته.
وأخيرا، صحيح أن ما تحقق ميدانيا وجغرافيا في عملية ” فامكن منهم” يقدم بعدا استراتيجيا مهما لمعركة الجيش واللجان الشعبية، حيث افقد العدوان ومرتزقته آخر نقطة ارتكاز برية في الشمال والشر، كان يمكن أن تشكل منطلقا لعملية هجوم بري داخلية لوحداته، تبقى الأهمية الكبرى التي تحققت والتي ستؤسس حكما لأنهاء العدوان: المساهمة الأوسع للقبائل اليمنية في الجوف، في دعم ومساندة وحدات الجيش واللجان الشعبية بطريقة اكثر فعالية من السابق. وصحيح أن تلك القبائل الوطنية لعبت في السابق دورا غير بسيطٍ في مساندة الجيش واللجان الشعبية في عملية البنيان المرصوص، فقد كان لمساهمتها في عملية “فأمكن منهم” لناحية الاستعلام وتقديم المعلومات، أو لناحية الدعم المباشر عبر القتال جنباً إلى جنب بمواجهة العدوان ومرتزقته، أهمية كبيرة لا يمكن حصرها، الأمر الذي، بالإضافة إلى أنه شكل مفاجأة للعدوان، وسّع وحصَّن وثبَّت أكثر الغطاء الوطني والسياسي الداخلي لمعركة التحرير التي تقودها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية.