في رحاب الشهيد القائد الحلقة الـ(3)
|| مقالات || فاضل الشرقي.
وما أن تحرّك السّيد حسين في المشروع القرآني وكانت دروسه ومحاضراته تنشر عبر أشرطة الكاسيت أوّلاً قبل طباعة (الملازم) حتّى عملت على اقتنائها ومتابعتها أوّلاً بأوّل، وفي أحد الأيام ذهبت إلى (مران) وطلبت من السيد زيد علي مصلح (رحمه الله) أن يذهب معي في زيارة إلى بعض مديريّات محافظة حجة في بلاد (الشّرفين) و(حجور) بحكم معرفتي بتلك البلاد وأهلها حيث كنت قد عملت فيها مرشداً دينيّاً على مدى سنتين في فترات متقطعة، فرحب بالفكرة ولكن طلب مني أن أطلب له الإذن من س حسين بذلك، فصعدة إلى منطقة الجميمة وبالتحديد (جو علي) حيث منزل السيد “رضوان الله عليه”, وكان مجلسه مكتظّاً بالنّاس, وهو المجلس القديم الذي كان يسمّى (بالقَرَشْ) فاستحيت أن أكلمه وكتبت له طلبي في ورقة فاطّلع عليها وأجاب خطيّاً بالسّلام والتّرحاب, ووجّه السّيد زيد بذلك, وحمّلنا سلامه وتحيّاته للنّاس، قائلا ما معناه: (وعليكم السلام والرحمة وحياكم الله، الأستاذ زيد فيه الكفاية، كان الله معاكم، وبلغوا الجميع سلامنا), وزوّدنا بعدد كبير من أشرطة (الكاسيت) التي تحتوي على عدد من الدّروس والمحاضرات، وذهبنا حينها في أواخر العام 2002م مع السّيد زيد على مصلح, والأخ ضيف الله سلمان, وعدد آخر من الشّباب لزيارة مديريّات المفتاح وكحلان الشرف وزرنا منطقة (قارية) ومنطقة (أفصر) والتقينا بالقاضي العلاّمة عبدالله محمد النعمي في بلاد الشّرفين في منزله بمديرية كحلان الشرف منطقة (عزان)، وبعدها تحرّكنا لزيارة مديرية (عاهم) ومديرية (وشحة) في بلاد حجور, وكانت زيارة ممتعة لا تنسى.
وفي أواخر العام 2003م وبداية العام 2004م كنت أذهب كلّ ثلاثاء, وأربعاء, وخميس, وجمعة وألازم مجلس السّيد حسين الذي كان يكتظّ بالنّاس والزّوار يوميّاً من مختلف المناطق من محافظة صعدة وصنعاء وحجة، وسفيان، ومن بعض المحافظات، وأستمع بكلّ إصغاء للمحاضرات والدّروس, والحوارات, والنّقاشات السّاخنة مع بعض الزوار، والعلماء، وطلبة العلم، والتي كانت تستمر من بعد صلاة العصر إلى ما قبل أذان الفجر في أغلب الأيام، وكان (رضوان الله عليه) يخصّص يوما الخميس والجمعة عصراً ومساءً لمحاضرات ودروس عامّة من القرآن الكريم, وكان قد انتقل إلى المجلس الجديد, وهو المجلس الكبير الملاصق لمنزله الذي يتّسع لعدد كبير من النّاس.
لقد كانت تلك اللحظات والأيام من أفضل وأروع أيام حياتي, حيث كنّا نستمتع فيها مع كلّ الحاضرين بهدى الله, وعظمته, وقيمته، وكان السّيد على خلق عظيم يمتلك أسلوباً جذّاباً ومؤثّراً للغاية فما أن يتكلم حتى يهدأ ويسكن المئات من الحاضرين في مجلسه، وتراهم وكأنّ على رؤوسهم الطير، فكان يحاضر، ويناقش، ويحاور بأسلوب قرآني مؤثّر جدّاً تصل كلّ كلمة من كلماته إلى أعماق النفس، وتؤثر كلماته، ومحاضراته، ودروسه تأثيراً بليغاً في أعماق النفوس, وتحرّك كلّ المشاعر والوجدان، وتلامس خصائص النفس البشريّة وطبائعها، وكنّا نتابع معه وفي مجلسه أهمّ الأخبار والبرامج السّياسيّة وخاصة من قناتي (الجزيرة) و(المنار) ونتابع كلّ ثلاثاء, وأربعاء, برنامج (الإتجاه المعاكس) من قناة الجزيرة وبرنامج (ماذا بعد؟) لعمرو ناصف من قناة المنار، وكان السّيد يسجّل هذين البرنامجين في أشرطة كاسيت لا أدري لماذا؟ ثمّ يتحفنا بتعليقات وايضاحات سياسيّة مهمة جدّاً على البرامج السّياسيّة والأخبار بطريقة تحليليّة واقعيّة مرتبطة بالقرآن الكريم والواقع… وللأمانة والحقيقة أنّني لا أستطيع أن أصف متعة, وحلاوة, وطراوة تلك الأيّام والليالي…. يتبع.