جبهة الصحراء في محافظة الجوف استطلاع
موقع ،صار الله | استطلاع / عابد حمزة
عام كامل شارف على الانتهاء والعدوان السعودي الأمريكي يواصل عدوانه على اليمن محاولاً بألته الإعلامية تضليل الرأي العام وتصوير ما يرتكبه من جرائم ومجازر بشعة بأنها إنجازات عسكرية من شأنها أن تقرب حسم المعركة لصالحه ومع استمرار هذا العدوان والتضليل الإعلامي تواصل الحقيقة بمجهودها المتواضع النزول الميداني إلى الجبهات لنقل حقيقة ما يجري في موطنٍ يحق للمنتصر فيه أن يفاخر بانتصاره ففيه تتقارع السيوف ويلتحم الأبطال ولا يقتل فيه شيخ أو طفل أو امرأة فكانت الانطلاقة هذه المرة من صعدة الصمود التي لحقها النصيب الأوفر من الحقد الأسود للعدوان السعودي الأمريكي إلى محافظة الجوف في صباح يوم مشرق في طريقنا إليها مررنا بمنطقة نشور التي شهدت مواجهات الحرب الثانية وفيها سطر المجاهدون الأوائل أروع ملاحم البطولة وكادت أن تنتهي باستشهادهم جميعاً لو لم يكن الله سبحانه وتعالى قد كتب للقضية التي يتحركون من أجلها النصر والتمكين والغلبة فخرج ما يقارب العشرين شخصاً إلى منطقة نقعة وهناك شاء الله أن يجعل أفئدة من الناس تأوي إليهم وأن تحيا المسيرة القرآنية من جديد من نشور انتقلنا إلى كتاف ومن كتاف إلى القطعة ومنها إلى وادي آلـ أبو جبارة وفي كل منطقة من المناطق تلك شاهدنا آثار حروب دامية لا تزال آثارها بارزة على صخورها الصماء حروب تكفيرية استمرت لأكثر من عام خطط لها السفير الأمريكي السابق “افرستاين” وأراد أن تكون حرب استنزاف للمجاهدين تستمر لعشرات السنين في أراضي كالحة مليئة بالشعاب والأودية والأدغال وأراد الله أن تنتهي بعد أشهر قليلة من مغادرته اليمن بهزيمة نكراء لعملائه الذين هربوا بعد التنكيل بهم إلى رمال صحراء الربع الخالي وهي الصحراء التي ظهرت بمجرد وصولنا إلى مديرية البقع الحدودية كبحر متلاطم الأمواج لا حياة فيها ولا ماء ولا شيء يجعلها جميلة إلا السراب الذي يخيل إليك من بعيد وكأنه شواطئ نهرٍ جارٍ تشتاق بمجرد أن تراه للشرب منه والغوص في مياهه العذبة ومادة السلوكين أيضا التي تظهر على وجه الكثبان الرملية بلون الذهب المطرز , منتصف النهار
اليتمه مدينة الرمال المتحركة
من البقع التي دمر العدوان كل مظاهر الحياة فيها اتجهنا جنوباً ولا شيء يلهينا إلا الاستمتاع بمشاهدة رمال الصحراء المتحركة التي ظلت برفقتنا طوال الطريق حتى وصلنا إلى مديرية متنة تلك المديرية الصحراوية التي تهاجمها الرمال المتحركة وتحتاج إلى حراسة مشددة من الاإثل والنخيل تنتصب كأمنيات أمام المباني والمزارع والبساتين حتى لا تهاجمها الكثبان الرملية القادمة من الشرق نزلنا ضيوفاً عند أحد الأصدقاء يعمل في المجال الثقافي وما إن استقر بنا المقام عنده حتى جاءه شخص من جيرانه طالباَ منه الذهاب إليه لتناول الغداء اعتذر منه لوجودنا ضيوفا عنده لكنه أصر على ذهابنا جميعا معه ذهبنا إلى داره في عزومة كبيرة مع أشخاص آخرين من أبناء المنطقة بعد تناولنا للغداء استاذنا الجميع إلا أنهم أصروا على جلوسنا معهم لبعض الوقت أثناء الجلسة ونحن نتناول القات كان الحاضرون يتجاذبون أطراف الحديث عن الحرب وأسبابها والعدوان وجرائمه والجميع يكادون يجمعون على إدانته وضرورة مواجهته والتصدي له إلا شخص واحد جريء اعترض على كلام لصاحبنا وهو يخاطب الجميع بلغة راقية عن مسببات العدوان وسبب تكالب الغزاة على اليمن وتركيزهم بالذات على احتلال محافظتي الجوف ومارب اعترض على كلامه قائلا دول التحالف العربي لم تأتِ إلينا ولم تشن الحرب إلا بعد دخولكم أنتم بلدنا يا حوثيون انهالت عليه ردود غاضبة من الجميع طلب صاحبنا منهم التوقف عن الكلام وفي نفس الوقت توجه إليهم بالسؤال من هم الحوثيون..؟ أجاب عليه الجميع كلنا حوثيون ومن لحظته استدار إلى صاحب الاعتراض أرأيت الحوثيين هم هؤلاء إخوتك وأبناء عمومتك ونحن وكل أحرار اليمن حوثيون والدور عليك من هي دول التحالف العربي التي تتحدث عنها هل تتخيل أن الجانجويد وبلاك ووتر والأفارقة والأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين تحالف عربي جاؤوا إلى هنا لمناصرة من يسمون أنفسهم بأهل السنة واستجابة لداعي الجهاد المقدس الذي دعا إليه مرشدي ووعاظ القاعدة وداعش ضد الروافض المجوس لا يا سيدي الأمريكيون ما جاؤوا لسواد عيون أهل السنة ولا تلبية لداعي جهاد الدواعش جاؤوا ليبسطوا سيطرتهم على هذه الأرض الصحراوية الغنية بثرواتها النفطية .
رد عليه باستحياء وخجل بصراحة لم نعد ندري من الحق معه والصحيح أننا نتقاتل بيننا كيمنيين والمستفيد من قتالنا الدول الكبرى أمريكا وإيران والسعودية.
بالعكس نتقاتل لأن عدونا الحقيقي من احتل أرضنا وقتل أطفالنا ونساءنا في فلسطين والعراق وأفغانستان خدع الكثير وخوفهم من عدوٍّ وهمي اسمه إيران أين هي إيران من كل ما يحدث في اليمن أين هي طائراتها التي تقتل اليمنيين وأين هم جنودها الذين غزو أرض اليمن أنت تسكن هنا وقريباً جداً من الجبهة ويومياً تمر بك عشرات الأطقم العسكرية المحملة بأفراد الجيش واللجان الشعبية هل رأيت يوما إيرانيا واحداً بينهم هل رأيت فخر الصناعات الإيرانية تتقدم الجيش واللجان الشعبية في الجبهات كما تتقدم فخر الصناعات الأمريكية الدواعش والمرتزقة لا ندري على أي أساس ننفي عن أنفسنا تهمة العمالة لإيران هل يتطلب الأمر أن نقوم بلعنها في الصباح والمساء من على كل منبر كما يعمل عبيد آلـ سعود والصهيونية بدلاً عن لعن اليهود والنصارى أم أننا نحتاج أن نفرش أرضنا وروداَ للأمريكيين كما تفعل دول الجوار وإخوان اليمن في عهد الهارب هادي حتى ننفي عن أنفسنا هذه التهمة اللعينة التي دفعت بالكثير من أبناء شعبنا للإرتماء في أحضان الأمريكيين والإسرائيليين لقتالنا والعدوان علينا صحيح أن هناك قواسم مشتركة بيننا وبين إيران لا ننكرها ونفتخر بها مثل محبتنا لأهل البيت وولائنا لهم ومقاومة الاستكبار العالمي لأمريكا وإسرائيل ودعم القضية الفلسطينية والسعي لتحرير القدس الشريف هذا ما يجمعنا بإيران ولنا الشرف بذلك
كان جوابه ملجماً بالشكل الذي جعل خصمه يقول بأنه غير مؤيد للعدوان ولكن وعند نطقه بكلمة لكن قاطعه أحد الحاضرين ولكنك كالببغاء تردد ما يقوله ويروج له الأعداء ما لفت انتباهنا هو الجرأة التي يمتلكها ذلك الشخص في وضع شديد الحساسية لا يحتمل المناكفة فهناك حرب ودماء تسفك في منطقة تعتبر مؤخرة لجبهة يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية بشكل كامل ومع ذلك لم تكن التفاتتنا بالشكل الذي يثير الاستغراب لمعرفتنا بالمجاهدين وأنهم أهل رحمة وأن مثل ذلك الشخص لو لم يكن يأمن جانبهم لما تجرأ أن يتكلم في وضع لا يحتمل فيه الكلام والمناكفة
جبهة رجال الرجال ومعادن الأصول
استأذنا الجميع وكنا على موعد دخول الجبهة بعد التنسيق مع أحد المشرفين العسكريين وعند دخولنا كانت الطائرة تحلق فوق رؤوسنا وعلى مسافات بعيدة بعض الشيء نفذت ثلاث ضربات جميعها كانت طائشة لا علاقة لها بمواقع المجاهدين وإن دلت على شيء فإنما تدل على مدى تخبط العدو وعدم قدرته على تحقيق أي هدف عسكري من شأنه أن يضر فعلا بالجيش واللجان الشعبية الذين عرفوا على مدى أحد عشر شهراً كيف يتعاملون معها بالشكل الذي يجعلها تحلق في السماء كالتائه في الصحراء لا تجيد إلا قتل الأطفال والنساء واستهداف المنشآت والمدارس والمستشفيات والجسور وما أكثر ما دمره طيران العدوان في المناطق التي مررنا بها في ذلك اليوم تمكنا من الوصول إلى غرفة العمليات وهناك جلسنا بالقرب من بعض القيادات العسكرية وهم يديرون معركة شرسة أثناء محاولة الغزاة والمرتزقة استعادة بعض المواقع كان المجاهدون قد سيطروا عليها في منطقة العقبة المطلة على مدينة الحزم لم يكن هناك مجال للكلام وكنا نعرف أن القلم يتوجب عليه بحضور السيف لزوم الصمت أو الارتفاع لذلك اكتفينا بالاستماع لما يرد من أرض المعركة وما يصدر إليها من توجيهات إنها عملية معقدة تشبه إلى حد ما لعبة الشطرنج وتحتاج من القيادة إلى الصبر والتحمل والحنكة وفوق ذلك رباطة الجأش والقدرة على اقتناص الفرص واختطافها بسرعة كما يختطف الصقر فريسته صباح اليوم الثاني توجهنا إلى المنطقة التي دارت فيها المواجهات انتقلنا من موقع إلى آخر والعدو كأن على رأسه الطير كان منهكا بعد معركة اليوم الأول قتل عليه حسب المعلومات التي وصلت إلى غرفة العمليات أكثر من 22 مرتزقاً وعدداً من آلياته دمرت ودمر عليه أيضا رشاش 23 في اليوم الثاني والثالث انتقلنا إلى جبهات اخرى في المشمة وصابرين والخنجر وكل واحدة منها تمتد إلى عمق الصحراء تتشابه مع بعضها البعض وفيها غرست مئات التباب تتخلها أودية رملية تتداخل مع بعضها البعض وفي كل تبة عشرات المجاهدين وكأن تلك التباب والأودية الفسيحة والمتداخلة خلقت للحرب ومن يسيطر عليها لا يمكن أن يعرف الانهزام لا يكاد يمر يوم واحد إلا ويحاول العدو الزحف من جهة الصحراء وما إن يبدأ الزحف حتى يولي هارباً رغم تعمد الجيش واللجان الشعبية استدراجه وافساح المجال أمامه للدخول سألنا أحد المشرفين الميدانيين عن أسباب التراجع والهروب مع بداية الزحف وقبل أن تبدأ المعركة فأجاب لقد أخذ من الدروس والعبر ما يكفي ولو لم يكن مجبراً على الزحف لما تجرأ على إطلاق رصاصة واحدة فضلا عن مهاجمة مواقعنا.
مجبر من قبل من…؟
مجبر من قبل دول تحالف الغزاة نحن نشاهد من هنا طائرات العدوان تتعمد بين كل فترة وأخرى الضرب بالقرب من المواقع التي يتمركزون فيها خصوصا إذا ما خلد المرتزقة للراحة وتوقفوا عن المهاجمة وفي حال أصروا على التوقف تقوم باستهدافهم مباشرة وحصل ذلك أكثر من مرة وعليه فهم مجبرون على القتال ولا خيار أمامهم إلا المواجهة
مذبحة الثلاثاء وهروب أمين العكيمي
أخبرنا أحد المجاهدين عند زيارتهم في إحدى التباب المطلة على جبهة صابرين أن مذبحة كبيرة حصلت للمرتزقة في سوق الثلاثاء بمنطقة الشعف بعد أن دخلوا إليه من هذه الفرضة التي أمامنا ثم استطرد قائلا بعد أن تلقينا توجيهات بالتخفي وإفساح المجال للحملة التكفيرية للدخول والتوغل غربا في حدود 15 كيلو متر قمنا بإقفال الطريق عليهم وهناك دارت معركة عنيفة لم تشهد لها المنطقة مثيلا استمرت من الرابعة عصرا حتى الثانية عشر مساء ظل العدو خلالها محاصرا بلا مدد أو إسناد وحتى طائرات العدوان في الليلة التاريخية تلك وقف عاجزا لا يستطيع الضرب أو تقديم أي شيء للمرتزقة بسبب الاشتباكات العنيفة والالتحاق المباشر صباح اليوم الثاني صحونا على وقع انتصار عظيم عشرات الجثث متناثرة هنا وهناك وعشرات الآليات تم تدميرها ومثلها غنمها المجاهدون بينها سيارات مدرعة حديثة تعود لقيادات عسكرية مثل سيارة القيادي المرتزق أمين العكيمي التي وجدنا بداخلها أجهزته وتقاريره الميدانية بعد أن هرب وتركها خلفه لا يلوي على شيء
كيف استطاع الهرب والمنطقة محاصرة كما قلت..؟
ابتسم هذه سر مهنته مثل هذا الرجل يصلح أن يكون أكاديمياً في إحدى الجامعات يعلم الأجيال فنون الهروب والانسحابات التكتيكية وهربته الأخيرة لم تكن الأولى ولا الأخيرة فقد تمكن من الهرب من العاصمة صنعاء وترك مرافقيه لنيران الجيش واللجان الشعبية تقطع أجسادهم في منطقة حزيز وتمكن أيضا من الهرب من حرب القطعة واليتمة والجوف وكم يا هربات وزحلطة لهذا المرتزق العميل
أربعة أيام قضيناها مع رجال الله داخل جبهة الجوف الشمالية تجلى لنا خلالها مدى رعاية الله بأوليائه ومدهم بالصبر والثبات والقدرة على المواجهة والتحكم بسير المعركة لنعود بعد ذلك إلى مقر عملنا ولنستعد من جديد لزيارة جبهة أخرى من جبهات العزة والشرف والدفاع عن الوطن الغالي العزيز