رمضان.. جبهة أخرى تخوضها المرأة اليمنية في ظل العدوان والحصار

|| صحافة ||

أمة الرزاق جحاف:
تداعيات العدوان لم تؤثر على أزمة استقبال الشهر لدى الأسرة اليمنية
أمة الملك الشامي:
المرأة اليمنية تجاوزت التحديات بثباتها وقوة إيمانها
منى الحيمي:
رمضان بالنسبة للمرأة فرصة لإحياء بعض التقاليد وغرسها في أبنائها
خديجة الولي:
بلهفة وروحية تستقبل المرأة اليمنية الشهر الفضيل

للسنة السادسة على التوالي يحل علنا شهر الصيام وطائرات العدوان الأمريكي الصهيو سعودي لا تتوقف عن القصف والقتل والتدمير ،ومعاناتها خاصة ومعاناة الشعب اليمني كافة تتفاقم، ومع ذلك هي تستقبل هذا الشهر الكريم بالفرح والترحيب وتسعى بطريقتها لإحياء بعض من العادات والتقاليد والطقوس بما هو متاح لديها، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة جراء العدوان والحصار، ولكنها رغم ذلك تحيي عادة قديمة تعرف باسم(يا نفس ما تشتهي) في آخر يوم من شهر شعبان حيث يدعى الأهل والأصدقاء إلى حضور ذلك اليوم، وتتنافس النساء في إعداد مائدة كبيرة، إذ تحضر كل واحدة منهن طبقا مميزا، وعقب الانتهاء من تناول الطعام يتبادلن الحديث الممتع عن ذكريات رمضان، ومن ثم يتفرغن للتسبيح والتحميد وأداء الأناشيد الدينية وتعطير وتبخير البيت بالروائح الزكية ابتهاجا بقدوم هذا الشهر المبارك، وفي كل منطقة من بلادنا طقوس وعادات مختلفة.
المركز الإعلامي للهيئة النسائية التقى بعضاً من رائدات اليمن من إعلاميات ومثقفات وشخصيات بارزة في الدولة، وبدورهن تحدثن عن تلك الاستعدادات والعادات والتقاليد والطقوس في ظل هذه الظروف الصعبة ..وإليكم الحصيلة:

الثورة /

 

  • بدايةً تحدثت الأستاذة أمة الرزاق جحاف- وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية- عن شهر رمضان قائلة: لشهر رمضان خصوصية كبيرة لدى الأسرة اليمنية بشكل عام و المرأة اليمنية بشكل خاص، فهي ربان السفينة التي مطلوب منها قيادة سفينة الأسرة خلال هذا الشهر الكريم، ليس فقط بتوفير احتياجاته التموينية، ولكن أيضاً بتوفير الجو الروحاني المناسب لتتمكن الأسرة من الاستفادة الكاملة من روحانية هذا الشهر المبارك ،ويقع على عاتق المرأة اليمنية الجزء الأكبر من مهام هذا الشهر الكريم ومسؤولياته خاصة مع ارتفاع الأسعار وفي ظل عدم وجود المرتبات ،المشكلة التي تسبب فيها العدوان وماتزال حتى الآن تساهم في مضاعفة أعباء المرأة في المعركة الاقتصادية التي تخوضها منذ بداية العدوان.

جبهة أخرى

وأوضحت جحاف في حديثها عن كيفية استقبال المرأة اليمنية لشهر رمضان المبارك: كانت المرأة اليمنية قبل العدوان تستعد منذ منتصف شهر شعبان بتوفير احتياجات رمضان لكن استراتيجيتها اختلفت الآن، وأصبح كل همها توفير احتياجات المائدة الرمضانية كل يوم بيومه بكل حكمة وصبر وتدبير، تعينها في ذلك ألطاف الله سبحانه وتعالى وبركاته التي تتجلى بوضوح خلال شهر رمضان المبارك.

جحاف أشادت في حديثها باستقبال المرأة اليمنية لشهر رمضان في ظل العدوان فقالت: رغم العدوان العسكري الذي تسبب في ارتقاء الكثير من شباب الأسر اليمنية إلى المقام الشريف للشهداء من ميادين الكرامة والعزة والشرف، وما ترتب على ذلك من حزن غيمت سحابته على أجواء الأسرة اليمنية وكذلك الحصار الجائر الذي جعل حياة الأسرة اليمنية بالغة الصعوبة، لكن هذا لم يؤثر على فرحة استقبال الأسرة اليمنية شهر رمضان لأنه الشهر الذي يلتمسون فيه الدواء لأرواحهم الحزينة والبلسم الذي يتزودون منه بالصبر الذي يعينهم على مواجهة العدوان ويستمدون من روحانيته الإيمان الذي يعمِّق ارتباطهم بالله، لذلك نشاهد أن أعمال الخير تزداد في هذا الشهر الكريم، فنشاهد المرأة اليمنية عندما تعد وجبة العشاء تعمل حسابها وتزيد الكمية التي يحتاجها أفراد أسرتها لترسل الكمية الزائدة إلى الأسر الفقيرة في حارتها كنوع من التكافل والتراحم الاجتماعي، وكذلك تبادل الأطباق بين الجيران وتبادل المواد الغذائية وتوزيع جزء منها على الفقراء، وتفقد أسر الشهداء والمرابطين وغيرها من أعمال الخير التي تجعل كل أيام الشهر الكريم عيداً ينتظره الفقراء ويحتفلون به، حيث ترق النفوس وتمتلئ بحب الخير والمبادرة إلى الطاعات.

الإسراف والتبذير

كما أشارت جحاف إلى بعض إيجابيات الصمود ضد العدوان فقالت: لعل من إيجابيات الصمود العدوان من وجهة نظري اختفاء ظاهرة الإسراف والتبذير الذي كانت تعاني منه الأسرة اليمنية كثقافة وفدت إليها سابقاً من دول الجوار وقلة مشاهدات القنوات الفضائية ومسلسلاتها بما فيها من سموم أخلاقية والتي كانوا يستهدفون بها شبابنا وشاباتنا كغيرهم من شباب الأمة العربية كغزو فكري يكون أقوى ما يكون في هذا الشهر الكريم، لكن شبابنا وشاباتنا انصرفوا عنها وتوجهوا إلى الثقافة القرآنية، فأخذوا يغتنمون ليالي رمضان للاستفادة منها فيما ينفعهم.

وفي سياق متصل تحدثت الأستاذة أمة الملك الشامي- المنسقة الميدانية لمنطقة التحرير- عن شهر رمصان المبارك قائلة: شهر رمضان يعد محطة تربوية لتزكية وتطهير النفس مما علق بها، وذلك بالعودة إلي الله وبناء علاقة إيمانيه قوية به سبحانه وتعالى.

وواصلت الشامي حديثها: شهر رمضان يختص بروحانية كبيرة، ففيه نقيم البرنامج الرمضاني الذي يجمعنا في جو روحاني ، نستشعر فيه القرب من الله، ومما يميز شهر رمضان حملات التكافل والتراحم والعطاء والإحسان بعضنا على بعض فكل منا يجود بالموجود ولا يبخل.

كما أشادت الشامي بصمود المرأة اليمنية فقالت: المرأة اليمنية تجاوزت كل الصعوبات والتحديات بثباتها، وقوة إيمانها وصبرها وصمودها وبذلها وعطائها، ومشاركتها في دعم الجبهات، ورفدها بالمجاهدين وذلك من خلال دفعها لزوجها وأبنائها إلى جبهات العزة والكرامة، بشموخ وإباء ،وثقة بالله وبصدق وعده.

واختتمت الشامي حديثها: أقول لسيدي ومولاي السيد المجاهد عبد الملك بن بدرالدين الحوثي- سلام الله عليه-ثق يا سيدي أننا على العهد باقون وعلى طريق الجهاد ماضون، ولن يجدنا أعداؤنا إلا حيث يكرهون، وهيهات منا الذلة.

نظافة البيت ومؤونة المطبخ

  • من جانبها تحدثت الأستاذة منى الحيمي- المسؤولة الثقافية في مديرية التحرير- عن عادات وطقوس المرأة اليمنية لاستقبال الشهر الكريم فقالت:

لكل مرأة يمنية طقوس وعادات وترتيبات لاستقبال هذا الشهر العظيم ، شهر القرآن ، شهر العبادة، وتتجلى في عدة مظاهر منها في المقام الأول حسب اعتقادي تنظيف كل أروقة وزوايا وأماكن البيت، والتأكد من طهارتها كما يجب وبدقة عالية استعدادا لاستقبال هذا الشهر العظيم، لكي تتجلى فيه روح العبادة، وتسود الروحانية الربانية في الصلاة والصيام والقيام وسائر الأعمال العبادية، كذلك طهارة الثياب والسجاد الخاص بالصلوات، ومن المظاهر أيضا الاستعداد المسبق من شراء وتنقية وطحن أنواع خاصة من أنواع الحبوب مثل الذرة والشام (الرومي) لإعداد اللحوح، الذي لا تخلو مائدة من موائد رمضان منه، خاصة (صحن الشفوت)،كذلك الاهتمام بتوفير كل متطلبات الإفطار والعشاء من التمور والمشروبات الباردة مثل (القديد)وهو المشمش المجفف وقمر الدين والزبيب والشعير وغيرها ، مما لا يتسنى لي المقام لذكرها جميعا.

وأوضحت الحيمي في حديثها عن كيف تجاوزت المرأة اليمنية كل الصعوبات والتحديات قائلة: في ظل هذا العدوان السعو أمريكي وتبعياته من حصار خانق، وغلاء في المعيشة، وبالتحديد لقمة العيش، صمدت المرأة اليمنية وسطَّرت أروع البطولات والملاحم مثلها مثل الرجل في الصبر والصمود وتحمل المشاق والمشاركة الفاعلة في تحمل أعباء المنزل والفاقة والحرمان بسبب هذا العدوان، وقفت بكل صبر وصمت واحتساب الأجر عند الله، لتثبت وجودها وحقيقة صمودها ،وأنها لم تضعف ولن تستسلم لأولئك المجرمين المستكبرين ، فاستطاعت بذلك أن تبهر العدو وتثبت له أنها من حفيدات سيدة نساء العالمين ، فطحنت حتى تفطرت ومجلت يدها، وعجنت وخبزت بيديها، وحملت الماء من مسافات بعيدة، وجمعت الحطب، ولم تفتر ولم تعجز ولم تحتج لأحد..

فمن أبرز ما ميزها في هذه المرحلة الاستثنائية الصعبة هو صدق العطاء المنقطع النظير المتمثل في الإنفاق في سبيل الله، وتفقد الجيران والمستضعفين، فكانت هي الأولى والأكثر بذلا كلما دعت الحاجة، ودُعي للإنفاق ، وهذا هو أكثر ما يميزها، إلى جانب ثقتها بعطاء الله وكرمه، وبتحقق وعده من النصر والتمكين، وها نحن نعيش هذا النصر وهذا التمكين بفضل الله وعونه وصدق وعوده لعباده الصابرين، قال تعالى: (وبشر الصابرين) فلله الحمد والمنة في الأولى وفي الأخرى.

أمهات الشهداء والأسرى

  • وكان للحيمي كلمة أخيرة قالت فيها: أقول لكل نساء اليمن العظيمات، لكل اللواتي أبهرنني بصبرهن وصمودهن ، كم أنتن عظيمات، خاصة أمهات الشهداء العظيمات اللاتي لا تنسى إحداهن مكان ولدها على مائدة الإفطار بالذات في شهر رمضان المبارك، فتتذكر ما كان يحب من الطعام الذي تعده بيديها، ولا أنسى أمهات الأسرى والمفقودين ،وكذلك أمهات االمجاهدين الأبطال المرابطين في الجبهات، كم أنتن عظيمات ومبهرات ، عجزت حروفي وكلماتي عن وصف ما أكنه لهن من إعجاب واحترام ولا يسعني إلا الانحناء لأقبل رؤسهن الشامخات بشموخ ما قدمنّ في صرح هذه المسيرة، وأمام هذا الصبر وهذا العطاء، وأسأل الله العظيم أن يدخل علينا هذا الشهر العظيم ونحن في نصر وتمكين وفتح قريب، ليسعد به قلب كل يمني، ويشفي صدور قوم ٍمؤمنين، وأسأل الله أن يعيده علينا وبلادنا حرة أبيه عزيزة بعزة الله وسائر بلاد المسلمين والعالم أجمعين.

تدبير واقتصاد

  • وفي نفس السياق تحدثت الأستاذة خديجة الولي عن استقبال المرأة اليمنية شهر رمضان المبارك بالقول:

تستقبل المرأة اليمنية شهر رمضان بكل شوق ولهفة وروحية إيمانية عالية، فتبدأ بالتجهيزات المختلفة لاستقباله، نجد المرأة في كل بيت تجهد نفسها في تنظيف المنزل وتجهيز المستلزمات اللازمة قبل دخول شهر رمضان كي تتفرغ للصيام والقيام، ومما تقوم به المرأة اليمنية لاستقبال هذا الشهر الكريم هو الاهتمام بمصاريف رمضان التي تختلف عن بقية الشهور لمعرفتها بأهمية تعويض الجسم بما يفقده من السكريات والسوائل، ومن ذلك (القديد) وهو المشمش المجفف طبيعيا تعمل منه الشراب حال الفطور، وكذلك تقوم بتنقية حبوب الذرة وطحنها وتجهيزها لعمل اللحوح، وأيضا تنقية حبوب البر البلدي وجرشه لعمل الشوربة الأكلة اليومية لشهر رمضان، كما تهتم بتوفير السمن البلدي الذي تستخدمه المرأة في أكلات متعددة خاصة في وجبة السحور، وتعمل على تجهيز الحلبة اليمنية المشهورة لعمل الحامضة وهي من ضروريات مائدة رمضان أيضا من إجراءات الاحتفاء باستقبال شهر رمضان عند المرأة اليمنية أن تتعدد التجمعات والعزومات قبل دخول شهر رمضان بأيام في ما يسمى بيوم (يا نفس ما تشتهي) وهو يوم تتفنن فيه المرأة اليمنية بصنع أنواع الأطعمة وأشهاها، ففي هذا اليوم تتفق مجموعة من الصديقات أو الأقارب بإحضار أنواع الأطعمة من كل الحاضرات ويجتمعن في بيت إحداهن على مائدة كبيرة متنوعة من الأكلات والمشروبات المختلفة.

وواصلت الولي حديثها: خلال خمس سنوات مضت من العدوان والحصار وجدنا المرأة اليمنية تستقبل شهر رمضان بنفس الروحية الإيمانية العالية بل اكثر إيمانا وأقوى عزيمة، فهي كما اعتادت في الترحيب بشهر الرحمة والغفران، تجهز لأفراد أسرتها ما يحتاجونه من ضروريات الإفطار بالقدرات المالية الممكنة، فالمرأة اليمنية أثبتت للعالم أنها الشريان الذي يمد المجتمع بالحياة من خلال وقوفها أمام التحديات في مختلف المجالات، فعلى مستوى الحالة المادية وجراء انقطاع الرواتب اتجهت المرأة اليمنية إلى تصنيع المواد الغذائية والمعجنات والعصائر وكذلك أنواع العطور وأنواع البخور والجلديات والمنظفات ومنتجات متنوعة استطاعت من خلالها أن تنهض بمستوى أسرتها المادي والمعنوي واستطاعت أن تسد القصور في الجانب المادي الذي فرضه العدوان والحصار على مدى خمس سنوات من العدوان، وهكذا نجد المرأة اليمنية تدير عجلة الحياة لتستمر الحياة كما كانت، بل وأرقى مما كانت.

في الأخير نجد أن المرأة وهي تهتم باستقبال شهر رمضان تتهيأ روحيا وإيمانيا وتنشدّ إلى القرآن الكريم تلاوة وتزودا وتدبرا وهي ترجو من الله الرحمة والمغفرة والعتق من النار؛ فيما تسعى باستمرار لكسر الحصار الجائر عبر الأعمال والأشغال التي تعملها وهذه من النقلات الهامة في ظل ما كان يخطط له تحالف العدوان فوجد نفسه أمام متارس يمانية لا تنحني ولا تنكسر أمام العواصف والمؤامرات الخارجية.

تفقد المساكين والمحتاجين

  • من جانبها تحدثت الأستاذة أم هاشم عن كيفية استقبال المرأة اليمنية شهر رمضان المبارك فقالت: رمضان شهر الرحمة والإخلاص والتوبة ،والتقوى، فالله جعل شهر رمضان نعمة عظيمة للاستقامة، والحرص على أن نتصدق ونتوب من ذنوب طوال السنة، والرجوع إلى الله، وكثرة الصلاة لأجرها الكبير في هذا الشهر المبارك، وعلينا ترك التكبر والغرور، وعلينا تفقد الفقراء والمساكين بإطعامهم وكسوتهم وعلاجهم خاصة ونحن نمر بظروف صعبة جراء العدوان والحصار الجائر على بلادنا، ففي ظل العدوان الغاشم حرصت المرأة اليمنية على استقبال الشهر الكريم بالاستعداد النفسي أولاً من المسامحة بين الأهل والجيران على النحو الذي يحبه الله تعالى، ثم تحرص على تجهيز البيت ومستلزماته، كي يكون رمضان مهيأً للعبادة وقراءة القرآن الكريم، أيضاً تحرص المرأة اليمنية المجاهدة على أن تكون جاهزة لتحضير إفطار المجاهدين، وعمل كل ما يحتاجه أبطال الجيش واللجان الشعبية من خبز وكعك وغيره.

واختتمت أم هاشم حديثها: أوصي كل مرأة يمنية بالعودة إلى الله ، خاصة في هذا الموسم موسم الخير والتوبة، وعليها عدم التقصير في هذه الأيام العظيمة ،والحرص على التزود بالتقوى في هذا الشهر العظيم، لأنه محطة تربوية لإخضاع النفس وترويضها لله، وأسأل الله النصر، والرحمة للشهداء، والفرج العاجل للأسرى ، والشفاء للجرحى.

* إعداد/ المركز الإعلامي للهيئة النسائية بالأمانة.

قد يعجبك ايضا