” الخسران المبين وكيف ننجو منه” من وحي الدرس الرمضاني العاشر
( الخسران المبين وكيف ننجو منه)
من وحي الدرس الرمضاني العاشر
” مقالات ” منير إسماعيل الشامي
خسارة الانسان خسارة حتمية خسارة مؤكدة وخسارته في الدنيا مهما تعاظمت ومهما كانت حتى لو خسر وفقد كل نعيمها ومتاعها فهو لا يساوي شيئا من خسارته للجنة ونعيمها ولا يقتصر الخسران للجنة ونعيمها فحسب بل إن الخسران الأكبر والاعظم والافدح هو الخلود في نار جهنم الخلود في العذاب والشقاء وفي التعب والنكد وفي الوصب والنصب .
وخسارة الإنسان هي الأساس بدليل قوله تبارك وتعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر ) ففي هذا القسم الإلهي دلالة على أن أكثر الناس في تلك الخسارة ولا نجاة لهم من هذه الخسارة الحتمية ولا هروب منها إلا بطريق واحد لا ثاني له هو طريق الإيمان الكامل الإيمان الذي لا يتجزأ والإيمان بطبيعته هو كل لا يتجزأ ولا يقبل التجزئة،فلا يكون كاملا باختيار بعضه وترك البعض الآخر وهو الايمان الذي يمثل ذلك الطريق الوحيد لتجنب الخسران المبين والذي ورد فيه الاستثناء بقوله تعالى (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وهذا الاستثناء هو استثناء حصري يؤكد احادية الطريق المتاح للإنسان لتجنب تلك الخسارة الحتمية والرهيبة، وفي هذا الاستثناء الحصري تأكيد على أن القلة من الناس هم الذين سيجنبوا انفسهم هذه الخسارة، وكذلك فاﻵية ترشد إلى أمر مهم وجوهري وهو أن الإنسان لا يمكنه تجنب هذه الخسارة بالإيمان القولي والاعتقادي فقط بل بالإقرار والعمل، بالتصديق المطلق الذي لا يشوبه شك والتحرك العملي على الواقع لصنع المواقف الحقيقية التي أمر الله بها وحث عليها ورغب فيها وحذر من تركها كالجهاد لإعلاء كلمة الله والانفاق في سبيل الله ومقاومة الظالمين …إلخ والانطلاق بجدية وبذل الجهد والتضحية لبلوغها وتحقيقها.
ومن مظاهر رحمة الله الجلية بعباده أن الله قدم لهم عروضا مغرية قوية وكثيرة تعرض أمامهم كفرص ثمينة ربما لا تتكرر أمامهم طوال اعمارهم مرة أخرى ووضح الكثير من هذه العروض. ومن يغتنم هذه العروض يحظى بالفوز والفلاح ويتجنب الخسارة الكبرى التي لا تعوض ولا تستعاض ومن أمثلة ذلك قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا هل ألم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم …) إلخ الآية. فهذه هي التجارة المضاعفة الربح والتي لا خسارة فيها ابدا بل ربح في الدنيا وربح في اﻵخرة.
فالإيمان والعمل الصالح الذي يشمل إتيان كل ما أمر الله به وتجنب كل ما نهى عنه دون استثناء لأي أمر أو نهي يمثلان الإيمان الكامل، والعمل الصالح هو العمل الذي توفرت فيه ثلاثة شروط وهي إتقان العمل ومطابقته لما أمر الله به أمرا أو نهيا ونبل غايته وواقعية منفعته وعظمتها.
وبالتالي فإن إتقان العمل الصالح شرط جوهري لقبوله من الله وهو ما يجب أن يدركه ويعلمه كل مسلم وهذا يعني ويؤكد أن ثقافة الإتقان للعمل الصالح يجب أن تكون ثقافة عامة،ومنتشرة في المجتمع ومفعلة بين أفراده في كل اعمالهم الدينية والدنيوية (في وظائفهم ومهنهم) وهو ما يحبه الله تعالى بدليل الحديث النبوي الشريف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)
وبمعنى آخر فإن غياب ثقافة الإتقان في المجتمع ينتج عنه انتشار العشوائية والأخطاء في كل مناحي الحياة ومجالاتها والتدقيق في أداء الأعمال سواء أن كانت أعمال عبادة أو اعمال مجتمعية أوتعاملات بين افراد المجتمع أو معاملات رسمية شرط أساسي لتجنب العشوائية ووسيلة مؤكدة لتجنب الأخطاء وبالتالي تكون أعمال صالحة مقبولة من الله ويؤجر العبد على فعلها أيا كان نوعها طالما فيها خير ومنفعة للناس وليست مما نهى الله عنه .