الجنوب وفيه الغزاة والأوبئة
موقع أنصار الله || مقالات || أنس القاضي
الوضع الصحي هو الملف المتقدم الأبرز في الجنوب اليمني، وبشكل خاص في مدينة عدن المحتلة، حيث توفي العشرات من المواطنين، ومنهم شخصيتان رفيعتان في الجهاز القضائي ومجلس الوزراء العميل، والسبب في ذلك يعود لأمرين: الأول هو وباء كورونا المتفشي، والثاني الأمراض الفيروسية الحُمية المختلفة المترافقة مع تحول كامل محافظة عدن وأحيائها الشعبية إلى مستنقعات حاضنة للبعوض جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها الأيام الماضية في ظل انعدام أي إمكانيات واستعدادات صحية لمواجهة الوباء وتخوف الأطباء من التعامل مع حالات كورونا لعدم تلقيهم تدريبات مناسبة.
ووفق إعلانات الحكومة العميلة ومكاتب الصحة التابعة لها وصلت حالات كورونا -حتى يوم الجمعة الماضي- إلى 25 حالة إصابة، ومن المرجح أن الرقم أكثر كما تحدث المرتزق الجبواني، وزير النقل في الحكومة العميلة، الذي اتهم التحالف بالاستمرار في إدخال الوباء إلى اليمن، فيما وسائل التواصل الاجتماعية تتحدث عن عشرات الضحايا يومياً بفيروس كورونا.
هدنة ناسفة
ملف عمليات الاغتيالات والعبوات الناسفة والمواجهات العسكرية في المحافظات الجنوبية المختلفة شهد الأسبوع الماضي هدوءً نسبياُ عما كانت عليه سابقاً، إلا أنه لا يعكس وجود توافقات بين هذه القوى المتقاتلة، بل هي فترة استراحة محارب وافتقار وضوح الرؤية لهذه الأطراف وعدم امتلاكها لقرار المواجهة الحاسمة.
شهد عدد من مديريات عدن مظاهرات واحتجاجات غاضبة استمرت لعدة أيام تنديداً بتدهور الخدمات في المحافظة، رفضوا فيها كل دول التحالف والانتقالي، وقالوا: يا أنصار الله، يا عبد الملك الحوثي، يا أهل صنعاء، أهلاً بكم في عدن. وبرز في هذه التظاهرات ترديد شعار الصرخة من قبل مجموعة لها فيديوهات سابقة. والجوهري في هذه الحادثة التي تتكرر وتتنامى بشكل مطرد، هو إشارتها إلى أن أنصار الله أصبحوا خياراً لبعض الشارع العدني في جنوب اليمن، وإن كان هناك تخوف من التعبير عن هذه القناعات الجديدة.
دم الأخوين!
ما زالت عمليات الاستقطابات مستمرة في جزيرة سقطرى والتي عاودت النشاط من بعد انهيار اتفاق الرياض بين “الانتقالي” وحكومة هادي، العميلين، حيث تقوم كل من السعودية والإمارات والانتقالي وحكومة هادي العميلة بتحريك أوراقها وفواعلها الاجتماعية العسكرية الإدارية في الجزيرة وتتسابق للاستيلاء على المؤسسات الحكومية والنقاط الأمنية والمعسكرات في الأرخبيل، في لعبة هزلية لتكررها من انقلاب وانقلاب مضاد، وكانت السعودية قد حاولت أن تلعب دور الوسيط بين مليشيات الحكومة العميلة ومليشيات المجلس الانتقالي العميل لوقف الاقتتال بينهما الذي يتقد كل حين؛ إلا أنها فشلت، والاتفاقية في عمومها تخدم المطامح السعودية. والقوتان في الجزيرة فيهما قدر من التوازن لا يُحسم بشكل نهائي لصالح طرف معين.
وكان أحمد بلحاف، مسؤول التواصل الخارجي لاعتصام المهرة، علق على الاتفاق بقوله إن “الاتفاق الذي رعته السعودية في سقطرى لا يخدم غير أهدافها التوسعية وضرب السلطات الشرعية”. وأضاف: “سقطرى لم تعرف الفوضى إلا بعد دخول قوات الاحتلال السعودية وأجهزة المخابرات الإماراتية التي فرّخت المليشيات، وقامت بعمليات استقطاب وشراء الولاءات”. وأوضح أن الاتفاق وضع محافظة سقطرى تحت الإدارة السعودية، ومنعت ما يسمى الجيش والأمن من الخروج، مضيفاً أنه تم المساواة بين السلطة والمليشيات. وأشار بلحاف إلى أن هناك تبادلا للأدوار بين السعودية والإمارات، مشدداً على أن أبناء سقطرى لن يقبلوا هذا الاتفاق.
يحتفظ الحراك الوطني في سقطرى بمفاهيم “الشرعية” في مواجهة التدخلات الأجنبية السعودية الإماراتية، وفي مواجهة المليشيات التابعة لعلي محسن والانتقالي وغيرهم، بل إنه يدخل في صدام وتصريحات مضادة للحكومة العميلة، لأنها تعمل في التضاد لمسماها “الحكومة اليمنية”.
صراع المرتزقة
وكان ما يُسمى المجلس الانتقالي الجنوبي القاصر ذاتياً عن فرض خياراته في حكم الجنوب قد تراجع عن بيان الإدارة الذاتية على لسان نزار هيثم، المتحدث باسم المجلس، وقد تراجعت طموحات الانتقالي من الإدارة الذاتية الخاصة للجنوب إلى المطالبة من السعودية أن تفرض على الحكومة العميلة بأن تنفذ الاتفاق مع الانتقالي، وبألا تتجاوز بعض النقاط السياسية والاقتصادية الذي يتم تجاوزها بما يضر في حصة الانتقالي. جاء ذلك بعد يوم من تصريح مســـؤول الدائــــرة الإعلاميــــــة بالانتقالي بألا تراجع عن القرار!
وقبل هذه الخطوة أحال ، وذلك للتحقيق معهم ومساءلتهم عن عدم قيامهم بتأدية مهامهم، وإخلالهم بواجباتهم في حماية أراضي وعقارات الدولة والمتنفسات العامة، واستغلالهم للوظيفة العامة التي يشغلونها. وهذه الخطوة أشبه ما تكون بإشارة من الانتقالي بأنه يُريد أن تكون هذه المواقع الرسمية ضمن حصته من التقاسم. وأما من كان قد أحالهم إلى النيابة فهم المسؤولون في مصلحة الأراضي وعقارات الدولة وهيئة المنطقة الحرة ومكتب الأوقاف في عدن.. تأتي تصريحات هاني بن بريك حول إنشاء قاعدة سعودية عسكرية في الجنوب لتشير إلى سعي أمريكا لبناء قواعد عسكرية في الجنوب؛ كون السعودية مجرد واجهة فقط. وما زالت التوترات السياسيـــة قائمـة بــــــين الطرفيـــــــن وتبـــــــدو مــــــن تصريحاتهما.
فقد قال نائب رئيس الوزراء في الحكومة العميلة وزير الداخلية، العميل أحمد الميسري، إن السعودية طلبت قبل رمضان من العميل عبد ربه منصور هادي تأجيل دخول القوات الحكومية إلى عدن من شقرة في محافظة أبين. واعتبر الميسري في تصريحات لـ”الجزيرة” أن سكوت السعودية عما يحدث في سقطرى وعدن من قبل ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيا “تواطؤاً”.
وأردف قائلا: “إن الإماراتيين شقوا النسيج الاجتماعي في سقطرى وأوصلوه إلى حالة الاقتتال”، معتبرا أن التحالف اشترى مجموعة من الضباط في سقطرى بأموال الإمارات واستولوا على لوائها العسكري.