قصف 211 سوقاً شعبياً آخرها سوق الخميس في مستبا حجة
_ الأسواق الشعبية..أهداف مستمرة للعدوان الغاشم
_ سياسة ممنهجة لاستهداف المدنيين على أوسع نطاق
_ توقيت القصف يتم في أوقات تسوق المواطنين.. مما يتسبب بمجازر دامية
_ بشاعة العدوان تتجلى في أوضح صورها في استهداف الأسواق والباعة المدنيين
تحقيق/أحمد السعيدي
يمر عام على بداية العدوان السعودي تعمدت فيه طائرات العدوان قصف الأسواق الشعبية، حيث وصل عدد الاسواق المستهدفة جوّاً إلى 211 سوقاً، ما أدى إلى مجازر على امتداد المحافظات اليمنية. وإلى جانب قتل الباعة والمتسوقين وشلّ الحركة الاقتصادية، يصبح ضرورياً السؤال عن سبب التركيز على الأسواق التي كان آخرها سوق الخميس في مديرية مستبا محافظة حجة الذي قصفته طائرات التحالف أخيراً بغارتين وحشية..
ورغم اندثارها في عدد من المحافظات، ظلّت الأسواق الشعبية الأسبوعية في محافظات صعدة، حجة، الحديدة وعمران، الوجهة الأولى للباعة والمستهلكين. وتحكم هذه الأسواق في اليمن أعراف تحرّم العنف في الأسواق للحفاظ على حياة المتسوقين، إلا أن العدوان حوَّل تلك المساحات إلى ركام فوق أجساد اليمنيين.
وتعددت أنواع الأسواق المستهدفة، وتوزعت بين أسواق عامة وشعبية يومية وأسبوعية، وأخرى زراعية تجميعية مركزية وريفية. وبحسب التصنيف الأوّلي، احتلت أسواق محافظة صعدة المرتبة الأولى من إجمالي الأسواق المستهدفة، تليها أسواق محافظة حجة ثم الجوف وعمران والحديدة ومأرب وشبوة والبيضاء وصنعاء ولحج. أما محافظة عدن، فنالت أسواقها الحديثة حصة الأسد من الغارات الجوية (الثورة ) ترصد آثار هذه الحملة العدوانية على الاسواق الشعبية..نتابع:
أكد رئيس المركز القانوني للحقوق والتنمية، المحامي طه حسين أبو طالب، تصاعد استهداف طائرات العدوان للأسواق العامة والتجارية إلى أعلى المستويات. وأوضح أن المركز القانوني رصد حتى الآن استهداف أكثر من 211 سوقا في عموم المحافظات منذ بداية العدوان, مشيراً إلى أن العمليات التي نُفذت بحق الأسواق كانت تجري في أوقات الازدحام، ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين من المتسوقين والباعة وأصحاب المحلات. وحول دافع العدوان خلف ضرب هذا العدد من الأسواق، أكد أبو طالب أن المركز القانوني لم يجد أي تفسير منطقي لاستهدافها، ولا سيما أنها بعيدة عن أي أهداف عسكرية، ما يمكن وضعه في خانة الرغبة بقتل أكبر عدد ممكن من الناس وترويع الآخرين والضغط على بعض الأطرف، فضلاً عن تدمير كل مقومات الحياة في البلد لشلّ النشاط الاقتصادي بصورة تامة وإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر الاقتصادية.
شهداء وجرحى
ضمن حملة التحالف الهمجية لاستهداف الأسواق الشعبية وقتل عشرات البسطاء فيها , ارتكب العدوان مؤخراُ أبشع جرائمه وأكثرها حقداً ووحشية عندما استهدفت طائراته سوق ” خلقه ” مديرية نهم بمحافظة صنعاء واستشهاد ما يقارب أربعين مواطن اًوجرح عدد اكبر وقد أدانت الأمم المتحدة هذا الاستهداف ودعت للتحقيق العاجل في ملابساته.
من بين الشهداء الذين سقطوا في هذه المجزرة برزت قصة الشهيد الحاج / محسن البرعي والتي يرويها نجله العريس مجاهد والذي قال : ” اقترب موعد زفافي ومع اقترابه زادت حاجتنا لمبلغ معين من المال لاستكمال مستلزمات اليوم المحدد للزفاف فقرر والدي الحاج محسن ولكي لا يعايرنا احد او نحتاج لأي بشر بيع خمس رؤوس من الابل لتوفير المبلغ الناقص رغم انه يحب الإبل حباً جما ولم يتخيل انه سيفرط فيهن مطلقاً فخرج ذلك اليوم المشؤوم في الصباح الباكر الى سوق ” خلقه ” لعرض بضاعته لمن أراد الشراء وفجأة وعلى غير موعد زارت السوق غارات طائرات العدوان المعتوه ليجعل من السوق مجزرة ومحرقة بكل ما فيه فلا عاد أبي الشيخ المسن ولا ابله الخمس ولا حتى المبلغ المالي وما جاء إلا خبر استشهاده الذي جعلني أرى الدنيا بلا قيمة ولم اعد ارغب فيها إلا مشاهدة أبي على قيد الحياة .
ومن محافظة صعدة تحدث المواطن صلاح المرفعي من أبناء مديرية وصاب السافل محافظة ذمار عن استهداف العدوان لسوق المهاذر في مديرية مران والذي ذهب ضحية تلك الهمجية عدد من الباعة والمواطنين بما فيهم ثلاثة من أسرته دفعة واحدة يقول صلاح متذكرا الكارثة: ” منذ أكثر من خمس سنوات وأنا أعمل في هذا السوق أنا وأبي واثنان من أشقائي ولنا مكان مخصص فيه نبيع ” الطماط ” والجميع حول السوق يعرفنا ويعرف بضاعتنا جيداً وفي الفترة الأخيرة انتقلت ببضاعتي المستقلة إلى البوابة الشرقية للسوق لنحاول تطوير أنفسنا لتأتي طائرات العدوان السعودي الهمجي لتقضي على كل شي جميل في حياتي عندما استهدفت وسط السوق تماماً ليستشهد أبي وأشقائي الاثنين وعدد من المواطنين وأصبت أنا بجروح بليغة لأظل حياً شاهداً على حقد العدوان ووحشيته في استهداف الأبرياء من أبناء اليمن.
وتابع: لكني اليوم استعدت عافيتي واقف صفاً واحداً في صفوف المجاهدين للدفاع عن هذا الوطن والانتقام من القتلة وسفكة الدماء وجميع مرتزقتهم في عموم الوطن.
ومن محافظة تعز خسرت عائلة الأخ ن.ش.و ابنها البكر وعائلها الوحيد في استهداف العدوان لسوق القبيطة لتمتهن الأسرة التسول من مدينة الى مدينة ومن قرية إلى أخرى وقد كان ذلك الشاب الشهيد يجني رزقاً واسعاً من كافتيريا للعصائر الطازجة وسط السوق وورثها من أبيه بعد موته لتعيش أسرته من بعده وضعاً إنسانيا صعباً فتراهم يتنقلون من مسجد إلى آخر يتسولون ويسألون الناس رغيف الخبز الذي يملأ بطونهم أو مسكن صغير يأويهم من برد الشتاء وطوارق الليل لتظل معاناتهم مستمرة بلا حل.
قطع أرزاق
ومن نجا ببدنه اليوم من غارات العدوان على الأسواق الشعبية في عموم محافظات الجمهورية فقد عمله ومصدر رزقه لتبدأ رحلة معاناة جديدة للبحث عن عمل آخر.
إبراهيم الشرماني – مسئول التحصيل في سوقعاهم محافظة حجة, الذي استهدفته طائرات العدوان بثلاث غارات دمرت كل ما فيه تحدث بالقول :
كان يضم هذا السوق أكثر من 400 مواطن كادح صاحب مشروع صغير يتوزعون بين محلات وصناديق حديدية وبسطات على الأرض هذا قبل استهداف العدوان للسوق دون أي مبرر يذكر فلم يكن هناك أي موقع عسكري مجاور أو شاحنات أسلحه أو غيرها .
وأضاف الشرماني : “هذا الرقم هو للباعة الثابتين والرسميين في السوق وهناك عدد آخر لا بأس به للباعة المتجولين الذين يتواجدون في السوق ويتغيرون ولعل هذا العدد من العاطلين ممن فقدوا اعمالهم سيضاعف نسبة البطالة في بلادنا وهذا من أهداف العدوان الرئيسية لقتل العب الشعب اليمني .
أما منتصر عبدالجبار – مواطن, فهو نموذج لعشرات الاسر التي فقدت أعمالها ورأس مالها بسبب استهداف الأسواق الشعبية في اليمن وهنا يقول : ” تركت بضاعتي في ذلك اليوم في السوق وعدت إلى البيت لتناول طعام الغداء ثم العودة لمزاولة عملي الذي يعتبر مصدر رزقي الوحيد ولم اكن اعلم ان بضاعتي التي كلفتني أكثر من مليون ريال يمني ستكون هدفاً لطائرات العدوان البربري البغيض التي استهدفت السوق وقتلت من قتلت فيه , واليوم أنا أتنقل من مكان إلى آخر باحثاً عن أي عمل أعول به أسرتي المكونة من 9 أفراد ولا يعولها أحد .
ويضيف :وليس هذا حالي انا فقط بل كثير من زملائي الذين نجوا من استهداف العدوان للسوق ويعانون المأساة ذاتها وليس لدينا جميعاً الا الله لينتقم لنا من آل سعود الظلمة القتلة .
معاناة المواطنين
وليد عبدربه الوائلي يقول في هذا السياق: ” استهداف العدوان الهمجي الحاقد للأسواق الشعبية في اليمن يلقي بضلاله على عامة المواطنين أيضا وليس الباعة وأصحاب الأسواق فحسب فغياب الأسواق الشعبية وانعدامها تزعج المواطنين وتجعلهم يعانون صعوبة في البحث عن احتياجاتهم الضرورية واليومية ليبذلون جهداً اكبر ويقطعون مسافات أطول لشراء احتياجاتهم المتعددة وقد يجدون صعوبة في انعدامها لذلك كانت وما زالت الأسواق الشعبية في اليمن ضرورة لتوفير الجهد والمال الذي يبذله المواطن في بلادنا “.
وتابع الوائلي : “ليس هذا فحسب بل ارتفاع أسعار بعض السلع وبمقدار الضعف أحيانا ففي الأسواق تجدها بأسعار منخفضة وبجودة متنوعة أما في المحلات التجارية فهي بأسعار مرتفعة.
تبعات مزعجة
ومن أمانة العاصمة يقول محمد مبخوت : ” استهداف الأسواق الشعبية بأي شكل من الأشكال سواء بنيران الحروب أو إغلاقها والحجر عليها يتسبب عموما في نزوح عدد كبير من الباعة لينتشرون في الطرق العامة ويفترشون الأرصفة وينتج عن ذلك آثار مزعجة تعاني أمانة العاصمة منها ومن أثارها العشوائية التي تسببب الازدحامات والاختناقات المرورية وتزايد حالات الاعتداءات والمشكلات كما يوثر ذلك أيضا على البيئة ونظافة الطرق التي تمتلئ بمخلفات البضائع ومخلفات البيع والشراء “.
المحافظات الحدودية ونصيب الأسد
وختم الناشط الحقوقي مازن سلامة عن المحافظات الأكثر تضرراً بقوله: “تعد المحافظات الحدودية الأكثر تعرضاً لاستهداف أسواقها الشعبية ومحافظة صعده في المرتبة الأولى ففي الفترة الماضية، استهدفت الطائرات عدداً من أسواق محافظة صعدة، ما أدى إلى جرائم ضد المدنيين وتسبب ذلك بخسائر مادية كبيرة.
وأضاف :وبعد أيام عدة من ارتكاب طائرات العدوان جريمة إبادة جماعية بحق 90 مدنياً خلال استهدافها سوق آل مقنع الشعبي في مديرية منبه، استهدفت سوق شعارة في مديرية رازح الذي يعد ثاني أكبر أسواق في محافظة صعدة بسلسلة غارات. وتعرض سوق الاثنين في منطقة الشعف في ساقين وسوق مران الشعبي في مران في صعدة للدمار، كما قُصف سوق المهاذر وسوق مديرية حيدان بالقنابل العنقودية.
ومضى يقول : أغارت طائرات العدوان على سوق يسنم في مديرية باقم، واستهدفت سوق العند وسوق الخفجي وسوق الخميس في ساقين أيضاً وسوق منطقة بني بحر، بالإضافة إلى الأسواق الحديثة المقامة داخل مدينة صعدة، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا.
أسواق حجة والحديدة
وبالقرب من الحدود أيضاً، حلّت محافظة حجة في المرتبة الثانية بعدد أسواقها المستهدفة على مدى الفترة الماضية من العدوان.. سوق عاهم الذي ضُرب كان قد قُصف سابقاً وسقط جراء ذلك 30 قتيلاً فيما أصيب العشرات. واستُهدف أيضاً سوق منطقة ظهر أبو طير في مديرية الشغادرة ، ما أدى إلى مقتل 40 مدنياً.
وتعرّضت مختلف الأسواق الواقعة على الحدود مع السعودية في حجة للدمار، وفي مقدمتها سوق كشر وسوق مثلث مديرية حيران وسوق المزرق، بالإضافة إلى أسواق مستباء وكل أسواق مدينة حرض الحدودية.
أما في محافظة الحديدة، فقد استهدف العدوان ثلاثة أسواق خلال فترات زمنية متقاربة، وكانت البداية باستهداف سوق مدينة زبيد التاريخية، وارتكبت مجزرة أوقعت 50 متسوقاً ، ثم استهداف سوق بيت الفقيه وسوق الضحي وسقط في تلك الهجمات عشرات الضحايا.