موقفُ الإيمان يتصدر المشهدَ العالمي
موقع أنصار الله || مقالات ||منير الشامي
في موقفٍ هو الأولُ من نوعه في تاريخ العرب المعاصر لم يسبق له مثيلٌ، رفض رئيسُ الوفد الوطني المفاوض الأُستاذ محمد عبدالسلام مقابلة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، والسفير البريطاني في سلطنة عُمان.
ولا عجبَ، فشتَّانَ ما بين موقف الحر الشجاع، وموقف المستعبد الذليل، وشتانَ بين من يملك قرارَه وإرادته وبين مسلوب الإرادَة والقرار، فالأول يعيش حياة العزة والشموخ وينافس الجبال في العلو والثبات، أما الثاني فهو فوق الأرض بلا حياة وباطنها خير له من ظاهرها.
ففي الوقت الذي يترامى قادةُ الأنظمة العربية ومسؤولوها تحت أقدام سفراء بريطانيا، ومبعوثي الأمم المتحدة وكل المسؤولين الغربيين، وينتظرون قرب حجابهم لشهور في انتظار مقابلتهم، يرى العالم السفير البريطاني والمبعوث الأممي إلى اليمن يطرقون كُـلَّ الأبواب باحثين عن وساطة لإقناع الأُستاذ محمد عبدالسلام بتحديد موعد لمقابلتهم حتى ولو لدقائق معدودة، إلا أنهم ورغم بحثهم الحثيث لم يجدوا من يساعدهم لتحقيق ذلك، ولن يجدوا.
رئيسُ وفدنا الوطني المفاوض الأُستاذ محمد عبدالسلام رفض مقابلةَ المبعوث الأممي غريفيث وسفير بريطانيا في مسقط احتجاجاً على تصعيد العدوان واستمراره واستمرار حصاره، واحتجازه لسفن المشتقات النفطية المتواصل، وردًّا أَيْـضاً على مواقف الأمم المتحدة التي ترى الشعب اليمني لسادس عام يعاني من الموت البطيء جراء أخطر وأكبر كارثة إنسانية يتعرض لها شعب على سطح المعمورة كنتيجة مبدئية عن عدوان غاشم لسادس عام تعمّد خلال أيامها ولياليها ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية للشعب، والتدمير الممنهج لمقدرات الوطن بغارات لم تتوقف لساعة واحدة تصب جامَ غضبها في كُـلِّ ساعة على مختلف المحافظات، وبحصار محكَم قرّب الآجال، وسرّع الحتوف وبحرب اقتصادية شاملة، زادت المجاعة، وعممت الفقر، ووسعت من انتشار الأوبئة الفتاكة وتفشي الأمراض القاتلة في شعب مُنع عنه الدواء وأُدخل إليه الداء، وتلك سياسة عدوان غاشم مسكوت عنه عربيًّا ودوليًّا، تباركها منظمة الأمم المتحدة، ومتخاذلة عن القيام بدورها الإنساني دون أن تحَرّك ساكناً لأداء ذلك الدور، بل على العكس من ذلك أظهرت تواطأها العلني مع المجرم ضد الضحية في كُـلّ مواقفها.. بل إنها تعمدت شطبَ الحسنة الوحيدة التي كانت قد فعلتها بضم تحالف العدوان إلى قائمة المجرمين بحق الأطفال.
تضج وتشجب وتندّد وتدينُ ببيانات طويلة كُـلَّ عملية من عمليات الرد المشروع ضد جرائم العدوان وعملياته، ولم تدن مجزرةً واحدة من مئات المجازر البشعة التي ارتكبها العدوان وما زال، ولم تكتفِ بذلك فحسب بل إن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن “غريفث” وكل من سبقه انحازوا في تقاريرهم، وإحاطاتهم دائماً إلى صفِّ العدوان فأدانوا الضحية، وبرأوا الجلاد وأظهروا أنفسهم فيها وكأنهم ناطقو العدوان في مجلس الأمن، لا مبعوثين دوليين يفترض أن يكونوا محايدين، وينقلون حقيقة الأحداث كما هي وكما شاهدوها في الواقع.
وأمام هذ الاختلال في الموازين، فقد رفض الأُستاذ محمد عبدالسلام مقابلة غريفيث، مؤكّـداً أن غريفث لا يحمل أيَّ جديد، ومؤكّـداً أن شعبنا العزيز متمسك بحقه في الدفاع عن نفسه، والرد على كُـلِّ جرائم العدوان وتصعيده وحصاره وقرصنته، وسيظلُّ إلى جانب الجيش واللجان في تنفيذ أقسى العمليات، ولن يمنعه أحدٌ من ممارسة حقه المشروع في الرد على ذلك بالطرق التي يراها مناسبةً وفي الوقت والمكان المناسبين.
هذا الموقف الشامخ، هو موقف العزة والإباء، موقف الشجعان الأحرار الذين يملكون قرارهم ويمارسون إرادتهم على درب نضالهم وجهادهم في الدفاع عن شعبهم وأرضهم، وهو أَيْـضاً الدليل الكافي والبرهان الشافي على نزاهة وإخلاص وفدنا الوطني وعلى تفانيه في حمل قضيته الوطنية، وعلى سعيه الحثيث وجهوده الكبيرة التي يبذلها لرفع المعاناة عن الشعب، وما سيتجلّى عن هذا الموقف الشجاع والنبيل من نتائج إيجابية لا حصر لها حاضراً ومستقبلاً، وسيقطفها الشعب اليمني تباعاً مع مرور الأيّام.
ما يعني ويعكس أنه أهلٌ لحمل هذه المسؤولية وجدير بحمل هذه الأمانة وأدائها على الوجه الذي يرضي الله ورسوله ووليه والمؤمنين.
ولا غرابة فمن نشأ على فطرة الله ونهل من معين الثقافة القرآنية هيهاتَ أن يكون ولاؤه لغير الله ورسوله والمؤمنين، فهو خريج مدرسة حسين العصر، وتلميذه، وهو سفير قائد الثورة ولسانه، وهو سياسي من صنع القرآن، ودبلوماسي تخرّج من وحي الفرقان، وهو الناطق الحصري لمظلومية الإنسان اليمني، هذا الموقف العظيم سيجبر العالم رغم نفاقه أن يقف أمامه موقف الإجلال والإكبار وينحني انحناء التقدير والاحترام رافعاً القبعات لليمن ولقيادته ولأُستاذنا العملاق رئيس الوفد المفاوض، وسيفتح الباب لعيون الأحرار لترى مظلومية الشعب اليمني عن كثب ولألباب الشرفاء ليقفوا مع مظلومية الشعب اليمني، كما أنه بهذا الموقف فرض ورقةَ ضغط قوية على الأمم المتحدة لتقف موقفاً مسؤولاً وبنّاءً تجاه معاناة الشعب اليمني، ويكفينا من هذا الموقف أنه جعل المرتزِقة يحتقرون أنفسهم ويستشعرون بمنزلتهم الدونية عن منازل البشر ويعترفون أنهم يُساقون كالأنعام.