ظلال الهزائم تخيّم على ميليشيا الإصلاح وتحالف العدوان يحشد العشرات من القاعدة وداعش إلى مارب
|| صحافة || الثورة
عقب ثورة 21 سبتمبر أحيت أمريكا تنظيماتها الإرهابية لمواجهة مشروع التحرر
من (جيش عدن) فإمارة (وقار) إلى الإنزال العسكري في (يكلا).. الماركة دائماً أمريكية
شكلت الهزائم المتتالية التي مُنيت بها داعش والقاعدة في عقر دارها خلال المعارك في الأيام الماضية لصالح القوات المسلحة اليمنية ، نتائج صادمة لحزب الإصلاح ولتحالف العدوان بقيادة السعودية وأمريكا، كما لعناصر التنظيمين الذين يقدر عددهم بالمئات، وينتشرون على طول خطوط القتال للدفاع عن مدينة مأرب.. وكانعكاس لهذه النتائج الصادمة يتحول التنظيمان من موقع المغيث إلى المستغيث، فمراكزهما الحصينة في البيضاء تهاوت في غضون أيام أمام عملية عسكرية مباغتة شنتها القوات المسلحة اليمنية والشعبية باتجاه معاقلهم الرئيسية في اليمن.
ويوم أمس أكدت القوات المسلحة اليمنية أن عملياتها بمحافظة البيضاء استهدفت أكبر وكر من أوكار العناصر التكفيرية الاستخباراتية التابعة لدول العدوان على مستوى الجزيرة العربية.
وأعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع في إيجاز صحفي اليوم، نجاح عمليات القوات المسلحة في مناطق قيفة (ولد ربيع والقرشية) ومناطق مجاورة بمحافظة البيضاء.
وأوضح أنه منذ اللحظة الأولى للعدوان انخرطت هذه الأدوات التكفيرية به وأوكلت إليها مهام عدة خلال السنوات الماضية، لافتا إلى أن منطقة العمليات شملت الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة البيضاء وتحديداً في مديريتي ولد ربيع والقرشية.
وأشار العميد سريع، إلى أنه جرى التقدم في الوقت المحدد وفق الخطة المرسومة وحصلت عدة مواجهات مع عناصر العدوان المرتبطة بأجهزة استخباراته.. لافتا أن العناصر التكفيرية حظيت برعاية مباشرة من قبل العدوان والمرتزقة خلال السنوات الماضية منها الدعم بالأسلحة المختلفة.
وأكد أن دول العدوان دعمت التكفيريين بالبيضاء بالمال والحماية الجوية والرعاية الطبية والتسهيلات المتعلقة بالتحرك من وإلى تلك المناطق.. مشيرا إلى أن القوات المسلحة تمتلك وثائق تؤكد مشاركة عناصر ما يسمى بالقاعدة وداعش في العدوان وتحديداً في صفوف المرتزقة.
التواجد القوي لـ(داعش) و(القاعدة) في البيضاء كان نتاج العمل المشترك القائم بين قوى تحالف العدوان والتنظمين، فغالباً ما كان العدوان لعقد صفقات مع القاعدة وداعش، يمنح بموجبه (داعش) و(القاعدة) مناطق نفوذ مقابل القتال في صفوفه -التحالف-، خصوصاً في المناطق التي تشتد فيها المعارك وتعجز فصائل العدوان المسلحة عن الصمود فيها.. آخر تلك الصفقات مع هذه التنظيمات كانت في محافظة البيضاء التي شهدت معارك شرسة سجلت فيها القوات المسلحة اليمنية انتصارات ساحة.
وقد شهدت المحافظة توافدا كبيرا لعناصر القاعدة وداعش مع تسليم العدوان أجزاء كبيرة من المحافظة لهم لإقامة معسكرات كبيرة.
على أن التواجد المبكر للجماعات المتطرفة كانت دائما تظهر وتبرز عقب تدخلات للجيش الأمريكي بالغارات وعمليات الإنزال العسكري بدعوى ملاحقة عناصر متهمة بعمليات ضد الجيش والمصالح الأمريكية كان آخرها عملية إنزال في منطقة يكلا برداع في محافظة البيضاء يناير 2017، عقب هجوم للطيران الأمريكي على المكان راح ضحيته العشرات، حينها اتهمت منظمة منظمة “سام” للحقوق والحريات الحكومة الأمريكية بانتهاك حق الحياة كحق مقدس لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة، إلا في الحالات المحددة في القانونين المحلي والدولي وبعد محاكمة عادلة، مؤكدة أن ما أقدمت علية الحكومة الأمريكية انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وتعد جسيم على حقوق الإنسان.
تغيير في المعادلة
عقب عملية (البنيان المرصوص) في فبراير 2020م التي خيمت بظلالها مهددة معقل تحالف العدوان في مأرب، السلطة الإخوانية هناك تغدو ملاذاً لحزب الإصلاح للدفاع عن وجوده في المدينة، ومعادلات الميدان اليمني تتحول لصالح القوات المسلحة اليمنية ، الوضع المستحدث يدفع الإصلاح وقادة التحالف إلى رفع وتيرة الاعتماد على الجماعات المسلحة، إذ شهد الوضع تناميا ملحوظا لوجود القاعدة في مدينة مأرب في محاولة لإبقائها تحت سيطرتهم، حتى إن وجودهم هذا أضحى علنياً في شوارع المدينة، ولم يعد مقتصراً على المواقع العسكرية والجبهات إلى جوار مقاتليهم من مليشيا الإصلاح وما يسمى الجيش الوطني.
وذكرت مصادر ميدانية بأن التنظيم حصل عقب عملية البنيان المرصوص على كميات هائلة من الذخيرة والأسلحة، والأموال تحت مسميات دعم المقاومة أو (الفدى) التي اعتاد التنظيم أخذها مقابل أشخاص يختطفهم، بالإضافة إلى حرية التنقل دون تفتيش لعناصره في أنحاء مأرب أو إمداداته باتجاه (قيفة) و(يكلا).
محاولة يائسة
ومنذ إبريل الماضي، تزايد أعداد مسلحي التنظيم في جبهات القتال في مديرية صرواح ومدغل وجبهات شرق مدينة مأرب، وكذا جبهات ماهلية والعبدية التي تقاتل فيها القوات المسلحة اليمنية بعد السيطرة على ردمان وقانية في البيضاء، وأفادت في حينها وسائل إعلامية محلية عن نقل عشرات من مسلحي التنظيم من المناطق الجنوبية من أبين، ومن وسط البلاد من معاقل القاعدة في البيضاء، وحتى من دول مثل سوريا، وليبيا، للقتال في مأرب وتعزيز مليشيا الإصلاح، رافق ذلك مساندة سياسية تجلت في ما أطلقه المبعوث الأممي مارتن غريفث من تحذيرات لصنعاء من استمرار معركة مأرب، أثناء زيارته للمحافظة ولقائه سلطان العرادة.
في مارس الماضي وعقب الضربات التي تلقتها من قبل القوات المسلحة اليمنية، خرج حزب الإصلاح مستنجدا بمقاتلي تنظيم القاعدة لإسناد خطوط دفاعه المنهارة بقصد حشد كم كبير من مقاتلي (القاعدة) و(داعش) إلى مأرب، وأفادت معلومات عسكرية بانتقال (320) من مسلحي التنظيم منهم (250) عنصراً تم جلبهم من مناطق الجنوب و(70) عنصراً من البيضاء، وقد جرى الأمر بدعم من تحالف العدوان، إذ أن انتقال هذا العدد من المقاتلين التكفيريين من مناطق الجنوب والبيضاء إلى مأرب لا يمكن أن يتم دون علم التحالف وموافقته، وقد استمر توافد عناصر التنظيم إلى مأرب خلال الأشهر الماضية وسجل شهر يوليو المنصرم وصول (80) من مسلحي القاعدة إلى مدينة مأرب.
وتفيد تقارير ومعلومات عسكرية بأن قيادات القاعدة استجابت لطلب (إصلاحي) بحشد من تبقى من مقاتليها إلى وادي عبيدة للانخراط في صفوفهم للقتال تحت غطاء ما يسمى المقاومة.
هذا الاعتماد المتزايد على مقاتلي القاعدة من قبل حزب الإصلاح وتحالف العدوان زاد من غرور قادة التنظيم وقد تجسد ذلك كما يبدو في اشتراطهم -التنظيم- مؤخراً على قوات الخائن هادي بأن يكون القتال لاستعادة قانية التي خسرتها قواته -الخائن هادي- مؤخراً تحت رايات التنظيم وليس تحت عباءة ما يسمى هادي.
(القاعدة) و(داعش).. بالمكشوف
مع توسع المعارك باتجاه العبدية وماهلية جنوب مأرب وبعد إقفال جبهة قانية وردمان، تحالف العدوان يدفع بعناصر من تنظيم القاعدة إلى الانخراط أكثر في القتال مع تنامي خشيتهم من قطع القوات المسلحة اليمنية للطريق الرابط بين يكلا ومأرب.
وذكرت معلومات متقاطعة أن زعيم التنظيم في شبه الجزيرة العربية مشارك بنفسه في جبهة ماهلية لرفع معنويات مسلحيه الذين خسروا مساحات واسعة من الأرض، فيما عقد وزير دفاع الخائن هادي محمد المقدشي مطلع يوليو الفائت اجتماعاً مع قيادات القاعدة في قيفة طلب خلاله حشد مقاتلين وفتح جبهة في قيفة لتشتيت القوات المسلحة اليمنية وإبطاء تقدمهم في ماهلية والعبدية، وقدم لهم في ذلك الاجتماع مبلغ (10) ملايين ريال كدفعة أولى لفتح الجبهة.
وبالتزامن مع ذلك، اجتماعات بين قيادات في القاعدة وحزب الإصلاح تناقش تفجير الأوضاع في منطقة الرياشية بالبيضاء لذات الهدف، عقب بروز انعطافه الصراع بين (القاعدة) و(داعش)، وأنشئت مراكز طبية لاستقبال جرحى القاعدة نتيجة القتال المتقطع مع تنظيم داعش في البيضاء، كما فتحت مشافي مأرب لاستقبال جرحى التنظيم تحت مسمى مقاومة، وجرى تأمين نقل الحالات الخطيرة إلى السعودية.
ساهم الصراع بين داعش والقاعدة في مناطق ولد ربيع بالبيضاء في كثير من الأحيان بفضح علاقة تنظيم القاعدة بحزب الإصلاح.. وفي ما يخص الانخراط المتزايد للقاعدة في القتال الدائر في مأرب نشر تنظيم داعش اعترافاً مصوراً ضمن فيلم وثائقي تم تسميته بـ”معذرة إلى ربكم” للقيادي السابق في تنظيم القاعدة أبو عبد الله الضالعي أواخر إبريل الماضي كشف فيه علاقة تنظيم القاعدة في مأرب بقوات هادي.. واستعرض تفاصيل وآلية استقبال أفراد التنظيم في المعسكرات التابعة لما تسمى “الشرعية “، كما تحدث عن مرافقته لزعيم تنظيم القاعدة في مأرب أبو فواز المأربي وأداء الجنود له التحية في النقاط على طول الطريق الموصلة إلى جبهة صرواح، وتزويده بالوقود من نفقات جيش الفار هادي.. وفي التسجيل أوضح كيف انه استغرب حين سأل عن وجود جبهة خاصة بالتنظيم، وقيل له (لا)، وأن مسلحي التنظيم مندمجون مع جنود الجيش ويوكل إليهم صد زحوف الطرف الآخر والحفاظ على مواقع الجيش من السقوط.
من جانب آخر قالت مصادر وثيقة لموقع “سوث 24” الجنوبي أن قائد اللواء الثالث حماية رئاسية “لؤي الزامكي” عين شقيقه “هيثم” في قيادة كتيبة عسكرية مستحدثة في اللواء معظم عناصرها من تنظيم القاعدة وأن هذه العناصر قدمت من محافظات البيضاء ومأرب واستقرت بمعسكر عكد الاستراتيجي في أبين.
وأكد الموقع حصوله على قائمة بأبرز القيادات لهذه الكتيبة والتي لها صلات مباشرة مع تنظيم القاعدة ومن بينهم “أبو سالم الوليدي، أحمد لبتر، منير الطوسلي، الخضر جديب، أبو منيرة المأربي، حزم بن مخاشن” وأفاد الموقع الإخباري أن هذه هي الكتيبة الثانية التي تتهم بضم عناصر للقاعدة بعد كتيبة أخرى أنشأها ذات اللواء وأولى قيادتها لشخص يدعى “مصطفى مهدي” وأن من شأن هذه المعلومات أن تعرض تحالف العدوان لحرج دولي كبير.
ظلال الهزائم
بحسب مراقبين، صدى سقوط معاقل داعش والقاعدة الأخيرة الأكثر تحصيناً في البيضاء لصالح القوات المسلحة اليمنية، وقبله سقوط معسكر اللبنات في الجوف قبل نحو شهرين من الآن، لن يلقي بظلاله على المعركة الدائرة في مأرب فحسب، وإنما على مستقبل الحرب في اليمن، وعودة تضارب المصالح من جديد بين شركاء تحالف العدوان من مليشيات داعشية وقاعدية وإصلاحية وسلفية متشددة ومجموعات قبلية منتفعة تتربص ببعضها لحظة أن ترفع الحرب أوزارها.
وكانت مجاميع قتالية تتبع تنظيم القاعدة انسحبت من معقلها الرئيسي في يكلأ بمنطقة قيفة التابعة لمحافظة البيضاء، إلى محافظة شبوة، بالتنسيق مع حزب الإصلاح اثر ضربات عسكرية موجعة قتلت وجرحت وأسرت العشرات، لتفرض القوات المسلحة اليمنية سيطرتهم على مواقع التنظيم في معقله الرئيسي في قيفة، وقرى الحنو والموطل في مركز منطقة يكلأ .. ووفقا لمصادر عسكرية فإن سيارات تابعة للتنظيم وصلت تباعا إلى وادي يشبم في منطقة الصعيد بمحافظة شبوة.
دموية (داعش) و(القاعدة) في البيضاء
كانت السمة الطاغى على سلوك التنظيمات الإرهابية التي حرص العدوان على زرعه في قلب البلاد هو العنف بالقتل والتدمير وعلى أشكال مختلفة.
الأجهزة الأمنية رصدت عددًا من العمليات الإجرامية التي نفذتها عناصر “داعش” و”القاعدة” في المحافظة.
وبحسب وزارة الداخلية فان الجماعات التكفيرية نفذت أكثر من (327) عملية إجرامية في البيضاء من يناير 2015م وحتى مايو 2020م ، كما نفذت (194) عملية تفجير عبوات ناسفة في الطرقات وأمام المنازل في المحافظة.
وفي عمليات الاغتيال، وزارة الداخلية تكشف: عناصر “داعش” و”القاعدة” نفذوا (27) عملية اغتيال منها (11) عملية فشلت في قتل الشخص المستهدف وبنتيجتها استشهد العديد من الأبرياء.
كما شملت عمليات “داعش” و”القاعدة” في البيضاء 59 عملية استهداف لأطقم الجيش والأمن.
وإلى ذلك أيضاً نجد طيران العدوان مساندا لهذه التنظيمات بعديد غارات لم تستثن شيئاً، بقصد بث الرعب في نفوس الأهالي وتهيئة الأجواء لاستمرار تواجدها وسيطرتها.
أبرز عمليات الإسناد الجو للعدوان في البيضاء كانت استهداف لمركز عفار الجمركي في محافظة البيضاء بعدة غارات أدت لسقوط شهداء وجرحى واحتراق عدد من الناقلات المحملة بالبضائع والمواد الغذائية .. وقد لاقت الجريمة تنديدا واستنكارا واسعين في الأوساط الشعبية والرسمية.
التنظيمات الإرهابية.. شيء من الماضي
كان ملفتا الظهور المفاجئ لعناصر القاعدة في اليمن عقب أحداث الـ11 من سبتمبر في اليمن من خلال بعض العمليات التي بتحليلها تتضح ذات الآلية التبريرية التي كانت تستخدمها أمريكا لدخول البلدان والعمل على إنشاء وجود ها بذريعة مكافحة هذه العناصر، مدعوما بمنحها شرعية التواجد بسماح النظام السابق لها في إطار ما صار إليه جمع عالمي كبير من مكافحة الإرهاب.
في هذا السياق، عناصر كانت في أفغانستان في مرحلة مواجهة السوفييت تحت قيادة بن لادن وبدعم من أمريكا، ينتقلون إلى اليمن وينخرطون في أعمال عنف لشهد مدينة عدن في 1992م هجمات ضد فنادق ومواقع سياحية يتواجد فيها عسكريون أمريكيون من العاملين في الصومال، كانت هذه محطة أولى أرادت من خلالها أمريكا التبرير لوضع قدم لها عن طريق (الإرهاب)، عززت الأمر كما كشفت عن ذلك التقارير بحادثة استهداف المدمرة الأمريكية “يو اس اس كول” في 12 أكتوبر 2000 بميناء عدن وقتل وجرح خلالها (47) بحارا أمريكيا، وتكرر الأمر مرة أخرى في هجوم مماثل وقع في 6 أكتوبر 2002م على ناقلة النفط الفرنسية “ليمبورغ” في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت.. العمليتان كانتا الأهم التي رأت من خلالهما أمريكا أن وجودها في اليمن أصبح أمراً حتمياً ولابد منه بدعوى حماية مصالحها ومصالح حلفائها من إرهاب القاعدة.
وقد رأى عدد من المحللين أن المخطط الأمريكي كان من السهولة بمكان أن ينطلي على النظام حينها، فقد مثلت اليمن -حسب رأيهم- بأبعادها الجغرافية ونظام الحكم الهش بيئة خصبة لتواجد التنظيم الوليد.. خصوصا وأن أحداثاً سابقة تعتبر في حكم التأسيسية عززت من إمكانية خلق مثل هذا الكيان في اليمن، ففي منتصف عام 1997م شهدت اليمن عمليا تأسيس أول جماعة جهادية منظمة بقيادة أبو حسن المحضار، تحت مسمى (جيش عدن أبين الإسلامي) الذي أعلن فيما بعد اعترافه بقيادة القاعدة، ونفذ عملية اختطاف 16 سائحا غربيا في 28 ديسمبر 1998م قُتل أربعة منهم خلال تحريرهم من الأجهزة الأمنية، وبعد مقتل هذا القيادي تولى قيادة التنظيم خالد عبد النبي.
على هذا النحو جرى رسم المخطط وعلى اثر جرى استباحة البلد للطيران الأمريكي ينفذ عمليات في ساحة اليمن حسب المحللون، ويؤكد عبدالمولى صدقي المتخصص العراقي بالجماعات الإرهابية، إن أمريكا كان لها غاية في اليمن زرعت لأجلها ما يسمى بالقاعدة من اجل أن تلقى لها كرت يخول لها التحرك في هذا البلد كيف ما تشاء مع عجز السلطة عن إبداء أي موقف لان الأمر سيحسب ضدها خصوصا وان اليمن منذ ما قبل ظهور هذه الجماعات كانت مصنفة بأنها إلى جانب أفغانستان بيئة مواتية لما اسمونه حينها بالجماعات الدينية المتطرفة.
خلفيات ظهور
تطورت تكتيكات تنظيم القاعدة أكثر ووصلت خطورته إلى محاولة اغتيال السفير البريطاني بصنعاء (تيم تورلت) في 26 ابريل 2010م، ومحاولة إرسال متفجرات من خلال طابعة عام 2010م إلى جمعيتين أمريكيتين لكن تم توقيفها في مطار دبي.
أنور العولقي الذي خرج من سجن الأمن السياسي( المخابرات اليمنية) بعد رحلة طويلة من الملاحقات بدأت بطرده من أمريكا وتوقيفه في بريطانيا وصولا إلى اعتقاله في اليمن اتهم بأنه العقل المدبر لهذه العمليات ما دفع بواشنطن إلى قتله في سبتمبر 2011م.
تقول دراسة (الإرهاب في اليمن.. من القاعدة إلى داعش) إن عام الثورة الشبابية السلمية في 2011 شهد كثيرا من المستجدات بشأن القاعدة التي استغلت ضعف الدولة وتراخيها وتلاعب النظام السابق في السيطرة على مناطق شاسعة وإعلان ما يعرف بـ(أنصار الشريعة) لتأسيس إمارة إسلامية في زنجبار بمحافظة أبين الجنوبية، وإمارة أخرى في عزان بشبوة وحضور في حضرموت والبيضاء. وصُنفت «أنصار الشريعة» – كأحد فروع التنظيم في المحافظات الجنوبية، وأعلن مسؤوليته عن مجموعة من العمليات العسكرية.
ففي مقابلة في أبريل 2011م، دعا قائد يدعى عادل العباب مجموعته من المجاهدين إلى القتال من أجل إقامة الشريعة (القانون الإسلامي) في اليمن. فضل العباب اسم «أنصار الشريعة» في المواجهات مع السكان المحليين، ولكنه اعترف بأنه يشعر بأنه جزء من القاعدة. وقال بأنه جزء من إعادة صياغة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، ومنذ ذلك الحين أصبحت تظهر في المحافظات الجنوبية ومنها أبين وشبوة في 2011م وأعلنت “إمارتها وقار (تم تغيير الاسم من جعار) ولم تنسحب منها إلا بعد هجوم مضاد شنته الحكومة اليمنية واللجان الشعبية المدعومة جوا من قبل سلاح الطيران الأميركي منتصف 2012م.
ادّعى العباب بأن مجموعته كانت متحالفة مع حركة طالبان الأفغانية وحركة الشباب الصومالية، وأعلن عن مقتله بغارة أمريكية في أغسطس 2012م.
أثار ظهور أنصار الله في المشهد مخاوف الأمريكان من فقدان السيطرة على الوضع الذي يمكنهم من التدخل السلس لما عرف عن أنصار الله من إمكانية في القضاء على مسميات الجماعات الإرهابية حسب الباحث صدقي.
هدأ وضع القاعدة ودعاوى مكافحة الإرهاب لفترة خصوصا مع اندلاع ثورات الربيع العربي في 2011، نجحت أمريكا بشك أو بآخر في السيطرة على الوضع في البلدان التي شهدت ثورات شبابية واستطاعت التغلغل حد التأثير في اختيار النظام، غير أن الوضع كان مختلفا في اليمن فظهور أنصار الله كقوة مؤثرة أربك الأمريكان ليجري تصعيد الأمور من اجل إعادة حركة عجلة فقد ظهر أنصار الله وفر (هادي) الذي كان يمثل لهم النظام البديل وهنا جرى إعادة إحياء ورقة الإرهاب والجماعات الإرهابية، و”عادت القاعدة إلى الواجهة دوليا بعد تبنيها الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية في يناير 2015″، ثم شكل النظام السعودي تحالفه العدواني على اليمن وحمل ضمن لافتاته “مكافحة الإرهاب في اليمن وتحرير مناطق في أبين وحضرموت من سيطرة أنصار الشريعة المحسوبة على تنظيم القاعدة.”، ومع ترامب حاكما لأمريكا وعقب ظهور صعوبة الأمر على التحالف السعودي تحقيق مقاصده في اليمن، ترامب يصدر توجيهاته ببدء عمليات عسكرية ضد القاعدة في اليمن، دشنت بعملية إنزال في منطقة يكلا برداع في محافظة البيضاء يناير 2017م.
بسند أمريكي
ومع تبين أن القاعدة لم تعد بتلك الورقة الرابحة وتراجع صيتها كقوة، يتأسس (داعش) و”هو اسم مختصر لتنظيم يسمي نفسه (دولة العراق والشام الإسلامية) وقد تبنى استراتيجية أكثر عنفا من تنظيم القاعدة، لكن عمليا يعد أحد وجوه تنظيم القاعدة الأكثر سوداوية.”، وقد ذاع صيت هذا التنظيم بعد ثورات الربيع العربي 2011م خاصة بعد سيطرته على مناطق في العراق وسوريا مستغلا حالة الحرب الدائرة هناك بين نظام بشار الأسد ومعارضيه.. يقول الباحث صدقي “تأسس تنظيــم الدولة الإسلاميــــة في العرا ق والشــــام بسند أمريكي”.
في البيضاء حيث جرى الإنزال الأمريكي ثم يصير التحول الدراماتيكي إلى خلو الساحة لتنظيمي القاعدة وداعش، تنشأ فجوة بين القاعدة والفرع اليمني لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش) أدت إلى نشوب مواجهات بين التنظيمين.
يلعب تنظيم (داعش) الذي لم يكن له وجود في اليمن إلا بعد ثورة 21سبتمبر، على العصبويات الطائفية والمناطقية ويستخدم الهجمات الأكثر وحشية.. وفي محاولاته التوسع والسيطرة فقد دشن عملياته المعلنة بتفجير مسجدي البدر والحشوش بصنعاء في 20 مارس 2015م، حينها ظهر “أول تسجيل صوتي لأشخاص من منطقة «يافع» بمحافظة لحج جنوبي العاصمة صنعاء يزعمون البيعة للتنظيم في 10 نوفمبر 2014”.
تقول دراسة (الإرهاب في اليمن.. من القاعدة إلى داعش) “ورغم الاغتيالات والعمليات الانتحارية المتعددة التي استهدفت مسئولين وعسكريين في عدن، إلا أن تنظيم الدولة ظل غير واضح المعالم غير قادر على الظهور.”، وتشير الدراسة إلى إن عام 2015 يعتبر هو أزهى أعوام «داعش» في اليمن حيث حاول فيها الازدهار من خلال استغلاله الفراغ الحاصل في المدن الواقعة تحت سيطرة حكومة (هادي).
وتقول الدراسة “لم يعرف من يقود تنظيم الدولة في اليمن إلا أن مصادر محلية أشارت لباحثي (أبعاد للدراسات) أن قائد التنظيم في عدن يدعى (أبو محمد العدني)، لكن ما هو مؤكد أن هناك خبراء أجانب متخصصين في تدريب مجندي داعش على القتل والاغتيالات والتصوير السينمائي لعملياتهم ما جعل هذا التنظيم قبلة للاختراقات.”، وكانت البيضاء واحدة من أهم المدن التي سعت القاعدة وداعش لتأسيس تنظيم قوي فيها.