إمام الجهاد.. بذل وعطاء و تضحية وفداء
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
يمثل الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، شخصية فذة أجمع قادة المذاهب الإسلامية على غزارة علمه، وقوة إيمانه، ونزاهته وورعه وتقواه، وشجاعته وبسالته وإقدامه، وسلامة وصوابية منهجه وأثره الطيب الذي خلفه، سار على خطى جده الإمام الحسين في مقارعته للظلم والطغيان، وثورته في وجه الإجرام والفساد والطاغوتية الأموية التي تجسدت في الطاغية الأموي هشام بن عبدالملك بن مروان، القاتل السفاح الذي بليت الأمة به، وبات من يدير شؤونها تحت مسمى ( خليفة المسلمين ) وهو النموذج الأكثر قذارة في الفسوق والفساد والظلم والطغيان والعصيان.
هذا الطاغوت الأموي الذي أمعن في خيانة الإسلام والمسلمين وتمادى في الإساءة لهما، لدرجة أنه سمح ليهودي بسب رسول الله في مجلسه، وعاتب الإمام زيد لمهاجمته لليهودي على هذا الفعل المشين، حيث اعتبر الطاغية هشام بن عبدالملك موقف الإمام زيد إيذاء لجليسه، ولم يأبه لسب اليهودي لرسول الله ولم يحرك ساكنا تجاه ذلك، هذا السقوط وهذا الانحراف والفساد والطغيان والتسلط الأموي دفع بإمام الجهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام للخروج ثائرا في وجه هذا الأفاك الدعي الذي اهان الأمة واستهان بها، لم يلزم الحياد، ولم يفضل القعود في مسجده، ولم يفضل الإقامة في منزله، ولم يداهن الطاغية هشام، بل خرج شاهرا سيفه، نصرة لدين الله وشريعة جده محمد بن عبدالله، هناك من طلب منه السكوت وعدم الوقوف في وجه طغيان وفساد هشام بن عبدالملك ولكنه يدرك تماما بأن الله لم يأمره بالسكوت ولا رسوله، حيث قال عبارته الشهيرة ( والله ما يدعني كتاب الله ان اسكت )،خرج ثائرا مجاهدا في سبيل الله، فسقط شهيدا في ساحات الوغى في العام 122هجرية، وتعرض لأبشع صور وأشكال التنكيل، حيث أخرج الأعداء جثته، وقطعوا رأسه، ومن ثم صلبوه، ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بإحراق جثته وذر رمادها في الفرات، لمحو أثره.
هذه النزعة الوحشية الأموية الداعشية التي دفعت بهذا المجرم الأموي إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة التي تغضب الله ورسوله هي ذاتها التي نشاهدها اليوم في عدوان السعودية والإمارات وتحالفهما الإجرامي ومرتزقتهما وأدواتهما التكفيرية الإجرامية التي تمارس ذات الجرائم، بذات النزعة العدائية، والروح الإجرامية، والسلوك الإجرامي البشع، حيث تمثل هذه الأنظمة والعناصر والجماعات امتدادا للإجرام والتوحش الأموي الذي يمثل نقطة سوداء في التاريخ الإسلامي، فمن خرجوا ضد طاغوتية وإجرام وتسلط وعنجهية وفساد آل سعود والفكر الوهابي الأموي، يمثلون امتدادا لثورة الإمام زيد ضد طاغوتية هشام بن عبدالملك وزبانيته، فلا يمكن لمؤمن يشهد لله بالوحدانية وللرسول الأعظم بالنبوة أن يلزم الصمت وهو يشاهد كل هذه المعاصي والجرائم والمنكرات التي يرتكبها التحالف السعودي في حق اليمنيين رجالا ونساء وأطفالا، شعب يتعرض لعدوان غاشم وحصار جائر لأكثر من خمس سنوات ونصف.
ثلاث سنوات فقط بين استشهاد الإمام زيد وهلاك الطاغية هشام بن عبدالملك، وعشر سنوات بين استشهاد الإمام زيد وسقوط دولة بني أمية التي مثلت لعنة في تاريخ الأمة، حيث عجلت مظلومية الإمام زيد في سقوط هذه الوكر الشيطاني الذي ظل ينخر في جسد الإسلام والمسلمين، سقط بنو أمية، وظل وما يزال وسيظل تاريخهم لعنة تلاحقهم تتناقلها الأجيال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وظل وما يزال وسيظل الإمام زيد حاضرا وحيا في ضمير أحرار وشرفاء الأمة الذين كان الإمام زيد وما يزال بالنسبة لهم القدوة والمثل الأعلى، يستلهمون من سيرته وتاريخه الثوري الرافض للظلم والطاغوت والإجرام والتسلط روح الجهاد والبذل والتضحية والفداء والمجاهرة بالحق في وجه الباطل تحقيقا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بالمختصر المفيد، في ذكرى استشهاد إمام الجهاد الثائر الحر الإمام زيد بن علي عليه السلام، حري بنا جميعا السير على خطاه واقتفاء أثره، والتأسي والاقتداء به، وخصوصا ونحن نتعرض لمظلومية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، مظلومية تستدعي نصرتها والوقوف إلى صفها، من خلال المشاركة في شرف التصدي للعدوان والدفاع عن الوطن من طغاة ومجرمي هذا العصر الذين لا يقلون وحشية وإجراما عن طواغيت ومجرمي بني أمية.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.