( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) 1436

‏موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) تحت هذا الشعار الذي تضمنته الآية الكريمة سالفة الذكر احتفل اليمنيون واليمنيات كبارا وصغارا بذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1436هـ في أجواء إيمانية، سادتها مشاعر البهجة والفرح والسرور، استجابة للأمر الإلهي ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) فالرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الرحمة المهداة للبشرية، أرسله الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين.

كان صلوات الله عليه وآله رحمة شاملة للعالمين، فكان رحيما في تعامله وسيرته، يتلَّمس ويتفقد أوضاع الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، كان رحيما بالجار ووصى عليه تنفيذا للتوجيهات الربانية التي حملها له جبريل عليه السلام والتي أشار إليها في الحديث النبوي الشريف ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) وكان رحيما باليتامى حانيا عليهم، وكان رحيما بالنساء حيث ورد عنه في الأثر النبوي ( رفقا بالقوارير ) وكان رحيما بالإنسان والحيوان، حتى مع الأعداء ضرب أروع الأمثلة في الحلم والصبر، وشاهدنا خلال فتح مكة كيف تعامل مع كفار قريش الذين ناصبوه العداء والكراهية وتعرض ورفاقه لصنوف الإيذاء خلال تواجده في مكة، مما دفع به للهجرة إلى المدينة تنفيذا للتوجيهات الربانية والتي شكّلت محطة هامة في تاريخ بناء الدولة الإسلامية.

كان رحيما بالمهاجرين والأنصار وهم يضعون أولى خطوات بناء الدولة الإسلامية المتمثلة في بناء المسجد، كان قريبا منهم، مساعدا لهم، ومن رحمته بالمهاجرين مبادرته الحكيمة الرحيمة المؤاخاة بينهم وبين الأنصار في واحدة من أروع وأعظم صور التكافل والتراحم، لم يظهر غلظته وشدته إلا مع الأعداء، أما مع آل بيته وأصحابه فكان رحيما، وكانت رحمته إنموذجا فيما يتعلق بتعامله مع الإمامين الأعظمين سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، حيث منحهما من العطف والرعاية والحنان ما لا يتسع المجال لذكره هنا.

كانت نسائم رحمته تُعطِّر الأجواء والأمكنة التي يمر فيها، يحنُّ على هذا، ويعطف على هذا، ويرسم الفرح على محياهم، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ومن صور وشمائل رحمته ما تضمنته الكثير من الأحاديث النبوية والتي تعكس رحمته وحرصه على أمته ورفقه بهم، فلم يشق عليهم، وظل حتى توفاه الله عنوانا للرحمة التي أهداها الله للعالمين، للأخذ بأيديهم إلى كل خير، وتحصينهم من كل شر، ليعيشوا حياة كريمة ترتقي وآدميتهم، وتحقق الغاية من خلقهم وهي التسليم والخضوع والعبودية لله عز وجل، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين.

وأمام هذه الرحمة المهداة حري بنا الاحتفال بذكرى مولده، والعمل على تجسيد شمائل الرحمة التي كان يتمثلها والتي عرف وتميَّز بها، وجعلها الله غاية وهدفا لرسالة الإسلام التي خص بها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) فعلينا في هذه المناسبة أن نكون كما كان رسول الله رحماء فيما بيننا، رحماء في جانب التكافل الاجتماعي، رحماء في تعاملاتنا مع بعضنا بعضا، رحماء في تعاطينا مع الملفات والقضايا التي تواجهنا، رحماء بأسر الشهداء والأسرى والمفقودين، رحماء بالجرحى، رحماء بمن اشتق الله اسمهن من الرحمة وهن الأرحام، فكيف يحتفل بمولد نبي الرحمة من تحل عليه هذه المناسبة وهو مقاطع لأرحامه ؟!! النبي لا يريد من هؤلاء الاحتفال بمولده وهم على هذا الحال التعيس في علاقتهم مع أرحامهم، وهي فرصة لهؤلاء للمبادرة إلى صلة أرحامهم، إذا ما أرادوا حصد ثمار تعظيم هذه الشعيرة الدينية.

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا